لم تكتف الوزارة بقرارها عرض القلادة ضمن مقتنيات صاحب "اللص والكلاب" (1961)، بل صادقت على إعادة "جائزة نجيب محفوظ" التي توقّفت عام 1999 من دون إبداء الأسباب حينها وربما نسيها الجميع، وهي تعود اليوم "لإحياء اسم شيخ الروائيين وتراثه الإبداعي، وتشجيع أجيال جديدة من المبدعين"، بحسب القائمين عليها.
الجائزة التي تسلّمها في دورة سابقة الروائي الموريتاني موسى ولد إبنو (1956)، تبلغ قيمتها 25 ألف جنيه، وبعد إعادتها بيومين جرى زيادتها لتصل إلى 40 ألفاً (2200 دولار)، إضافة إلى طباعة العمل الفائز، كما أن الترشّح إليها سيكون متاحاً للروائيين المصريين والعرب على حد سواء.
اهتمام المؤسسة الرسمية بصاحب "السراب" (1948) لم يخرج عن إطار الاحتفاء الموسمي الذي يأتي لحظة ويغيب سنوات، إذ تسهل المقارنة مع الجائزة التي تحمل اسمه أيضاً وتقدّمها "الجامعة الأميركية" في القاهرة، في حفل سنوي منتظم يقام في يوم مولد محفوظ، ولم يتغير موعده في جميع الدورات السابقة، منذ إطلاقها عام 1996، بمقابل رمزي يعادل 1000 دولار، وأن تترجم الرواية الفائزة إلى اللغة الإنكليزية.
رغم اعتراض العديد من المثقفين على سلوك النظام تجاه أحد أبرز مؤسسي الرواية العربية المعاصرة، بعد الحديث الذي أدلت به ابنة صاحب "العائش في الحقيقة"، إلّا أن الأمر لا يعدو كونه زوبعة في فنجان، حيث يصمت المعترضون سريعاً –كالعادة- ويواصلون سعيهم لتحقيق مكاسب ومنافع شخصية ضمن قانون السلطة الذي يمنح الإكراميات والرشى والترضيات ولا ينصف الثقافة وأهلها طوال العهود السابقة.
ما يحصل مع محفوظ ينطبق على رموز الأدب والفن جميعهم، فلا يمكن لأحد أن يضمن استمرارية جائزته ولا موعداً ثابتاً لافتتاح متحف يحمل اسمه وماذا سيقدّم فيه؟ إذ صدرت قرارات رسمية بتحويل بيوت كتّاب وفنانين إلى متاحف باعتبارها جزءاً من التراث المصري، إلاّ أن أغلبها لم ينفّذ، كما هو الحال مع منزل الشاعر أحمد رامي في حدائق القبة، ومنزل بيرم التونسي في الإسكندرية، ومنزل هدى شعراوي في المنيا.