نتنياهو يلوّح من واشنطن بمواجهة إيران

06 مارس 2018
أخذ نتنياهو ما يشبه التفويض للتصرّف في المنطقة (الأناضول)
+ الخط -

إذا كان موضوع القدس ونقل السفارة الأميركية إليها قد طغى على مؤتمر اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، كما على لقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس، في البيت الأبيض، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ فإن إيران كانت العلامة الفارقة والأهم في خطاب هذا الأخير اليوم أمام المؤتمرين.

لكن آخرين تحدّثوا قبله عن هذا الملف محتدم الجدل في واشنطن؛ كان أبرزهم نائب الرئيس، مايك بانس، الذي جدّد التزام أميركا بعدم السماح لإيران بامتلاك النووي. وكذلك زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل، الذي أكد على التعهّد بمنح إسرائيل "الدعم الأميركي القوي، الدبلوماسي والعسكري" لمواجهة "سياسات إيران العدوانية"؛ مسجلاً مآخذه على الاتفاق النووي "المعطوب الذي عزّز طموحات طهران الإقليمية".

لكن نتنياهو ذهب في خطابه إلى أبعد من هذه السردية؛ فقد تحدّث بلغة المواجهة المقبلة مع إيران وبصيغة الجزم: "علينا وقفها عند حدها وسنفعل"؛ عبارة كررها مرتين، تحت ذريعة أن طهران "تتقدّم إلى مقربة من إسرائيل لمهاجمتنا ونحن لن ندع ذلك يحصل".

بهذا الكلام، بدا نتنياهو كأنه يمهّد لسيناريو عسكري كانت إسرائيل قد بدأت، قبل أسبوعين، تنفيذ حلقاته الميدانية الأولية في سورية. حينذاك تقاطعت القراءات في واشنطن عند الاعتقاد بأن مصادمة عسكرية بين إسرائيل وإيران، أو قوات محسوبة عليها، باتت مسألة وقت.



على هذه الخلفية، تعمّد نتنياهو، المستقوي بإدارة متطابقة مواقفها مع سياساته، التلويح المبطن بالخيار العسكري ضد إيران، التي تثير خشية بلدان المنطقة "المدركة أن إسرائيل ليست الخطر"، فهي حسب زعمه "عازمة على تحقيق السلام". وذرف دموع التماسيح على هذا السلام الذي يقف الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في طريقه "بدعمه للإرهاب.. إذ يدفع مكافآت مالية شهرية لقاتلي اليهود". تلفيقة نجحت أبواقه في واشنطن في تسويقها وتعميمها، خاصة في أوساط الكونغرس.

وخلال استقباله نتنياهو في البيت الأبيض، قال الرئيس ترامب بأن العلاقات مع إسرائيل الآن "أفضل من أي وقت مضى". توصيف صحيح وصادق تماماً، على ندرة الصدق هذه الأيام في واشنطن. هذه العلاقات كانت دوماً من طراز خاص، لكن لم يسبق أن كانت فوق العادة كما هي الآن. إدارة ترامب أعطت إسرائيل شكاً على بياض: شطبت حل الدولتين من أجندتها؛ اعترفت بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل؛ نقلت السفارة وتعهّدت بحماية تامة لإسرائيل في الأمم المتحدة التي "ولّى" زمان انحيازها ضد تل أبيب، كما قال الرئيس ترامب.

والآن يأخذ نتنياهو ما يُشبه التفويض للتصرّف في المنطقة، بينما يخشى مراقبون من أن يسارع رئيس حكومة إسرائيل، المحاصر بتحقيقات واتهامات قد تطيحه، إلى الورقة الخارجية تحت ستار الضرورات الأمنية التي يعرف أنها توفر له الالتفاف الداخلي الواسع؛ بحيث يفتح مواجهة واسعة على المسرح السوري أو اللبناني. خاصة أن الأزمة الكورية تتجه نحو الحلحلة، بفتح الحوار الشمالي الجنوبي، وربما الشمالي الأميركي، وبما يحرر واشنطن في المدى القريب من الانشغال بها، ومن ثم التفرّغ لمصادمات شرق أوسطية يرى نتنياهو بأنها واجبة.