مُعلّم يُلَقّنُني بين الأَمواج

17 يونيو 2017
الشاعر
+ الخط -

الإثنين: أبو زُرَيْق الْبَصِيرُ

لديَّ طائرُ أبو زُرَيْقٍ بِنَظرٍ لا يسْهو عن شيءٍ.
ولو أنه هارب، فهو هنا، وربما مُصادَفة،
يَشُدُّ بِخَيْطٍ، عند انزلاقٍ فَسقوطٍ
على كومة عُشب مُنتزَه إِيبِيرَابْوِيرَا.
في أرض برِّيّة، وبعيداً عن التزام الهدوء
يُعلنُ أبو زُرَيْقٍ عن ذاتِه، يُلحُّ على تحليقٍ غيْرِ مُضِلّ،
يَعْبُرُ الأثيرَ ويُلغي الرغبةَ ذاهِبًا على جانبه،
يَتَخَفَّى بِأَفْضلِ مكانٍ، ويكون إدراكُه وسَطَ السَّرْخَس.
يُكرِّر قَفْزَةً هي خَطٌّ، ويَضُمُّ المزيدَ،
يَغُشُّ مُدرِّبَه باكرًا.
كلاهما يَحْتَفِي باللحظة، يُعاكِس المَثَلَ
يُوشِكُ دوْمًا أنْ يُضيِّعَ الفرصةَ،
يُقلِّبُ في التُّراب الطيِّع، وفوقَ الأوراق النَّديّةِ،
إحساسٌ عميقٌ بالهَجْرِ.

■ ■ ■


الأربعاء: الشاعر

أيُّ فكرةٍ تَلْتَمِعُ في رَأسِهِ؟ أتَكونُ كَمَانًا رنّانًا،
آلةً تَعْرِفُ التَّرتيبَ، وتُمْلي على سَمْعِه
اعترافاتٍ متواصلة، وتفاصيلَ منْ حياةٍ مُتحلِّلةٍ في ماء،
لسْتُ أدري إنْ كان يَعْرف السباحة، ومع ذلك، فهي حياةُ ترحال،
أو نَغَمٌ، أو انْحِرافاتُ مالْدُورُورْ.

■ ■ ■


الخميس: طالِيتَا كُومِي

مارُوسَا دِي جِيورْجِيُو

أُمُّ طائرِ أبي زُرَيْقٍ تَنْعُبُ الآنَ كيْ تُسْمَعَ،
وتطلُبُ، تُلِحُّ عليَّ كي أُبَلِّلَ عَظْمَها اللَّيّن في الشوكولاتة.
يا لها من جرّيئةٍ الأمُّ مارُوسَا عند التحدُّث هكذا، وأنا أسعى إلى العثور
على اسْمٍ لأشيائِها، كيف أقولُ سائِلًا مُلوَّثًا،
كيفَ أعتقل تلك القِطَط المُتعقِّبَة والفاجرة،
ماذا أقولُ عن الخَيَّاط وعن بيتِ الجَدَّيْن، والأُمِّ،
مارُوسَا، تلك الصَّرْخة اللاتُدْرَك، والأضواءُ الصغيرة، والانحطاطُ،
بيضاءُ هي الطُّرُقُ والكلابُ تَنْبَحُ في وَجْهِ الرِّياحِ الأرْبَعِ.
أيها الحبُّ، كلُّ ضربةٍ من حُبِّي هي نَعِيبٌ، وطائرٌ
يَبْتَلِعُ الحرِّيّةَ المَيِّتَةَ في اليَدِ، المُسَمَّرةَ في جسَدِ
الطِّفْلَةِ أَغَاتا، آهٍ يا تَعِيسةُ، آهٍ من العودةِ إلى الظُّلمة،
لِذَا ها أنتَ تَنْهَشُ الْكِلابَ.

■ ■ ■


رُؤْيَا الْقَلَم

(إلى بْلانْكا أَنْدْرِيُّو)

أنا في حديقةٍ غَنَّاءَ
بها شجرتا سَرْوٍ رُمْحِيّتا الشَّكْل، وشَجَرَةُ دُرّاقٍ
مُزْهِرَةٌ، ونافورةٌ. حَسِبْتُها لكَمَالِها
بُسْتَانًا فارِسِيًّا. وبينما أتأمَّلُ
في اسْتِغْرَاقٍ تَفَتُّقَ وَرْدَةٍ
رَدَّنِي صَوْتٌ إلى سِحْرِ البُسْتانِ،
صَوْتٌ غريبٌ، صَوْتُ خُنْثًى: خُذِ الْقَلَمَ
واكْتُبْ، خُذِ القَلَمَ واكْتُبْ ما تَعْرِفُ.

■ ■ ■


رؤيا السُّوق

(إلى كُونْشِي خُوباني)

قُلْتُ لكِ: ستكونُ زيارةُ سوق الجزيرةِ الخضْراءِ
الشيءَ الوحيدَ الذي سَيُوقِفُنا.

اَلْبَحْرُ الّذِي يَتَجَلّى دونَ أَنْ يُرى،
إنّه مملكةُ قُوّةٍ تَتَثَبَّتُ في الرَّأسِ
بِلَوْنٍ زُمرَّدةٍ جبّارٍ.

جُبْنا طريقًا تَحُفُّهُ أشجارُ زيتونٍ بَنَفْسَجِيٍّ،
وليمونٍ مَقْطوعٍ يرُشُّ الوجْهَ،
وسِلالِ تِينٍ يابسٍ تُخْفِي أفْعَى النّاشِرِ،
ولَحْمِ سَمَكِ "أبو سَيْف" حَيْثُ القَلْبُ يتأوَّهُ.

قَبْلَ فَتْحِ العيْنيْن بقليل
حركةُ يديْكِ بيْنَ السَّمَكِ
ترفعني في الْفَضاءِ في اكْتِمالِ
مَلاكٍ استمر حَيًّا.

■ ■ ■


رؤيا سفينةِ "دُوتْشْلانْد"

اللَّوْنُ الْفَرِيدُ لِلْبَحْرِ يَأْسَرُني،
هو مُعلِّمُ جَسَدي الذي يُلَقِّنُني بَيْنَ الْأَمْواجِ،
أَسَتَفْرِضُ الحياةُ المادّيةُ أُسْتَاذِيَّتَها
أمْ سأُواصِلُ العيشَ هكذا، يا لَيْلَ عيْنيَّ المَأتَمِيَّ،
مَنْسِيًّا مِنْ قِبَل الله، مُشْرِفًا على الموْتِ؟
المِلْحُ غَذائي، يَسْرِي فِي أَوْرِدَتِي،
رسُولُ سَكِينَةٍ مجهولٌ، أَقْبَلكَ الآن،
خُذْني من قَدَمَيَّ فَهُما لا تُقاوِمانِ
في هُوَّةِ دَوَّامَةِ الضَّوْءِ هذه.


* Rodolfo Häsler شاعر من مواليد مدينة سانتياغو دي كوبا عام (1958) ويعيش اليوم في برشلونة.

** ترجمة عن الإسبانية: مزوار الإدريسي

المساهمون