بشيء من الخفر، استعدّ مسيحيّو الأردن للاحتفال بعيد الميلاد. فطقوس العيد تغيّرت جذرياً في السنوات الماضية، نتيجة الأوضاع الاقتصاديّة الصعبة التي يعيشها الأردنيّون. هكذا، أصبحت ذكريات الطقوس الجملية قصصاً يحكيها كبار السنّ.
وفقاً لإحصائيات كنسيّة صادرة في عام 2012، يتراوح عدد الأردنيّين المسيحيّين ما بين 170 و190 ألف أردنيّ يتوزّعون على مختلف الطوائف والمحافظات الأردنيّة.
من يتجوّل في المدن الأردنيّة، يلمس تراجع بهجة العيد. قليلة هي البيوت التي زيّنت مداخلها مثلاً، وقد أتت الزينة متواضعة. أما في المدن ذات الأغلبيّة المسيحيّة، فقد زُيّنت الساحات والكنائس بأشجار ضخمة.
روزين صويص (72 عاماً) من سكان مدينة مادبا (30 كيلومتراً جنوب عمّان). تستعيد ذكرياتها وتروي: "كنا نستعد للعيد قبل أسبوعَين من موعده. ننظّف المنزل ونعدّ خبز الغريبة والحلويات في مطابخنا". وأكثر ما تفتقده صويص في العيد هو رائحة القهوة التي كان يتمّ تحميصها في البيوت. وبشيء من الحنين، تقول: "يا محلا رائحة القهوة والهيل على المحماص. كانت تفوح في كل البيوت.. بيوت المسلمين والمسيحيّين. لكنها اليوم لم تعد كذلك. الناس يشترون قهوتهم من المحلات، من دون رائحة ولا طعم".
وتتذكر أن شجرة عيد الميلاد كانت تُزيّن في كل البيوت، ويتمّ اختيار واحدة من الأشجار المزروعة. وهي كانت تتشارك وأقرانها في زراعة بذور الحمص والعدس. "كنا ننثرها على القطن في صحون زجاجيّة قبل أسبوع من العيد، لنضعها بعد أن تطلق براعمها تحت شجرة الميلاد تعبيراً عن بذور الحياة الجديدة". تضيف بحسرة، "لكن كل تلك الطقوس انتهت. واليوم أصبح للعيد طقوس جديدة غريبة عني".
من جهتها، تسأل روز فرح (54 عاماً): "أين بابا نويل رجل المحبة والسلام بزيّه الأحمر ولحيته البيضاء الطويلة وكيسه المحمل بالهدايا؟ هل سنراه هذا العام؟ هو اختفى قبل سنوات، ونحن لم نعد ننتظر وراء النافذة، ولم نعد نجد هدايانا تحت شجرة الميلاد".
وفرح التي عاشت طفولتها في فلسطين قبل أن تنتقل للإقامة في العاصمة عمّان، تقول: "في طفولتنا كنا ننتظر بابا نويل طوال الليل. وبعدما يغلبنا النوم، نستيقظ فجأة ونركض صوب شجرة الميلاد، فنجد هدايانا وقد كُتبت عليها أسماؤنا".
وتخبر أن "في ذلك الزمن، كانت والدتي ونساء الحي يبدأن بالتحضير للعيد بشكل جماعي. واليوم العائلات متفرّقة والأبواب لم تعد مفتوحة على الجيران".
تضيف بحزن: "لا نكهة للعيد. كثيرة هي العائلات المهمومة. بالنسبة لي مثلاً، أختي تعيش في مدينة حلب وقبل أيام خلال حديث معها، أصيب منزلها بقذيفة. كيف ستحتفل بالعيد؟ وكيف سأحتفل أنا؟ كذلك، لي أخت أخرى تعيش في لبنان وهي تشتكي ارتفاع كلف المعيشة التي تحرمها من فرحة العيد". ولا تنسى أن تتحدّث عن حزنها من جرّاء تهجير مسيحيّي العراق من الموصل، الذين سيقضون عيدهم الأول، وهم مطرودون من مدينتهم.
إلى ذلك، تشير فرح التي كانت في زيارة الشهر الماضي لفلسطين، إلى أن الحزن يملأ قلوب المسيحيّين هناك، نتيجة إجراءات قوات الاحتلال التي تضيّق عليهم حياتهم وتنغّص فرحتهم بالعيد.
وتسأل: "أي عيد هو الذي سيأتي والناس لم يعودوا يزورون بعضهم بعضاً؟ أين تلك الأيام التي كنا نتشارك فيها مسيحيّين ومسلمين في إعداد الحلويات للعيد". وتنتقد اقتصار العيد على الزيارات العائليّة المحصورة. وتتذكّر والدتها التي كانت تقوم بتوزيع الشوكولاتة والحلويات على كل من يمر بالطريق". وتتابع: "أين الأيام التي كانت فيه أحلام الأطفال، طفوليّة؟ لو حضر بابا نويل اليوم وسأل طفلاً عن الهدية التي يرغب بها، لطلب الأخير هاتفاً محمولاً".
إلى ذلك، تركت الأوضاع الاقتصاديّة أثرها في العيد، وأعاق عدم صرف الرواتب قدرة العديد من العائلات المسيحيّة عن شراء مستلزمات العيد.
رانيا عويس من مدينة الزرقاء (20 كيلومتراً شمال شرق عمّان)، لم تشترِ ملابس العيد لأبنائها الثلاثة، ولم تشترِ حاجيات العيد. فزوجها الذي يعمل موظفاً في القطاع الخاص، لم يستلم بعد راتبه الذي يُصرف عادة نهاية الشهر. وتؤكّد أن "فرحة العيد ليست كالعام الماضي ولا الزينة. نعاني من ارتفاع الأسعار، وما سمعته من الجارات أحبطني. لم تعد لدي رغبة في النزول إلى السوق". أما عاليا بكير من المدينة نفسها، فقد أعدت خطة تقشفيّة للعيد بسبب الوضع الاقتصادي. تخبر أنها لن تخرج مع عائلتها في العيد، وستكتفي بتناول الطعام في المنزل وتبادل الزيارات الضروريّة.
وفقاً لإحصائيات كنسيّة صادرة في عام 2012، يتراوح عدد الأردنيّين المسيحيّين ما بين 170 و190 ألف أردنيّ يتوزّعون على مختلف الطوائف والمحافظات الأردنيّة.
من يتجوّل في المدن الأردنيّة، يلمس تراجع بهجة العيد. قليلة هي البيوت التي زيّنت مداخلها مثلاً، وقد أتت الزينة متواضعة. أما في المدن ذات الأغلبيّة المسيحيّة، فقد زُيّنت الساحات والكنائس بأشجار ضخمة.
روزين صويص (72 عاماً) من سكان مدينة مادبا (30 كيلومتراً جنوب عمّان). تستعيد ذكرياتها وتروي: "كنا نستعد للعيد قبل أسبوعَين من موعده. ننظّف المنزل ونعدّ خبز الغريبة والحلويات في مطابخنا". وأكثر ما تفتقده صويص في العيد هو رائحة القهوة التي كان يتمّ تحميصها في البيوت. وبشيء من الحنين، تقول: "يا محلا رائحة القهوة والهيل على المحماص. كانت تفوح في كل البيوت.. بيوت المسلمين والمسيحيّين. لكنها اليوم لم تعد كذلك. الناس يشترون قهوتهم من المحلات، من دون رائحة ولا طعم".
وتتذكر أن شجرة عيد الميلاد كانت تُزيّن في كل البيوت، ويتمّ اختيار واحدة من الأشجار المزروعة. وهي كانت تتشارك وأقرانها في زراعة بذور الحمص والعدس. "كنا ننثرها على القطن في صحون زجاجيّة قبل أسبوع من العيد، لنضعها بعد أن تطلق براعمها تحت شجرة الميلاد تعبيراً عن بذور الحياة الجديدة". تضيف بحسرة، "لكن كل تلك الطقوس انتهت. واليوم أصبح للعيد طقوس جديدة غريبة عني".
من جهتها، تسأل روز فرح (54 عاماً): "أين بابا نويل رجل المحبة والسلام بزيّه الأحمر ولحيته البيضاء الطويلة وكيسه المحمل بالهدايا؟ هل سنراه هذا العام؟ هو اختفى قبل سنوات، ونحن لم نعد ننتظر وراء النافذة، ولم نعد نجد هدايانا تحت شجرة الميلاد".
وفرح التي عاشت طفولتها في فلسطين قبل أن تنتقل للإقامة في العاصمة عمّان، تقول: "في طفولتنا كنا ننتظر بابا نويل طوال الليل. وبعدما يغلبنا النوم، نستيقظ فجأة ونركض صوب شجرة الميلاد، فنجد هدايانا وقد كُتبت عليها أسماؤنا".
وتخبر أن "في ذلك الزمن، كانت والدتي ونساء الحي يبدأن بالتحضير للعيد بشكل جماعي. واليوم العائلات متفرّقة والأبواب لم تعد مفتوحة على الجيران".
تضيف بحزن: "لا نكهة للعيد. كثيرة هي العائلات المهمومة. بالنسبة لي مثلاً، أختي تعيش في مدينة حلب وقبل أيام خلال حديث معها، أصيب منزلها بقذيفة. كيف ستحتفل بالعيد؟ وكيف سأحتفل أنا؟ كذلك، لي أخت أخرى تعيش في لبنان وهي تشتكي ارتفاع كلف المعيشة التي تحرمها من فرحة العيد". ولا تنسى أن تتحدّث عن حزنها من جرّاء تهجير مسيحيّي العراق من الموصل، الذين سيقضون عيدهم الأول، وهم مطرودون من مدينتهم.
إلى ذلك، تشير فرح التي كانت في زيارة الشهر الماضي لفلسطين، إلى أن الحزن يملأ قلوب المسيحيّين هناك، نتيجة إجراءات قوات الاحتلال التي تضيّق عليهم حياتهم وتنغّص فرحتهم بالعيد.
وتسأل: "أي عيد هو الذي سيأتي والناس لم يعودوا يزورون بعضهم بعضاً؟ أين تلك الأيام التي كنا نتشارك فيها مسيحيّين ومسلمين في إعداد الحلويات للعيد". وتنتقد اقتصار العيد على الزيارات العائليّة المحصورة. وتتذكّر والدتها التي كانت تقوم بتوزيع الشوكولاتة والحلويات على كل من يمر بالطريق". وتتابع: "أين الأيام التي كانت فيه أحلام الأطفال، طفوليّة؟ لو حضر بابا نويل اليوم وسأل طفلاً عن الهدية التي يرغب بها، لطلب الأخير هاتفاً محمولاً".
إلى ذلك، تركت الأوضاع الاقتصاديّة أثرها في العيد، وأعاق عدم صرف الرواتب قدرة العديد من العائلات المسيحيّة عن شراء مستلزمات العيد.
رانيا عويس من مدينة الزرقاء (20 كيلومتراً شمال شرق عمّان)، لم تشترِ ملابس العيد لأبنائها الثلاثة، ولم تشترِ حاجيات العيد. فزوجها الذي يعمل موظفاً في القطاع الخاص، لم يستلم بعد راتبه الذي يُصرف عادة نهاية الشهر. وتؤكّد أن "فرحة العيد ليست كالعام الماضي ولا الزينة. نعاني من ارتفاع الأسعار، وما سمعته من الجارات أحبطني. لم تعد لدي رغبة في النزول إلى السوق". أما عاليا بكير من المدينة نفسها، فقد أعدت خطة تقشفيّة للعيد بسبب الوضع الاقتصادي. تخبر أنها لن تخرج مع عائلتها في العيد، وستكتفي بتناول الطعام في المنزل وتبادل الزيارات الضروريّة.