مونديال "المشجّعات" بلبنان: كرة القدم ما عادت للرجال فقط

12 يوليو 2014
تشجّع منتخب البرازيل في مقهى بيروتيّ
+ الخط -
تُطالعك وجوهٌ وفئاتٌ عمرية مختلفة لدى مراقبة المقاهي البيروتية التي جمعت متابعي ومتابعات مباريات كأس العالم. اللافت أنّ المشهد لم يقتصر على أعلام ملوّنة ترفرف على شرفات وسيّارات، أو موسيقى صاخبة تنبعث من هنا وهناك، أو على حمّى التشجيع. اللافت هذا العام في لبنان، وبيروت تحديداً، ظاهرةٌ واحدة: اكتساح المرأة اللبنانية ساحة التشجيع المونديالية.
نَفَسٌ عميق لمشجعة لحظة تسجيل هدف.. ترقّب وصمت مشجعة أخرى خسر منتخبها.. وزاد التوتر في مباريات النصف نهائي والربع نهائي. هنا الأجواء اللبنانية أكثر من مشحونة، تحديداً في شارع الحمرا ببيروت. هنا فتاة تلوّح بعلم ألمانيا، وهناك أُخرى تلوّح بعلم البرازيل، فيما اختفى علم إيطاليا التي لم تصمد حتّى مرحلة التصفيات النهائية.
نسأل مشجعة متحمّسة لفريق البرازيل عن سبب انحيازها، ودعمها وتعلّقها بالمنتخب "الأمازوني"، فتبدو حائرة لثوانٍ قليلة وهائمة بين أفكارها، قبل أن تجيب: "أنا بحبّ البرازيل  لأنّها بلاد السامبا وأنا أحب الرقص. وحلو جوّ المونديال، كلّنا عم نتابع البرازيل". يتدخل صديقها مقاطعاً: "طيّب مين بتعرفوا بالفريق غير نيمار؟"... فيسود الصمت المجموعة النسائية المزركشة أزياء كلّ منهنّ بألوان العلم البرازيلي. كان هذا قبل "فضيحة" 7 - 1 أمام ألمانيا. يومها اغرورقت عيون الفتيات بالدموع.
تقريباً ينقسم تصنيف المشجعات اللبنانيات تبعاً للفئات العمرية. فالشابات العشرينيات والسيّدات المتابعات يروين حكايات مُحكَمَة عن أُسس التشجيع ودعم فريق معيّن. ويُظهرنَ معرفة بـ"تكتيكات" اللعبة، من أسماء لاعبي الفريق، إلى نبذة تاريخية عنه. هذا على عكس الشابات الأصغر سناً، اللواتي بدون متحمّسات للمونديال كظاهرة موسمية ومُعجبات ببعض اللاعبين وجمالهم، وتحديداً لاعبي المنتخب الإيطالي. 
فكرةٌ واحدة تكررت خلال اللقاءات مع المتحمّسات كروياً، وهي أنّ المونديال كان نفحة أمل إيجابية بالنسبة إلى الفتيات، وفسحة ترفيهية أبعدتهنّ عن روتين الحياة اليومية في لبنان، من امتحانات مدرسية وجامعية، إلى هواجس العبوات الناسفة والسيارات المفخّخة والانتحاريين.
في المحصّلة اقتحمت الفتاة والمرأة "اللبنانية" عالم كرة القدم الذكوري بامتياز، لتتفوّق على الرجال أحياناً في فنون "التزريك" والمنافسة، حتى لو لم تملك جواباً حاسماً عن أسباب انغماسها في متابعة مجريات المونديال.
بين مقهى وآخر تجد مجموعات كبيرة من الفتيات. هذه تلوّح بعلم البرازيل، وتلك ترتدي "تي شيرت" أرجنتينية، وثالثةٌ لوّنت وجنتيها بألوان علم ألمانيا، أما الإيطالية فزيّنت معصمها بسوار مرسوم عليه علم إيطاليا. 
هكذا تبدو سوريالية ظاهرة اكتساح الفتيات اللبنانيات ساحة التشجيع المونديالية، مما أضفى على اللعبة، "الذكورية" الأصل، القليل من الألوان الورديّة.
الأكيد أنّ كرة القدم في لبنان لم تعد "للرجال فقط".
المساهمون