مولود الحصار يودع حرستا

24 مارس 2018
يختزن ثورة (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -
"ثمانية آلاف من سكان مدينة حرستا المحاصرة في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق بدأوا أمس الأول الخميس مغادرتها بموجب اتفاق بين النظام السوري والمعارضة في اتجاه محافظة إدلب في شمال غرب سورية، الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة".

هذا ما تتحدث عنه الأخبار، ومن عادتها أن تنقل ما يظهر فقط. أن تنقل التصريحات المختصرة لشهود في المكان، يحفظون عن ظهر قلب ما يريدون قوله... يكررونه أمام كلّ شاشة وميكروفون وقلم مراسل. لكنّ الأخبار لا تنقل فعلاً ما في قلوب هؤلاء وما الذي تنطق به عيونهم من دون أن يتكلموا.

حضرت الباصات وحمّلت ركابها من المغادرين إلى إدلب...أما الطفل في الصورة فقد حُمِل حملاً إلى أحدها. حُمل كما غيره من الأطفال الذين عاشوا أيام الحرب والقصف وشهورها. هم لا يعلمون الكثير غير ما حفظوه أيضاً، وعندما يُسألون يكررون كلاماً سمعوه من أهاليهم. لكنّهم يشعرون بشيء آخر. هم يشعرون بقسوة هذا العالم بأكمله عليهم. يشعرون أنّهم ليسوا كأطفال آخرين ربما شاهدوهم على شاشة تلفزيون أو سمعوا عنهم في قصص الجدات والأمهات. وهم يعرفون أنّهم لم يذهبوا إلى مدرسة منذ زمن بعيد، ولم يحظوا بهدية، أو حتى قطعة حلوى صغيرة.

لكنّهم إذ يُحملون من مكان إلى مكان داخل وطنهم تهجيراً داخلياً لذنب لم يرتكبوه، يختزنون في قلوبهم الصغيرة بدلاً من الثورة التي ولدوا في أيامها ثورات سيأتي موعدها طالما الظلم على حاله.
المساهمون