موظفو الدولة بلا رواتب في اليمن

11 أكتوبر 2016
أزمة يعيشها الاقتصاد اليمني (Getty)
+ الخط -

لم يحصل موظفو الجهاز الإداري للدولة في اليمن على راتب شهر سبتمبر/أيلول، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في اليمن قبل أكثر من عام ونصف.

يأتي هذا التطور، حسب مراقبين، كنتيجة مباشرة لمعركة اقتصادية اندلعت مؤخراً بين حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والحوثيين حول البنك المركزي.

وكسبت الحكومة المعركة المالية بعد اتهامها الحوثيين بإهدار الاحتياطي الأجنبي والسحب على المكشوف، ونقلت البنك من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، جنوب غربي البلاد، في 18 سبتمبر/أيلول الماضي.

كما بدأ الحوثيون خطوات عملية لتحويل فرع البنك المركزي اليمني بالعاصمة صنعاء إلى مصرف مركزي للمناطق الخاضعة لسيطرتهم، وبدأت ترتيبات لوضع مالي مستقل عن الحكومة الشرعية.

وكانت مصادر قد كشفت لـ"العربي الجديد" أن جماعة الحوثي الانقلابية في اليمن تتجه إلى تعيين محافظ ومجلس إدارة لفرع البنك المركزي اليمني بالعاصمة صنعاء وتحويله إلى مصرف مركزي للمناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وأوضحت المصادر أن الحوثيين مارسوا ضغوطات على محافظ البنك المركزي السابق، محمد بن همام، لممارسة أعماله كونه يحظى بثقة محلية ودولية، لكنه رفض بشدة، وأكد أنه كان يعمل مع السلطة الشرعية وتمت إقالته.

وأشارت المصادر إلى أن تحالف الحوثي وصالح يسعى إلى الحصول على "شرعية شعبية" من خلال تظاهرات حاشدة رفضاً لنقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرتهم.

وكلف المجلس السياسي المشكل من تحالف يضم الحوثيين والموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح، نهاية سبتمبر/أيلول، لجنة من خبراء الاقتصاد لإعداد تقرير عن الخطوات العاجلة لإعلان فرع البنك المركزي كمقر رئيس لمناطق سيطرتهم ومعالجة أزمة السيولة.

وقدم التقرير، الذي أعده خبراء في الاقتصاد وأكاديميون وصدر يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، معالجات عاجلة، لحل أزمة الفراغ المؤسسي في إدارة البنك المركزي، والإسراع في إصدار قرار تعيين قيادة جديدة للبنك.

أزمة معيشية

ووسط معركة بين البنكين، وجد موظفو الدولة في اليمن أنفسهم بلا مرتبات للشهر الثاني على التوالي. وتصرف رواتب موظفي الدولة، الذين يبلغ عددهم 800 ألف موظف، في أول يومين من الشهر الجديد.

ووفق تصريحات محافظ البنك المركزي السابق، محمد بن همام، فإن الدولة كانت تدفع 75 مليار ريال (300 مليون دولار) شهرياً كمرتبات، من بينها 25 مليار ريال (نحو 100 مليون دولار)، لمنتسبي الجيش والأمن فقط.

وقال محمد الحمادي، وهو موظف حكومي في وزارة التربية، إنه من المؤسف أن تتحول مرتبات الموظفين إلى مادة للصراع السياسي، فما ذنب مئات آلاف الموظفين أن يجدوا أنفسهم فجأة بلا دخل".

وأضاف للأناضول: "المؤلم أن الانقطاع جاء في توقيت حرج، لم نتمكن من تسجيل أولادنا في المدارس مع بدء العام الدراسي، وشراء مستلزمات الدراسة، ولن نتمكن من سداد الإيجارات والديون المتراكمة لدى تجار المواد الغذائية (..) الجميع يترقبون شبح مجاعة".

وتسبب عدم صرف المرتبات في أزمة اقتصادية خانقة في السوق، مع الاعتماد الكلي عليها كمصدر للرزق، ووجد غالبية موظفي الدولة أنفسهم عاجزين عن تسديد ايجارات مساكنهم والإيفاء بأبسط متطلبات الحياة.

وقال أحد موظفي البنوك في صنعاء (فضل عدم الكشف عن اسمه)، للأناضول، إن جماعة الحوثي تشعر بمأزق حيال توفير رواتب آلاف المقاتلين الذين تم إلحاقهم خلال الحرب.

ولفت إلى أن الجماعة قد تقوم بتوفير رواتب بعض دواوين الوزارات العامة الخاضعة لسيطرتها فقط، فيما لا يُعرف مصير بقية الدوائر الأخرى.

وقال الخبير الاقتصادي محمد راجح، للأناضول: "توقف الرواتب يعني توقف دورة الحياة، فالراتب يحرك عجلة الاقتصاد، ويذهب إلى المؤجر ومستودع المواد الغذائية وبائع الخضروات وسائق الحافلة ولتسديد التزامات رسوم المدارس ومستلزمات الدراسة".

والتزم هادي، للمؤسسات النقدية الدولية، خلال زيارته الأخيرة لنيويورك، أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، بتأمين رواتب جميع اليمنيين بلا استثناء، حتى أولئك القاطنين في المحافظات الخاضعة للحوثيين والموالين لهم، وهم من المدرجين في كشوفات الجهاز الإداري للدولة.

 

المساهمون