موسم رمضان يخفض البطالة في غزة: فرص عمل موسمية

17 مايو 2019
فرص عمل موسمية لسكان غزة (العربي الجديد)
+ الخط -

يقف الشاب الفلسطيني إسلام حسونة أمام بسطته الخشبية التي أعدها بنفسه وهو يضع مجموعة من رقائق "السمبوسك" التي تنتشر على الموائد الغزية في شهر رمضان محاولاً أن يبيع أكبر قدر منها من أجل تلبية احتياجات أسرته اليومية.

ويعيل حسونة أسرته المكونة من 6 أفراد، حيث يلجأ في رمضان للعمل في غير مهنته الأصلية من أجل استغلال هذا الموسم، إلا أن تردي الأوضاع الاقتصادية والقدرة الشرائية وانتشار الباعة بشكل كبير أدى لتراجع كبير في العائد المادي الناتج عن العمل الموسمي.

وينتشر عشرات الباعة الجوالين داخل الأسواق الغزية طيلة شهر رمضان لما يشكله هذا الشهر من موسم كانت تنشط فيه الحركة التجارية بشكلٍ كبير خلال الأعوام الماضية، إلا أن العامين الأخيرين شهدا تراجعاً حاداً غير مسبوق في الحركة التجارية.

وانعكس الحصار الإسرائيلي الخانق الذي يضرب القطاع للعام الثالث عشر على التوالي على معيشة سكان القطاع سلباً، فضلاً عن الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية على موظفيها وفصلها آلاف الموظفين وإحالة آخرين للتقاعد الإجباري، بالسلب على المشهد الاقتصادي.

ويقول حسونة لـ "العربي الجديد" إن الأعمال الموسمية كانت تشكل موسماً حقيقياً للكثير من الشبان والمتعطلين عن العمل لكسب الرزق إلا أن تردي الحالة المعيشية زاد من الانعكاسات السلبية على العاملين في هذا الموسم.

ويؤكد الشاب الغزي، أن الحركة الشرائية للمواطنين الغزيين خلال شهر رمضان لا تكاد تذكر مقارنة بمواسم سابقة نظراً لانخفاض نسبة رواتب موظفي الحكومة بغزة وعدم انتظامها وشح الوظائف وفرص العمل وانتشار البطالة بشكلٍ كبير.

ويلاحظ المتجول داخل ميدان فلسطين وسط مدينة غزة تلاصق الباعة بعضهم مع بعض وتشابه ما يعرضونه عبر عرباتهم وبسطاتهم، والتي في غالبيتها منتجات رمضانية كالقطائف والمخللات وألعاب الأطفال و"السمبوسك" وغيرها من الأصناف الموسمية.

بدوره، يقف الغزي سعد عبد العال معداً لكميات من القطائف أمام المارة في سوق الزاوية أملاً في أن يبيع ما تيسر منها لمرتادي السوق، حيث تعتبر هذه المهنة عملاً موسمياً بالنسبة له كونه أحد المتعطلين عن العمل في القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006.

ويقول عبد العال لـ "العربي الجديد" إن انتشار الباعة وتشابه المشاريع أضر كثيراً بالموسم خلال شهر رمضان المبارك، وهو الأمر الذي يرتبط بغياب فرص العمل للشباب ورغبة الكثيرين منهم في توفير احتياجاتهم وعوائلهم في ظل الواقع الاقتصادي والمعيشي الصعب بغزة.

وبحسب البائع الغزي فإن تأثيرات الحصار الإسرائيلي وتقليص نسب الرواتب التي تصرفها السلطة الفلسطينية لموظفيها تبدو ملحوظةٍ بشكلٍ واضح خلال رمضان وغيره من المواسم عبر التراجع الكبير في القدرة الشرائية للسكان.

واعتاد عبد العال على العمل في بيع القطائف خلال رمضان سنوياً، إلا أنه يرى أن الموسم الحالي تراجعت الحركة التجارية فيه عن العام الماضي بنسبة تصل لأكثر من 50% لأسباب عديدة منها عدم انتظام صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية للأسر الفقيرة.

ويعتمد أكثر من 80% من سكان القطاع على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المؤسسات الدولية العاملة فيه، في الوقت الذي لا يزيد متوسط دخل الفرد اليومي عن دولارين أميركيين، إلى جانب وصول نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى نحو 69%.

أما الشاب الغزي عبد الله الكتناني فوقف إلى جوار شقيقه وأبيه وهو يعرض أصنافاً عدة من المخللات التي أعدها خلال الشهور الماضية لبيعها خلال أيام رمضان، إلا أنه صدمّ بضعف الإقبال من قبل مرتادي السوق.

ويصف الكتناني في حديثه لـ "العربي الجديد" الحركة التجارية في السوق الغزي بالمنعدمة في ضوء الأوضاع الاقتصادية المتردية التي وصل لها القطاع، وكثرة العاملين في الأعمال الموسمية وتشابه ما يعرض من بضائع وحاجيات.

ويشير الشاب إلى أن الأوضاع الحالية تعتبر غير مسبوقة بالنسبة للسكان وحتى التجار والعاملين في المجال التجاري خصوصًا أن رمضان بقي على مدار سنوات أحد أهم المواسم التجارية التي تدر أموالاً كثيرة على العاملين خلالها.

وفي 2017، اتخذت السلطة الفلسطينية إجراءات عدة بحق قطاع غزة كان على رأسها تقليص نسبة الرواتب إلى 70% قبل أن تقوم بتخفيضها إلى 50%، في الوقت الذي قامت فيه مطلع 2019 بوقف رواتب آلاف الموظفين والشهداء والجرحى دون سابق إنذار.

ويقدر عدد الموظفين المحسوبين على السلطة الفلسطينية حالياً في القطاع بنحو 30 ألف موظف، بعد إجراءات التقاعد المالي والفصل وقطع الرواتب التي جرت بحق الآلاف خلال العامين الماضيين، في الوقت الذي كان يقدر عددهم في السابق بنحو 70 ألفاً وفقاً لنقابة الموظفين العموميين بغزة.

المساهمون