مواهب في الذاكرة: أحبّهم الجمهور... وأختفوا

07 سبتمبر 2015
ديانا كرازون (فيسبوك)
+ الخط -
هاجر عمر من بيروت إلى المغرب منذ ست سنوات؛ الشاب الذي بلغ هذا العام عامه الواحد والثلاثين تقدم في العام 2004 إلى برنامج سوبر ستار ولم يحالفه الحظ للانتقال إلى المرحلة المباشرة، حاول جاهداً الدخول إلى عالم الغناء، فصُدم بشركات الإنتاج التي كانت تفرض مزيداً من الشروط. يؤكد عمر أن هجرته إلى المغرب جاءت بعد عقد عمل عرض عليه لمدة وجيزة، لكن طابت له الحياة في المغرب حتى ارتبط قبل عامين بفتاة مغربية وتزوج وأنجب منها طفلة وهو اليوم يغني في نوادٍ ليلية.
يؤكد عمر لـ"العربي الجديد"، أن عدداً آخر من المواهب اللبنانية تأتي إلى المغرب للغناء بعدما انعدمت فرص العمل في لبنان، وعن إمكانية أو فعالية هذا الكم من البرامج الخاصة بالمواهب، يؤكد أن ذلك استحالة، لا نفع ولا طعم لهذه البرامج سوى تسلية المشاهد لساعة أو ساعتين أوقات عرضها فقط.
لم يكن عمر هو الضحية الأولى لهذا النوع من البرامج التي رفضت حتى انتقاله إلى المرحلة المباشرة، هناك عدد كبير من الشبان الذين تتشابه قصصهم، لم يجدوا منفذاً حقيقياً لمواهبهم التي حملتهم للتقدم إلى هذه البرامج.
يعتبر محمد المجذوب واحداً من أفضل الأصوات السورية الشابة التي خطفت العام 2007 لقب برنامج "اكس فاكتر" الذي قدمته شاشة "روتانا" لموسمين وكانت تنفذه المنتجة اللبنانية جنّان ملاط.
محمد المجذوب وعلى الرغم من انتمائه لشركة روتانا وإنتاج عمل غنائي خاص به لم يجد فرصته الذهبية منذ ثماني سنوات، انفصل عن الشركة ووقع مرات ضحية بعض شركات الإنتاج الوهمية، وهو اليوم يحيي حفلات بشكل خجول، خصوصاً بعد تهجّره قسراً من اللاذقية مسقط رأسه إلى بيروت بعد الأزمة السورية.
رجاء قصابني من المغرب، ليست أفضل حالاً من المجذوب، فهي أيضاً كسبت لقب "أكس فاكتر" العام 2006 لكنها لم تحقق أي تقدم لا على صعيد الإنتاج الذي تبنته شركة "روتانا" بداية ولا من خلال علاقات أو نجاح تجربتها الغنائية. وهي تقيم أيضاً اليوم في لبنان سعياً وراء رزقها من خلال حفلات خجولة تقدمها بين الفترة والأخرى.
لا يبدو اسم ديانا كرازون بعد حوالي عشر سنوات من فوزها بلقب "سوبر ستار" كبيراً قياساً إلى رفاقها في الموسم الأول نفسه الذين سبقوها، يقتصر اسم أو حضور كرازون قليلاً على موطنها في الأردن، بعدما قسّمت إقامتها ما بين الأردن والولايات المتحدة الأميركية. لم تقدم كرازون أعمالاً عربية مناسبة تقيها شر الغياب أو تذكير الناس بأنها حملت اللقب "الحلم"، فيما يظهر واضحاً أن تفاعل الجمهور مع زميليها ملحم زين، حلّ في المرتبة الثالثة من "سوبر ستار1"، ورويدة عطيّة، في المتربة الثانية، أكبر بكثير من تفاعله معها.
لعلّ اسم محمد عطيه يعتبر من أقوى الأسماء على صعيد برامج المواهب، فالشاب المصري الذي فاز قبل عشر سنوات في الموسم الأول من برنامج "ستار أكاديمي" لم يستطع أن يتقدم كثيراً أو يتخطى سلّم الدرجات الفنية، فظل في موقع متأخر فنيّاً، ولو أن اسمه في مصر وباقي الدول العربية بات معروفاً جداً لكن تأخره الفني أو عدم تنظيم أعماله يصنفانه في رتبة بعيدة عن زملائه القلائل الذين عرفوا كيف يديرون الدفة لمصلحتهم بعد مرورهم في هذا النوع من البرامج. وإن كان اسم محمد برز على صعيد آخر، وهو النشاط السياسي، خصوصاً بعد وصول عبد الفتاح السيسي للسلطة، فكانت معارضته له واضحة، وشجاعة.
في العام 2011، أعادت mbc تقديم برنامج "سوبر ستار" بنسخة منقحة بعد 4 سنوات من غياب "سوبر ستار" عن شاشة "المستقبل" اللبنانية: ثلاثة فائزين في الموسم الأول، المصرية كارمن سليمان، ودنيا بطمة من المغرب حلّت في المرتبة الثانية، ويوسف عرفات من الأردن حلّ ثالثاً.. في المحصّلة خرقت دنيا بطمة بفعل جهدها وزواجها من إماراتي مرتبتها الثانية وتفوّقت حتى الآن على زميلتها التي كسبت اللقب كارمن سليمان، أقله على الصعيد الخليجي. فيما ظهور كارمن يقتصر على تواجدها في القاهرة، ولو أن الفنان محمد عبده قدم لها لحناً خاصاً. في الوقت الذي لم يعد يذكر المتابعون اسم الأردني يوسف عرفات الذي حاول مراراً تقديم أعمال خاصة صوّر بعضها في بيروت لدعمه، لكن كما يبدو فإن إعادة هيكلة شركة بلاتينوم ريكوردز وإعادة انطلاقتها أدت إلى إقصائه عن تقديم أعمال غنائية جديدة.
لم يكن "سوبر ستار"، و"ستار أكاديمي" البرنامجان الوحيدان اللذان تسببا في إقصاء بعض المواهب التي كانت تسعى لقطف فرصة ذهبية وتحقيق شهرة "الحلم "، على العكس يبدو واضحاً أن استغلال وحضور الموهبة من اليوم الأول للهواء الخطوة التي تؤمّن هذه الفرصة للبقاء.. هذا لو عرف المشترك استغلالها.
عبد الكريم حمدان، المشترك السوري في برنامج "آراب آيدول 2"، استطاع من السهرة المباشرة الأولى أن يحصد ملايين المتابعين على "يوتيوب" بعد تقديمه لموال "حلب".. الوضع السوري المتأزم والعاطفة التي حصدها حمدان أمّنت له من اليوم الأول تقدماً ملحوظاً، فدخل نادي الفيديوهات التي حققت ملايين المشاهدين في أقل من 48 ساعة في العالم، وسبق زميله محمد عساف، لكن حمدان لم يدرك جيداً كيفية استغلال ما حققه في أيام قليلة ولا حتى التضامن معه وخرج بعد أسابيع قليلة من البرنامج.
محمد الريفي، اسم آخر استطاع أن يحصد مزيداً من ردود الفعل المؤيدة والشاجبة لموهبة مغربية تقدمت إلى برنامج "اكس فاكتر" العام 2012 . دخل ريفي إلى فريق الفنان حسين الجسمي الذي تبناه علناً واستطاع بذكاء أن يحشد من خلال مساندته للريفي دعماً مغاربياً كبيراً يزيد من نجوميته هناك.

اقرأ أيضاً: برامج الهواة الغنائية تُخرّج فقاعات صابون


رغم إصرار الجسمي على أن الريفي موهبة تستحق فرصتها في عالم الغناء، كان الجمهور ضد منح الريفي فرصة بالمرة.
نماذج كثيرة واضحة لمواهب شغلتنا، أدركت للحظات أن برامج المواهب مجرد غاية لكنها جوبهت بالمحطة الراعية للبرنامج التي لا تعطي أي مشترك زيادة عن حقه في ضوء أسابيع قليلة من العرض، فإما الذكاء وأما يصبح موهبة في الذاكرة.
المساهمون