عاد المهرجان إلى العاصمة مجدّداً، لكنّه فشل في استرجاع جمهوره، خاصّةً مع تغيير موعده بشكل متكرّر، في السنوات الثلاث الماضية.
لم تنته عثرات المهرجان عند هذا الحدّ. فدورته الثامنة التي كان مقرّراً أن تنطلق في نهاية حزيران/ يونيو الماضي تأجّلت دون سبب مُعلن.
مؤخرّاً، أُعلن عن تنظيم الدورة المؤجّلة في الفترة الممتدّة بين 22 و27 آب/ أغسطس الجاري، في "مسرح الهواء الطلق، سعيد مقبل" بالجزائر العاصمة.
يعود المهرجان بمدير جديد هو رشيد بريكي الذي خلف مراد شويحي. وتُشارك في تنظيمه "الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي" التي يُنتظر أن تعطي توجّهاً جديداً للتظاهرة؛ من خلال مرافقة الموسيقيّين وتنظيم إقامات إبداعية لهم.
بالإضافة إلى فرق الديوان الجزائرية الفائزة في الدورة السابقة من "المهرجان الوطني لموسيقى الغناوي" في بشّار، تشهد الدورة الجديدة مشاركة مغنّين وفرق من عدة دول، منها المغرب ومالي والكاميرون وفرنسا والولايات المتّحدة الأميركية.
المفارقة أن وضع المهرجان لا يعكس التطوّر والانتشار الذين تعرفهما موسيقى "القناوة" جزائرياً وعالمياً. فهذا التراث الموسيقي المتجذّر في ثقافة الجنوب الجزائري، نجح في تجاوز رقعته الجغرافية، وامتدّ إلى الشمال، مستقطباً جمهوراً واسعاً غالبيته من الشباب.
حدثت تلك النقلة نهايةَ التسعينيات، مع ظهور فرق جديدة مزجت "القناوة" بأنماط موسيقية أخرى، كـ الريغي والجاز والراي، دون أن تتخلّى عن طابعه الصوفي، مثل "قعدة ديوان بشار" وفرقة "قناوة ديفيزيون" التي أسّسها الموسيقي أمازيغ كاتب، نجل كاتب ياسين.
ارتبط "القناوة"، تاريخيّاً، بالعبيد المرحّلين من بعض الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء، مثل مالي وغينيا والسودان؛ بحيث تُعتبر تلك الموسيقى، وما يرافقها من طقوس، تعبيراً فنيّاً لمحاولات العبيد الأفارقة التحرّر من قيود العبودية وصرخة في وجه الاستبداد.
يعتمد هذا النمط الموسيقي، أساساً، على آلات تقليدية كـ "الغمبري" والطبل و"القرقابو"، ويستند إلى نصوص متواتَرة شفاهةً بلهجات بلدان الساحل الأفريقي، لم تُكتب ولم تترجم، وتخضع حفلاته إلى قواعد صارمة ينقلها "المعلّم" إلى تلاميذه عبر الأجيال.