مهرجانات لغزّة: إستغلال عاطفي لاستدراج الحضور!

03 سبتمبر 2014
الفنان محمد عساف ألغى حفلاته تضامناً مع غزة (Getty)
+ الخط -
تداعى عدد من نجوم الغناء في العالم العربي إلى استغلال العدوان الإسرائيلي على غزّة للتفاعل معه بطريقة أو بأخرى، ولتحويله إلى "رصيد" عربي، انطلاقاً من دعم القضية الفلسطينية. تمّ ذلك بفتح باب جديد، بعيداً عن الاستثمار الغنائي الذي دَرَجوا عليه في فترة سابقة، حين كانت تُعدّ الأغنيات والألحان في أيّ مناسبة أو عدوان ضدّ فلسطين، بسرعة قياسية، وتُعرَضُ على الفضائيات لتَبثّ روح التضامن والحماسة بين العرب، وليربح الفنان، بالنقاط، على زملائه الذين ظلّوا خارج تلك "الموجة".

هذا العام، وبخلاف الأعوام السابقة، بدأ النجوم ومتعهّدو الحفلات باستغلال المهرجانات الصيفية، في أنحاء متفرّقة من الوطن العربي، للقول إنّهم سيتبرّعون بعائداتها، أو جزء من أرباحها، لأهل غزّة، تضامناً معهم بوجه العدوان. وهو نوع جديد من الاستغلال العاطفي لجمهور ربّما كان محجماً عن الذهاب إلى مثل هذه المهرجانات.

إحجام إما بسبب الأحداث العربية عموماً، تلك التي لا تقتصر على عدوان إسرائيلي ضدّ قطاع غزة، بل تشمل دولاً عربية أخرى تعاني من أحداث دموية وكساد فنّي نتيجة الثورات والحروب الصغيرة والمؤامرات ابتداءً من العراق مروراً بالقاهرة فبيروت، أو بسبب سوء الأحوال الاقتصادية للمواطن العربي عموماً. إلا أن المهرجانات غصّت بالحاضرين، ومعظم الفنّانين وجّهوا تحيات إلى أهالي غزّة، وغنّوا لفلسطين.

هكذا باتت المقاومة الفنية، بوجه الأحداث الأليمة التي تعصف بالوطن العربي، تسير باتجاهين، الأوّل هو استغلال قضية العرب الأولى فلسطين، فنيّاً، خصوصاً في المهرجانات، والثانية الهروب إلى الأمام تملّصاً من عقود أبرمها الفنانون قبل أشهر من الأحداث المتلاحقة. إذ ألغى عدد من الفنّانين حفلاتهم "تضامنًا مع غزّة" أو "بسبب سوء الأحوال الأمنية" في هذا البلد أو ذاك.

لكن هل ستصل عائدات هذه المهرجانات إلى الغزاويّين حقاً؟ وأين الدليل الذي يؤكّد أنّ أرباح مهرجان تيمقاد أو جميلة في الجزائر ستنقذ عائلات فلسطينية من وحشية العدوان الإسرائيلي؟ في لبنان تبدو الصورة أيضاً مثل "بازل" أضاع أجزاءه.

فهنا وهناك نجوم يلغون حفلاتهم "دعماً للجيش اللبناني" الذي، حسب اعتقادهم، ضحية مؤامرة نُصِبَت له في بلدة عرسال البقاعية على الحدود السورية. ونجوم آخرون يقرّرون منح المؤسسة العسكرية عائدات من أرباح حفلاتهم. وهي حركات "بهرجة" من باب "شوفوني". مشهد واحد من الجزائر إلى بيروت، مروراً بعدد من الدول العربية، قام على استغلال الواقع الأمني المرير لجمهور يعاني القتل والدمار، وعلى استغلال القضة الفلسطينية، ليخلص أحياناً إلى صورة ممزّقة بعيدة جداً عن الهدف الإنساني.
المساهمون