من "مول العرب" يبدأ التغيير!

20 اغسطس 2015
مول العرب (Getty)
+ الخط -
مقدمة.. "لزوم دخولك المود اللي كنت عايشه".. "راحوا للدكتور علي عز البيت".. أنا موجها كلامي إلى أبي.
أبي: لا حول ولا قوة إلا بالله.. "كدا يبقى بدأوا بالصف الأول وبعدها هيجولنا".


بعد ساعات من هذا الحوار، قرر والدي الرحيل من المنزل، قائلا: "لمّوا حاجتكم المهمة عشان احتمال منرجعش هنا تاني"، بالفعل قمت بتجهيز حقيبتي، ولم أكترث لكلمة أبي الأخيرة، من ناحية عدم العودة، وصنفتها ضمن الكلمات الكثيرة التي يقولها والدي من منطلق الحيطة والحذر الشديد.. الشديد جداً.

توجهنا إلى منزل أحد أصدقاء والدي، ولم نستمر به طويلاً، ومنه إلى ثلاثة منازل أخرى على فترات متفاوتة، واستمر هذا الوضع لمدة خمسة أشهر، لم أكن أتوقع تطور الأمور بهذا الشكل غير المنطقي، مر 22 عاماً من عمري، وأنا أعيش في منزلنا، كنت قليل الحركة ومنعدم السفر خارج المحافظة، إلا مرات تُعد على أصابع اليد الواحدة، منذ ولادتي وحتى عامي الـ 22 تنحصر حياتي بين فترة الدراسة بمدينة أسيوط، والإجازة بمنزلنا في مركز منفلوط، مشهد مكرر لا يتغير، وفي خمسة أشهر فقط، صرت متهماً ومطارداً، وإرهابيّاً، وتتم ملاحقتي، وصدر ضدي حكم بعشر سنوات مشددة، وخمس سنوات مراقبة، كيف ولماذا وأين ولما.. العديد من الأسئلة وردت على خاطري.. ولم أجد لأي منها جوابا.

قضيت وقتي في هذه الشهور الخمسة أعتمد بشكل أساسي على متابعة واقع أسيوط من تظاهرات معارضة لهذا النظام الدموي، وما كانت تشهده المحافظه من زخم حقيقي، ومواجهات أرهقت الأمن وقتها، وفي نفس التوقيت كنت أتابع بقية الأحداث الجارية في بقية المحافظات. 
عشت طيلة الخمسة أشهر أحمل هم القضية، وأقوم بما أقدر عليه من أجل إسقاط هذا النظام، وتهيأ لي أن الغالبية على مستوى الجمهورية مثلي، أحلامي مثل يقظتي، كنت أنتظر كل يوم أن أستيقظ على خبر سقوط الانقلاب الذي "يترنح"، ومحاكمة السيسي وعودة مرسي للحكم، الشارع ساخن والشعب لم ولن يهدأ، دماء الشهداء لم تجف، والقصاص بات قريباً، والمكاسب لصالحنا في زيادة يومية.

كان ذلك الشعور رفيقاً لي، حتى قررت الابتعاد عن محافظتي، والتوجه إلى القاهرة، حتى أستطيع كسر روتين يومي الذي تحملته خمسة أشهر، وفي نفس الوقت من أجل المواجهة من مكان آخر وبطرق آخرى.. ولكن انهار هذا الشعور الثوري الذي عاش فيّ ولم أعش فيه.. انهار مع أول زيارة لي إلى "مول العرب" في مارس/آذار 2014!.

من أنتم؟.. كيف أنتم؟.. لماذا أنتم؟.. أين هم؟.. أين نحن؟.. "يا أسطى هو مين بيودي على فين"!.

(مصر)
المساهمون