منع البناء في مناطق "ب" القريبة من المستوطنات... مقدمة لتقسيم الضفة لمعازل

22 فبراير 2020
القرار جزء من دعاية بينت الانتخابية (Getty)
+ الخط -
أراد الفلسطيني وائل اشتيوي، من مخيم بلاطة شرق نابلس، شمال الضفة الغربية، بناء منزله الخاص والاستقرار في منطقة بقرية بورين جنوب نابلس، لكن عملية بناء المنزل تلك تحولت منذ خمسة أشهر إلى حرب فرضت عليه، فسلطات الاحتلال الإسرائيلي هدمت أساسات وسور منزله فور البناء، رغم حصوله على تراخيص من الجهات الرسمية الفلسطينية المختصة بذلك، ووقوع البناء في منطقة مصنفة "ب" وفق اتفاقية أوسلو.

ثلاث محاولات خلال خمسة أشهر أفضت، كما صرح اشتيوي لـ"العربي الجديد"، إلى احتجاز قوات الاحتلال له لساعات في كل مرة وهدم ما يتم بناؤه، رغم أن المنطقة تصنف كمنطقة "ب" وفقا لاتفاق أوسلو، أي أنها تقع تحت السيطرة الإدارية الفلسطينية ومنها تراخيص البناء، والسيطرة الأمنية إسرائيلية، ما دفعه مع عدد آخر من الحاصلين على تراخيص للبناء لتقديم قضايا في محاكم الاحتلال عبر هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية.

أنقاض أساسات المنزل بعد أن هدمتها جرافات الاحتلال (وائل اشتيوي) 


وتعاني تلك الأراضي في بورين من هذه الإجراءات منذ مدة، وتمنع سلطات الاحتلال مجلس قروي بورين من إكمال توفير البنية التحتية، إذ أقام المجلس القروي في بورين، كما قال رئيسه نضال النجار لـ"العربي الجديد"، طرقا وشبكة للكهرباء، وأوقف الاحتلال إكمال شبكة مياه للمنطقة، بما فيها شبكة لأحد الإسكانات، رغم الحصول على التراخيص اللازمة.

ويبدو أن مثل هذه الإجراءات التي كانت لسنوات تتركز على المناطق المصنفة "ج" وفق اتفاق أوسلو (التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية أمنيا وإداريا)؛ في طريقها للتوسع إلى المناطق المصنفة "ب"؛ بعد قرار من وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت بالإيعاز للمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية بمنع البناء في المناطق "ب" القريبة من المستوطنات بذريعة الخوف من تهديد أمني.

وعلق رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير وليد عساف على القرار، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن الأمر مرتبط بضغوطات المستوطنين والمشروع الاستيطاني، وليست له علاقة بالأمن وتبريره بالأمن كذبة كبرى، فيما أكد عساف أن المناطق التي يدور الحديث عنها تعتبر عازلة للمناطق الفلسطينية والمعازل التي يريد الاحتلال إقامتها.

وأكد عساف أن الحديث يدور عن أراض تتبع لقرى وبلدات ترمسعيا والمغير وأبو فلاح، إلى الشمال الشرقي من رام الله، ملاصقة للكتلة الاستيطانية التي تفصل شمال الضفة عن وسطها، وسبق ذلك إقامة 15 بؤرة استيطانية على أراضي قرى وبلدات سنجل وترمسعيا والمغير في رام الله، وقريوت جنوب نابلس.

وقال عساف: "إن الأمر له علاقة بمخطط إقامة كتلة استيطانية ترتبط فيها مستعمرتي شيلو وعيلي تقسم الشمال عن الوسط، كما هو حال مخطط آخر قرب بورين جنوب نابلس، لإقامة كتلة استيطانية في غلاف نابلس سيعزل مدينة نابلس عن محيطها".

وحذر عساف من أن "هذه الكتل تهيئ لتقسيم الضفة الغربية إلى كنتونات كبيرة وكل كنتون يقسم إلى كنتونات صغيرة؛ والتخطيط لمنع البناء الفلسطيني لصالح تلك الكتل؛ بغض النظر إن كانت مناطق (أ) أو (ب)"، مذكّرا بهدم الاحتلال عشرات المنازل في منطقة صور باهر جنوب القدس المحتلة في المنطقة "أ".

وفي ظل عدم أخذ الاحتلال لتصنيف الأراضي في اتفاق أوسلو بعين الاعتبار، قال عساف: "إن هذه خطوات خطيرة تتطلب ردا على الإجراءات الإسرائيلية بإجراءات موازية على الأرض"، محذرا من طموح نفتالي بينيت، واصفا إياه بـ"وزير الاستيطان الذي جاء لتنفيذ خطة إسرائيل الكبرى وإنهاء الدولة الفلسطينية، بحيث لا يقف الأمر على الهدم، بل إخلاء المناطق (ج) من الفلسطينيين، والضغط عليهم وحصارهم لإخلاء المناطق (أ) و(ب) دون استخدام القوة العسكرية".

من جهته، اعتبر الخبير بالاستيطان ومنسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان جمال جمعة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذا القرار يأتي ضمن إجراءات قد تمهد لضم الضفة الغربية لدولة الاحتلال؛ خصوصا أنه يأتي قبيل الانتخابات، ويعتبر جزءا من الدعاية الانتخابية لنفتالي بينيت، وكان قد سبقه بينيت بقرار تحويل مناطق واسعة من غور الأردن لمحميات طبيعية، بهدف منع الفلسطينيين من الوصول إليها، وهو الهدف ذاته لمنع البناء في مناطق "ب" المحاذية للمستوطنات في مختلف مناطق الضفة.

وفسر جمعة القرار بأنه يسعى لتجميد نمو المناطق الفلسطينية خارج ما بني في القرى والتجمعات القائمة، والحد من توسع البلدات الفلسطينية، مشيرا إلى أن ذلك يسمح بمزيد من الهدم في مناطق "ب".

وقال جمعة: "إن المناطق التي تتبقى من الضفة في مناطق (أ) لا تتعدى 18% من مجمل مساحة الضفة، حيث تشمل المناطق (ب") 21%، والمناطق (ج) 61%.".

وتتضمن المناطق "أ"، وفق اتفاق أوسلو، تلك التي تتضمن المراكز السكانية الفلسطينية الرئيسية وتقع تحت السيطرة الفلسطينية أمنيا وإداريا، فيما تقع المناطق "ب" تحت السيطرة الإدارية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية، والمناطق "ج" تحت السيطرة الإسرائيلية أمنيا وإداريا.

المساهمون