07 ابريل 2022
مما جرى في الانتخابات المحلية الفلسطينية
أجريت، أخيرا، انتخابات الهيئات المحلية والبلدية الفلسطينية في الضفة الغربية فقط، فيما لم تجر في القدس الشرقية وقطاع غزة، إلا أن نسبة المشاركة في الانتخابات كانت متدنية، حيث بلغت نسبة المشاركة العامة في جميع مدن الضفة الغربية وبلداتها وقراها حوالي 53% ممن يحق لهم الانتخاب، ولكن نسبة التصويت كانت متدنية جدا في المدن الكبرى، مثل نابلس التي لم تتجاوز فيها نسبة التصويت 20%، والخليل 30%، فيما ارتفعت النسبة في القرى ذات التركيبة العشائرية، وذلك بسبب خوض قوائم عشائرية الانتخابات. وقد جرت الانتخابات لاختيار 145 هيئة محلية، تضم 1552 مقعدا، حيث فازت القوائم المستقلة بـ65% من الهيئات المحلية، فيما فازت حركة فتح بـ27.6% من الهيئات محلية والبلدية، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يـ2.77%، وتوزعت بقية الهيئات على تحالفاتٍ ضمت أحزاباً سياسية صغيرة، فيما قاطعت الفصائل الكبرى خوض الانتخابات في قوائم لها، وخصوصا حركتي حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وقد شكلت نسبة التصويت المتدنية صدمة كبيرة لحركة فتح التي عملت وبقوة من أجل زيادة نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات، واستنفرت معظم كوادرها وعناصرها، وأنفقت مبالغ مالية كبيرة في سبيل تحقيق ذلك الهدف، حيث أدت حالة الانقسام الفلسطيني، وانعدام المنافسة القوية في ظل مقاطعة الفصائل الفلسطينية، وتراجع ثقة المواطن الفلسطيني بالمؤسسات القائمة، إلى عدم توجه كثيرين من الناخبين الفلسطينيين في الضفة الغربية لصناديق الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم، كما أن تزامن إجراء الانتخابات المحلية مع إضراب المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية عن الطعام أدى إلى تراجع الاهتمام في المشاركة بالانتخابات. وفي المقابل، أدّى إجراء الانتخابات وحملاتها الدعائية إلى تراجعٍ في حجم ووتيرة التفاعل والتضامن الشعبي الفلسطيني مع الأسرى المضربين.
لم تكن نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات المحلية الصدمة الوحيدة لحركة فتح، بل واجهت الحركة تحديات أخرى وكبيرة، حيث لم تتمكن من تشكيل قوائم مستقلة لها في مواقع كثيرة، ما دفعها إلى تعويم المشاركة، أو خوض الانتخابات في قوائم ضمّت مرشحين من كبريات
العشائر، أو مرشحين من رجال الأعمال والمال، كما أن عديدين من نشطاء حركة فتح وكوادرها خاضوا الانتخابات في قوائم مستقلة، ما جعل الحركة تنافس ذاتها، ما أدى إلى عزوف كثيرين عن التصويت، وتشتيت الأصوات، ما كشف أزمة جدية في الانضباط والالتزام لدى كادر الحركة وأعضائها بالتصويت لقوائم الحركة الرسمية.
أدى لجوء حركة فتح إلى اختيار مرشحين من كبريات العشائر لقوائمها إلى إعطاء دور وأهمية كبرى للعشائر، على حساب كوادر الحركة وأعضائها، ما شكل تقدما واضحا للعشائر، وتراجعا للمعايير الوطنية والنضالية، على الرغم من أن العشائر الفلسطينية كانت قد شكلت الحاضنة الوطنية للحركة الوطنية الفلسطينية طوال سنوات الاحتلال، وقد أدت مشاركة بعضها في قوائم حركة فتح إلى فوز الحركة، بسبب حصولها على أصوات تلك العشائر، ما لا يمكن اعتباره رصيدا لها، حيث من الممكن في أية انتخابات سياسية أو بلدية قادمة ألا تحصل على أصوات هذه العشائر. وفي المقابل، أدت مشاركة بعض العشائر في قوائم مستقلة منافسة لحركة فتح إلى فوز تلك القوائم على حساب قوائم "فتح"، ما شكل للأخيرة ضربة اخرى، وجعلها غير قادرة على تشكيل المجالس البلدية في عدد من البلديات بدون التحالف مع قوائم مستقلة اخرى، ذات تشكيلة عشائرية أو فنية.
أدى عدم مشاركة القوى السياسية والحزبية الفلسطينية في الانتخابات، وجعلها تدور في أوساط حركة فتح، وبعض العشائر، إلى إحداث شروخ وتصدعات كبيرة داخل الحركة، كما في عشائر كثيرة، وأصبح المحدد الرئيس للتصويت ، إضافة إلى أن مواقع شهدت منافسة انتخابية، بناء على التركيبة الجغرافية للمدينة أو البلدة، حيث خاضت بعض القوائم الانتخابات على أساس تقسيم الحارات والأحياء، ما أدى أيضا إلى اتساعٍ في المسافة والشروخ بين تلك الحارات والأحياء، والذي كاد، في مرحلة الدعاية والانتخابات، وفي أكثر من موقع، أن يؤدي إلى تعريض السلم الأهلي والمجتمعي للخطر، والذي قد يحتاج فترة ليست قليلة من أجل إنهاء آثاره وتبعاته السلبية.
أما حركة حماس، والتي رفضت إجراء الانتخابات في قطاع غزة، الذي يخضع لسلطتها، بحجة عدم التوافق الوطني على إجراء الانتخابات، ولم تشارك في قوائم لها في الضفة الغربية، إلا أنها أيضا تعرّضت لصدمة كبيرة، عندما دعت كوادرها وأنصارها في الضفة الغربية إلى
التوجه للصناديق، واختيار من يرونه الأفضل، حيث جاءت دعوتها قبل موعد الانتخابات بأسبوع، إلا أن نسبة الاستجابة لدعوتها كانت متدنية جدا، وهذا يتم فهمه على تراجع في الالتزام بقرارات قيادة الحركة من كوادرها وأنصارها، بعكس ما هو معروف عن مدى الالتزام القوي لأعضاء حركة حماس في قرارات قيادتها، إضافة إلى أن أصوات أعضاء "حماس" الذين شاركوا في التصويت ذهبت في عدة اتجاهات، ما أفقد الحركة القدرة على إنجاح قوائم محدّدة، وخصوصا التي نافست حركة فتح، لا بل إنه، في ظل المشاركة العشائرية الواضحة، فان بعض أصوات أعضاء "حماس" ذهبت، في بعض المواقع، الى قوائم حركة فتح الرسمية، ما شكل تناقضاً واضحاً بين سياسات (ومواقف) الحركة وسلوك بعض عناصرها.
إسرائيليا، كانت الصدمة الكبرى من الانتخابات المحلية والبلدية، وخصوصا أن الحكومة الإسرائيلية، ومعها أطراف حليفة لها، كانت قد راهنت على أن الانتخابات البلدية في الضفة الغربية يمكن أن تؤدي إلى إنتاج قيادات محلية بديلة، قد تتعامل معها كعناوين، وتتفاوض معها بشأن إدارة الحياة اليومية للمواطنين الفلسطينيين، ونقل جزء من صلاحيات السلطة الفلسطينية إلى تلك البلديات، والتعايش مع الاحتلال، في ظل الأزمة الكبيرة التي تشهدها العملية السياسية مع السلطة الوطنية الفلسطينية، واحتمالية تراجع قوة السلطة، حيث إن باحثين إسرائيليين عديدين، متخصصين في الشؤون الفلسطينية، اعتبروا تدني نسبة المشاركة الفلسطينية في الانتخابات، وخصوصا في المدن الكبرى، كالخليل ونابلس، مؤشراً واضحاً على رفض المشروع الإسرائيلي المستقبلي في إيجاد قيادات بديلة، وتفكيك القيادة والتمثيل السياسي الفلسطيني، جزءاً من مشروع تهويد الضفة الغربية وضمها، وإدامة أمد الاحتلال والاستيطان.
وقد شكلت نسبة التصويت المتدنية صدمة كبيرة لحركة فتح التي عملت وبقوة من أجل زيادة نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات، واستنفرت معظم كوادرها وعناصرها، وأنفقت مبالغ مالية كبيرة في سبيل تحقيق ذلك الهدف، حيث أدت حالة الانقسام الفلسطيني، وانعدام المنافسة القوية في ظل مقاطعة الفصائل الفلسطينية، وتراجع ثقة المواطن الفلسطيني بالمؤسسات القائمة، إلى عدم توجه كثيرين من الناخبين الفلسطينيين في الضفة الغربية لصناديق الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم، كما أن تزامن إجراء الانتخابات المحلية مع إضراب المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية عن الطعام أدى إلى تراجع الاهتمام في المشاركة بالانتخابات. وفي المقابل، أدّى إجراء الانتخابات وحملاتها الدعائية إلى تراجعٍ في حجم ووتيرة التفاعل والتضامن الشعبي الفلسطيني مع الأسرى المضربين.
لم تكن نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات المحلية الصدمة الوحيدة لحركة فتح، بل واجهت الحركة تحديات أخرى وكبيرة، حيث لم تتمكن من تشكيل قوائم مستقلة لها في مواقع كثيرة، ما دفعها إلى تعويم المشاركة، أو خوض الانتخابات في قوائم ضمّت مرشحين من كبريات
أدى لجوء حركة فتح إلى اختيار مرشحين من كبريات العشائر لقوائمها إلى إعطاء دور وأهمية كبرى للعشائر، على حساب كوادر الحركة وأعضائها، ما شكل تقدما واضحا للعشائر، وتراجعا للمعايير الوطنية والنضالية، على الرغم من أن العشائر الفلسطينية كانت قد شكلت الحاضنة الوطنية للحركة الوطنية الفلسطينية طوال سنوات الاحتلال، وقد أدت مشاركة بعضها في قوائم حركة فتح إلى فوز الحركة، بسبب حصولها على أصوات تلك العشائر، ما لا يمكن اعتباره رصيدا لها، حيث من الممكن في أية انتخابات سياسية أو بلدية قادمة ألا تحصل على أصوات هذه العشائر. وفي المقابل، أدت مشاركة بعض العشائر في قوائم مستقلة منافسة لحركة فتح إلى فوز تلك القوائم على حساب قوائم "فتح"، ما شكل للأخيرة ضربة اخرى، وجعلها غير قادرة على تشكيل المجالس البلدية في عدد من البلديات بدون التحالف مع قوائم مستقلة اخرى، ذات تشكيلة عشائرية أو فنية.
أدى عدم مشاركة القوى السياسية والحزبية الفلسطينية في الانتخابات، وجعلها تدور في أوساط حركة فتح، وبعض العشائر، إلى إحداث شروخ وتصدعات كبيرة داخل الحركة، كما في عشائر كثيرة، وأصبح المحدد الرئيس للتصويت ، إضافة إلى أن مواقع شهدت منافسة انتخابية، بناء على التركيبة الجغرافية للمدينة أو البلدة، حيث خاضت بعض القوائم الانتخابات على أساس تقسيم الحارات والأحياء، ما أدى أيضا إلى اتساعٍ في المسافة والشروخ بين تلك الحارات والأحياء، والذي كاد، في مرحلة الدعاية والانتخابات، وفي أكثر من موقع، أن يؤدي إلى تعريض السلم الأهلي والمجتمعي للخطر، والذي قد يحتاج فترة ليست قليلة من أجل إنهاء آثاره وتبعاته السلبية.
أما حركة حماس، والتي رفضت إجراء الانتخابات في قطاع غزة، الذي يخضع لسلطتها، بحجة عدم التوافق الوطني على إجراء الانتخابات، ولم تشارك في قوائم لها في الضفة الغربية، إلا أنها أيضا تعرّضت لصدمة كبيرة، عندما دعت كوادرها وأنصارها في الضفة الغربية إلى
إسرائيليا، كانت الصدمة الكبرى من الانتخابات المحلية والبلدية، وخصوصا أن الحكومة الإسرائيلية، ومعها أطراف حليفة لها، كانت قد راهنت على أن الانتخابات البلدية في الضفة الغربية يمكن أن تؤدي إلى إنتاج قيادات محلية بديلة، قد تتعامل معها كعناوين، وتتفاوض معها بشأن إدارة الحياة اليومية للمواطنين الفلسطينيين، ونقل جزء من صلاحيات السلطة الفلسطينية إلى تلك البلديات، والتعايش مع الاحتلال، في ظل الأزمة الكبيرة التي تشهدها العملية السياسية مع السلطة الوطنية الفلسطينية، واحتمالية تراجع قوة السلطة، حيث إن باحثين إسرائيليين عديدين، متخصصين في الشؤون الفلسطينية، اعتبروا تدني نسبة المشاركة الفلسطينية في الانتخابات، وخصوصا في المدن الكبرى، كالخليل ونابلس، مؤشراً واضحاً على رفض المشروع الإسرائيلي المستقبلي في إيجاد قيادات بديلة، وتفكيك القيادة والتمثيل السياسي الفلسطيني، جزءاً من مشروع تهويد الضفة الغربية وضمها، وإدامة أمد الاحتلال والاستيطان.