مليون لبناني يعيش تحت وطأة الدّين

01 ديسمبر 2014
الأقساط الشهرية تلتهم ميزانيات الأسر اللبنانية(رمزي حيدر/فرنس برس/getty)
+ الخط -
محمد خليفة، تاجر مواد طبية، تقدم في العام 2010 للحصول على قرض تعليمي جامعي لأبنائه بقيمة 20 ألف دولار. بعد سنتين، لم يعد قادراً على دفع الأقساط الشهرية. يقول لـ "العربي الجديد": تراجع حجم أعمالي بشكل لافت، ولم أعد قادرا على سداد الأقساط، التي تصل إلى 600 دولار شهرياً".
ويضيف خليفة: "في العام 2011، بدأت تتوقف نشاطاتي، بسبب الحرب في سورية، حيث كنت مورداً لبعض الأدوات الطبية، الأمر الذي انعكس على ميزانية أسرتي. وفي العام 2013، توقفت عن سداد الأقساط لمدة 4 أشهر إلى أن تمكنت من بيع عقار ورثته عن أهلي، بثمن بخس لسداد الأقساط المتوجبة عليّ".

مليون مقترض 
الأرقام توضح حجم المشكلة. إذ إن مليون مقترض، يعيشون تحت رحمة سداد الأقساط الشهرية للمصارف. ولا يحصل المقترض على دين واحد، إذ إن عدد القروض قد سجل في نهاية العام الماضي نحو مليوني قرض. في حين أن حجم تسليفات القطاع المصرفي وصل إلى 50 مليار دولار، حتى نهاية الفصل الثالث من العام الحالي.
وتطال القروض في لبنان كل تفاصيل الحياة من البيت وأثاثه، مروراً بقرض السيارة والقروض الجامعية، وقروض السفر والقرض الشخصي، وصولاً إلى قرض عمليات التجميل.
وقد أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً أخيراً، طالب رفع المؤونات الإجمالية المطلوب تكوينها من المصارف، مقابل محفظة قروض التجزئة بنسبة 0.5% سنوياً على مدى ست سنوات.
وبحسب رئيس قسم عمليات الخزينة والعمليات المصرفية الخاصة في أحد المصارف اللبنانية رامي مزهر، إن الجمود الاقتصادي، بدأ يؤثر على نسب القروض المصرفية، وعلى قدرة المواطنين على السداد. ويشرح لـ "العربي الجديد" أنه "للحفاظ على السمعة المصرفية، أصدر حاكم مصرف لبنان التعميم الأخير، لضبط أي عملية تعثر قد تحصل". ويشير إلى أنه "لا يوجد إحصائية عن حالات تعثر سداد المقترضين، فالحالات لاتزال فردية نسبياً".
ويعد حجم التسليفات من قبل المصارف اللبنانية مرتفعا نسبياً في بلد يعاني من ارتفاع الدين العام، وتراجع حجم الأعمال. ويعود السبب في هذا الارتفاع إلى ضعف رسملة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وبحسب الأرقام الصادرة عن صندوق النقد الدولي، فإن عدد المقترضين وصل إلى 299 لكل ألف شخص في المصارف التجارية في لبنان في العام 2013. وقد احتل لبنان المرتبة الأولى بين 10 دول عربية من حيث نسبة اختراق المقترضين.
وبحسب الخبير المصرفي مروان بركات فإن "القروض المصرفية تشكل الحلقة المكملة التي تلبي حاجات اللبنانيين المتنوعة". ويقول بركات لـ "العربي الجديد: "ساهمت التحفيزات المقدمة من قبل مصرف لبنان بداية العام في تنشيط حركة التسليفات بشكل عام. حيث خصصت المبالغ لتوزيعها على شكل قروض للإسكان، الطاقة، والأبحاث".
ويضيف: "خلال السنوات الثلاث الماضية، لم تشهد التسليفات المصرفية انخفاضاً كبيراً، بالرغم من الأوضاع السياسية. وبالمقارنة بين عامي 2007-2010، نلاحظ أن نسبة الإقبال على التسليفات المصرفية مقبولة، بالرغم من أن النمو لم يزد على 2%".
ووفق بركات، فإن "المصارف اللبنانية بقيت محافظة على وتيرة التسليفات نسبياً، خاصة بالنسبة إلى القروض المشكوك بتحصيلها، التي سجلت نسبة 3.2% من مجموع القروض بشكل عام. فيما كانت تصل نسبتها خلال السنوات السابقة إلى 3.5%". وهذا الأمر بحسب ما يقول بركات "يوضح أن حجم التسليفات وإن انخفض، لكن نوعية التسليفات ما زالت في معدل مقبول".
إذ لا يعني انخفاض نسب التسليفات، أن المقترضين انصرفوا عن الاستدانة من المصارف. ووفق الخبير المصرفي نسيب غبريل، فإن "العديد من طلبات القروض تقدم يومياً إلى المصارف، لكن المصارف اللبنانية تتريث قبل إعطاء الموافقة، لأسباب عديدة، منها غياب الاستقرار". ويضيف غبريل في حديث لـ "العربي الجديد": "لم تنخفض نسبة الإقبال على القروض بالرغم من ضبابية الظروف السياسية والاقتصادية، إلا أن المصارف تتريث عادة قبل الموافقة لدراسة الجدوى الاقتصادية، وحالة المقترض، وغيرها من الأمور الأساسية، التي تضمن عدم التعثر في السداد".