مليونا مريض نفسي في الجزائر

في شوارع الجزائر العاصمة عدد كبير من المعوقين ذهنياً. يجولون من حي إلى حي ومن شارع لآخر. وبينما يثير مظهرههم الرث الشفقة والتعاطف أحياناً، ينفر منهم آخرون ويخافونهم، فيما يؤكد مختصون في الصحة العقلية ضرورة وضع برنامج وطني شامل للتكفل بشريحة تتزايد أرقامها بشكل ملحوظ منذ أعوام.

ويكشف رئيس مصلحة الأمراض العقلية في مستشفى دريد حسين بالعاصمة، محمد تجيزة، عن أنّ 6 % من سكان الجزائر مصابون باضطرابات عقلية أو نفسية خطيرة، أي ما يقارب مليوني جزائري. ويضيف أنّ العدد مرشح للارتفاع بسبب عدة عوامل وتغيرات عرفها المجتمع الجزائري. وتتمثل هذه العوامل بالضغط اليومي، وصعوبة المعيشة من جراء أزمة السكن، والبطالة، والزواج المتأخر، والفقر، والعنف.

ويحذر تجيزة من هذه الظاهرة، بخاصة في ظل النقص الحاصل في المستشفيات الخاصة بعلاج هذا النوع من الأمراض، والكوادر الطبية المتخصصة. كما يشير إلى أنّ نقص الدواء الخاص بعلاج الأمراض العقلية هو من أهم العراقيل، التي يواجهها رؤساء مصالح الطب العقلي في المستشفيات. ويؤكد عدم توافر أكثر من 3 أنواع من الأدوية في الأسواق. ويتساءل عن صمت وزارة الصحة، رغم تزايد الاضطرابات العقلية والنفسية في أوساط الجزائريين.
ويحذر الخبراء بالذات من الغلاء الكبير في بعض الأدوية، ومنها "زايبريكسا" المضاد للذهان، الذي يتوافر بكميات قليلة، ويصل سعر العلبة الواحدة منه (28 قرصاً) إلى 13 ألف دينار جزائري (150 دولاراً أميركياً).

ويشير الخبراء إلى أنّ البعض من المرضى النفسيين في الجزائر، تسببت الأزمات الأمنية في حالتهم. وبالذات سنوات الصراع المسلح (العشرية السوداء: 1991- 2002)، التي تسببت بصدمات نفسية لهم. كما أفرزت تلك السنوات انتشاراً مقلقاً لأمراض نفسية مرتبطة بأمراض القلب والشرايين والسكري. ويعاني المعوقون ذهنياً في الجزائر بشكل عام من أوضاع طبية واجتماعية صعبة. فكثير منهم يتركون في الشوارع من دون رعاية.

ويشير الخبراء إلى اثنين من الإعاقات الذهنية الأكثر انتشاراً في الجزائر. الأولى المالينخوليا، التي تتسم باكتئاب شديد، مع نرجسية زائدة. كما يشعر المريض لاحقا،ً أو يتوهم، أنّه مصاب بجملة أمراض قاتلة. النوع الثاني هو الهوس الأحادي (مونومانيا). وفيه يعاني المصاب من هلوسات محددة، قد ترفع كمية العنف لديه خارج أيّة سيطرة. لكنّه في وقت لاحق يصل إلى مرحلة الوهن الكامل في القوى العقلية.