مليشيات العراق تبتز الشركات الأجنبية

24 ديسمبر 2015
المليشيات العراقية تخيف المستثمرين (فرانس برس)
+ الخط -
تمارس المليشيات المسلحة في العراق، وفق مطلعين، عمليات ابتزاز للشركات الأجنبية التي تقدم للعمل في البلاد، لما لها من قوة ونفوذ بدعم من أحزاب وشخصيات متنفذة في الدولة.

وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن شركات كانت تسعى لإنجاز مشاريع في الاتصالات والبنى التحتية، تأكدت أنها ستجازف بسمعتها في حال وافقت على الدخول إلى الساحة العراقية، التي كانت خلال السنوات الماضية غنية بالمشاريع العملاقة الواعدة بوجود ميزانيات ضخمة بسبب ارتفاع أسعار النفط حينها.

وقال عبد الخالق الدايني، أحد المستثمرين العاملين في قطاع الاتصالات والمشاريع الكهربائية، إن جميع الشركات الأجنبية التي عملت وتعمل في العراق "تدفع حصصاً للمليشيات لأجل استمرار أعمالها في العراق".

وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "بعض الشركات الأجنبية التي أنجزت مشاريع في العراق صارت تربطها علاقات مع شخصيات كبيرة في المليشيات، تدفع لها مبلغاً مالياً، أو نسبة من الأرباح بمقابل عدم تعرضها لمضايقات من قبل فصائل أخرى".

وحسب الدايني، الذي يؤكد على أنه مطلع بحسب عمله مع تلك الشركات على "الكثير من الحقائق"، فإن "بعض الشركات تعرضت آلياتها إلى السرقة، أو حتى تمنع من إكمال أعمالها إن لم تدفع لتلك المليشيات مقدماً قبل بدئها الشروع في العمل".

وقال المهندس علي محمود، الذي عمل مع إحدى الشركات الأجنبية في بغداد، لـ"العربي الجديد" إنه هُدّد من قبل مليشيات مسلحة بالقتل في حال لم يترك موقع العمل هو وزملاؤه؛ والسبب وفق قوله، أن "الشركة الأجنبية التي نعمل لصالحها لم تدفع المال لتلك المليشيات".

وأضاف: "العمل كان في إحدى المناطق التي تضم مكاتب ومقرات لإحدى المليشيات النافذة، وهي ترى أن الشركة الأجنبية تعمل في منطقة تخضع لنفوذها ويجب عليها أن تدفع المال مقابل السماح لها بالعمل".

كما أن "التجاوزات التي ترتكب بحق الشركات الأجنبية موجودة، والحكومة والأجهزة الأمنية على علم بها" وفقاً لمسؤول أمني في وزارة الداخلية العراقية، تحدث لـ"العربي الجديد" طالباً التستر على هويته.

وتابع: "لا توجد مليشيات في العراق غير مرتبطة بمسؤول كبير في الحكومة وأحزاب السلطة الحاكمة، لذلك لا تستطيع الأجهزة الأمنية ردعها مهما فعلت".

وفي تأكيد على ممارسة المليشيات المسلحة حريتها الكاملة في عمليات استهداف الشركات الأجنبية بالعراق، وصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الثلاثاء الماضي، مليشيات مسلحة بالـ"وقحة"، متهماً إياها "بارتكاب أعمال سلب منظمة لشركات أجنبية تحت غطاء وزارات أمنية".

وجاء هجوم زعيم التيار الصدري، في سياق ردٍ على رسالة، اطلع عليها مراسل "العربي الجديد" وجهها عناصر من شرطة محافظة واسط (167 كلم جنوب بغداد)، حول اعتداء مجاميع مسلحة ترتدي زياً عسكرياً على شركة مساندة لشركة "غاز بروم" الروسية في المدينة. وقال الصدر إنَّ "المليشيات الوقحة تقوم بأعمال إجرامية بالسلب والدهم والقتل وتحدي الحكومة".

واعترف بأنَّ حادثة الاعتداء على الشركات لم تكن الأولى، معتبراً أنها لن تكون الأخيرة، مطالباً الحكومة بردع حازم لمحاسبة تلك المليشيات وفق القانون.

ورأى أن تلك المليشيات "عاثت فساداً في وسط وجنوب البلاد، في محاولة لفرض سيطرتها بالقوة على تلك المناطق، عبر أعمال الإرهاب وتكسير المقرات وتهديد السياسيين والأهالي"، ملمحاً إلى وجود "غطاء أمني من قبل الوزارات الأمنية أو بعض أفرادها لتلك المليشيات".

ومقتدى الصدر، وفق ما يؤكده مراقبون عراقيون لـ"العربي الجديد"، كان من أوائل مؤسسي المليشيات في العراق، حين أعلن عن تأسيس مليشيا "جيش المهدي".

وبحسب المحلل السياسي، علي الصميدعي، فإن "جيش المهدي كان مرعباً للعراقيين خاصة في سنتي العنف الطائفي 2005 - 2009، وارتكب جرائم كبيرة بحق المواطنين العزل، كما فرضت عناصره إتاوات على التجار وأصحاب الأعمال الخاصة، هذا بالإضافة إلى استيفائهم لحصص مالية من شركات أجنبية عملت في العراق".

وأشار إلى أن "أعتى وأشرس القياديين انشقوا من جيش المهدي وأسسوا مجاميع خاصة تعمل في السلب والاختطاف، وبعضهم انضم إلى مليشيات طغى نفوذها على جيش المهدي، الذي تحول لاحقاً إلى سرايا السلام".

اقرأ أيضاً: المليشيات تدعم سيطرة إيران على السوق العراقية

المساهمون