حذّر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، من انفجار الوضع في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، في حين ناقضت ممثلة الولايات المتحدة، نيكي هيلي، نفسها، قبل أن تناقض سياسة حكومتها، حينما انتقدت المجتمع الدولي على عدم تقديمه المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني ولمنظمات الأمم المتحدة، بما فيها "الأنروا"، والتي أوقفت بلادها أغلب دعمها لها.
وقالت هيلي، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي الدورية بشأن الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، إن "هؤلاء الذين يتحدثون في خطاباتهم عن دعم الشعب الفلسطيني، لا يحملون إلا كلمات دون أفعال، وتقديمهم المساعدات للأنروا، إما معدوم أو محدود، ولا يعكس الحاجة على الأرض".
وتحدثت عن أن الولايات المتحدة قدمت العام الماضي أكثر من 360 مليون دولار كمساعدات لـ"الأونروا"، ثم تساءلت: "كم هو حجم المساعدات التي قدمتها الدول العربية للأمم المتحدة ومنظمة الأونروا لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين؟ كم هو حجم المساعدات التي قدمتها العديد من الدول الغربية؟".
وتستخدم السفيرة الأميركية استراتيجيات مختلفة في اللقاء الشهري لمجلس الأمن لنقاش الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في محاولة لصرف النظر عن ممارسات الاحتلال، فمنذ سنة، أي بعد توليها منصبها، ظلت ترفض الحديث عن فلسطين وتستغل الجلسة للحديث عن إيران، على الرغم من وجود جلسات خاصة تناقش الملف النووي الإيراني.
ويبدو أن السفيرة الأميركية تحاول الآن استخدام استراتيجية جديدة تهاجم من خلالها الدول الأخرى، لعدم دعم الفلسطينيين ماديًا، بهدف صرف النظر عن مسؤولية بلادها في دعم النظام الإسرائيلي واستمرار استعمار فلسطين.
من جانبه، حذّر نيكولاي ملادينوف، من انفجار الوضع في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مناشداً "جميع الأطراف بوقف التصعيد".
وتحدث ميلادينوف عن "الدبلوماسية الدولية من قبل الأمم المتحدة ومصر، والتي حالت دون نشوب مواجهة عسكرية رابعة خلال العقد الأخير".
وأشار إلى استشهاد 20 فلسطينيًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، 19 منهم في غزة، وجرح أكثر من ألف فلسطيني، أغلبهم في غزة أيضًا، خلال شهر يوليو/تموز الجاري. وتحدث كذلك عن مقتل الجندي الإسرائيلي برصاص قناص من غزة.
وقال المبعوث الأممي "في أيلول/سبتمبر 2014، بعد وقت قصير من نشوب الصراع المدمر عام 2014، قال سلفي أمام مجلس الأمن الدولي: علينا تغيير ديناميكيات الوضع في غزة وبشكل جذري؛ إذا لم نفعل ذلك، فإن الوضع في غزة سينفجر مجددًا مع موجات عنف وموت جديدة محتملة".
وأكد أن قوات الاحتلال أغلقت "معبر" كرم أبو سالم الحدودي مع غزة، وسمحت فقط بمرور جزء من البضائع والمساعدات الإنسانية، كما قلصت حجم مناطق الصيد للغزيين. وأضاف أن البالونات الحارقة من غزة أدت إلى اندلاع الحرائق في ما يقارب 8500 هكتار من الأراضي.
وعبر ملادينوف عن قلقه فيما يخص النقص في ميزانية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". وعبّر عن قلقه من إمكانية تخفيض المساعدات، واحتمال تأجيل بدء العام الدراسي لأكثر من نصف مليون تلميذ فلسطيني. وقال إن الأونروا تحتاج حاليًا إلى حوالي 217 مليون دولار كي تستمر بتقديم خدماتها لهذا العام.
ونوه إلى أن "الجهود والمساعي الدولية يجب أن تكون من أجل توحيد السلطة في غزة والضفة تحت نظام سياسي واحد تكون فيه الأسلحة تحت سيطرة حكومة واحدة وشرعية".
وعن الوضع في القدس، قال "إن القوات الإسرائيلية مستمرة بإغلاق ومصادرة أراضي الفلسطينيين في خان الأحمر، حيث تنوي تهجير أهلها وبناء المستوطنات فوق أراضيهم". وناشد السلطات الإسرائيلية بوقف هدم البيوت.
من جهته، بيّن السفير الفلسطيني للأمم المتحدة، رياض منصور،أن الفلسطينيين في غزة يواجهون وضعًا إنسانيًا صعبًا. وأشار إلى أن "قدرة الغزيين وأحلام جيل بأكمله من الشباب محاصرة"، وأن احتجاجاتهم كانت سلمية، فيما تواصل إسرائيل القتل المتعمد للمدنيين الفلسطينيين.وعن القدس المحتلة، قال "إن شعبنا يعاني من تهديد مستمر، بما في ذلك تهجير السكان في مناطق خان الأحمر من أجل بناء المستوطنات"، وتحدث عن غياب الإجراءات الدولية لردع سلطات الاحتلال.
أما السفير الفرنسي، فرانسوا دولاتر، فقد حذر من استمرار بناء المستوطنات، وأكد أن موقف فرنسا يؤكد أن الاستيطان غير قانوني، وهو خطر ويفاقم التوتر والعنف، ولا يجدي نفعًا، ويدمر حل الدولتين.
وأضاف "إن وحدة ترابية فريدة تتخذ شكلًا أمام أعيننا" بسبب الممارسات المتعلقة بمصادرة الأراضي والمستوطنات، ملمحًا لنظام الفصل العنصري "الأبارتهايد" الذي تنهجه دولة الاحتلال دون أن يسميه بهذا الشكل.
وأكد مجددًا أن بلاده تدعم حل الدولتين، وقال "إن أي خطة سلام تدير ظهرها للمرجعيات الدولية التي تؤدي إلى حل الدولتين مصيرها الفشل".