مقال في مجلة

13 مارس 2017
+ الخط -
لا نسمع غالباً أنّ مقالاً أثار ضجة وسخطاً شعبياً في المجتمع السوري، خصوصا أنّ الصراع شغل الشارع السوري عن نفسه فكيف ما يثار ويكتب في أروقة الصحافة؟ إلا أنّ ما نشرته المجلة ذات الطابع الثوري "طلعنا عالحرية" تحت عنوان "شيلني يا بابا" أثار سخطاً شعبياً في أوساط المجتمع السوري، وخصوصا في منطقتي الشمال السوري والغوطة الشرقية المتمثلة في دوما، إذ خرج عشرات المتظاهرين ليتظاهروا أمام مقر المجلة، ما استدعى من الموظفين إغلاق المكاتب وإخلاء المجلة على الفور ليقتحمها المتظاهرون الغاضبون، ناشرين بعض الصور لموظفي المجلة، كي يتم أخذ القصاص منهم، ليبادر معبر باب الهوى في الشمال السوري على الفور، ويقرّر منع دخول أعداد المجلة عن طريق المعبر، ورفع دعوة قضائية على المجلة كشخصية اعتبارية وحقيقية، وليصدر المجلس الإسلامي السوري بياناً يندّد بالمقال.
وفي الجانب الآخر، وفي الغوطة الشرقية، وفي مدينة دوما تحديداً، بدأت تتفاعل القضية وتأخذ شكلاً بعيداً عن إغلاق مكاتب المجلة هناك، ليعمد جيش الإسلام ومن خلال سيطرته على القضاء لاستثمار القضية ليغلق جميع المكاتب والمنظمات الإنسانية والإغاثية والتوثيقية في البناء بالكامل من منظمة حراس الطفولة، ولجان التنسيق المحلية ومكتب التنمية ومركز توثيق الانتهاكات VDC، مع العلم أنّ تلك المنظمات لا تربطها مع المجلة أيّ علاقة سوى علاقة الجار والزمالة، ولكن عدم رضى جيش الإسلام على تلك المنظمات، كونها لا تخضع لسلطته منذ زمن، زادت من حنقه وغضبه، لينتهز الفرصة وينقض عليها، وليصدر ومن خلال القضاء قرار بإغلاقها، وهذا ما أثار غضب الناشطين والمنظمات، على الرغم من عدم رضاهم على المقال، ما أعاد إلى الأذهان قضية المختطفين الأربعة (رزان زيتونة ووائل الحماده وسميرة الخليل وناظم حمادي)، كونهم كانوا الداعمين الرئيسيين وأعضاء مؤسّسين لمعظم تلك المنظمات والمشاريع قبل انفصالها عن بعضها مالياً وإدارياً، ما اعتبر استمراراً في تصفية الحسابات القديمة، وإنهاء حسابات عالقة بين طرفي النزاع.
وقد حمّلت المنظمات المعنية بالأمر، وغيرها في الداخل السوري وخارجه جميع الأطراف العاملة هناك في بيانها بالأمس المسؤولية عن سلامة الموظفين، مغفلين اسم جيش الإسلام من بيانهم الختامي، وقد نوّه البيان أيضاً بأنّ المجلة قدّمت مراراً اعتذارها عما نشرته، وأخلت مسؤوليتها كونها لا تتبنى بالضرورة الآراء الموجودة فيها. وعلى هذا، قد صدر البيان ووقع كلّ من لجان التنسيق ومركز توثيق الانتهاكات VDC ومكتب التنمية ودعم المشاريع الصغيرة والحراك السلمي السوري واليوم التالي على البيان.
وقد تفاعل نشطاء عديدون مع الحادثة، مميزين بين عدم رضاهم عن المقال وأن يحمّل المقال فوق ما يحتمل، وجعله شماعة لإغلاق مؤسسات ليست لها علاقة بالأمر، ليصدروا بيانا آخر باسم "بيان حول إغلاق مكاتب المنظمات المدنية في الغوطة الشرقية"، ويطرح للتوقيع للعموم مندّداً بجيش الإسلام علانية، كونه ينتهج سياسة الإقصاء في كل حين ووقت، وعندما يراه مناسباً.
والآن، أصدرت مجلة طلعنا عالحرية، بياناً تغلق فيها مكاتبها وتتوقف عن العمل، إذ أعلنت رئيسة تحريرها، ليلى الصفدي، ونائبها استقالتهما من منصبيهما إلى حين تبيّن ما ستؤول له الأمور، وخصوصا أنّ أسامة نصار نائب رئيس التحرير مَثل أمام القضاء طواعية، وكلّ هذا ومازال جيش الإسلام يحرّض الشارع والمشايخ، بتشويه سمعة المنظمات وأعضائها في الجوامع والاجتماعات الخاصة والعامة.
30F1069C-9142-4BC8-B8D3-7C3F97BDB45F
30F1069C-9142-4BC8-B8D3-7C3F97BDB45F
باسل الحمادة (سورية)
باسل الحمادة (سورية)