04 مايو 2016
مقاطعة أوروبا بضائع المستوطنات الإسرائيلية
يبدو أن القرارات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بالشروط التي تقضي بدمغ البضائع الإسرائيلية المنتجة في المستوطنات لمنع استيرادها، أغضبت إسرائيل، لأن هذا الإجراء ينطوي على رفض الأوروبيين الاستيطان الذي يطيح إمكانية قيام دولة فلسطين.
هذا بالإضافة إلى أنها تشكل خرقاً فاضحاً لقرارات الأمم المتحدة، لكونها غير قانونية وغير شرعية، كما لأنها تلغي احتمال سيادة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية، فمفهوم الاحتلال لا يسمح بتغيير معالم الأراضي المحتلة، حسب اتفاقية جنيف الرابعة، وإلا تحول ما سمي الاحتلال إلى اغتصاب الأرض. وهذا يعني أن الخرق الرئيسي يكمن، أيضاً، في أن البضائع المصنعة في المستوطنات يكتب عليها "صنع في إسرائيل"، ما يعني أن المستوطنات جزء من إسرائيل الكبرى، وليس لفلسطين الدولة المقبلة، والتي عاصمتها القدس الشرقية.
لذلك، الإجراء الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي هو تأكيد على أن ما ينتجه المستوطنون في المستوطنات ليس إلا خرقاً إسرائيلياً واضحاً لمفهوم الاحتلال، وبالتالي، تصبح المستوطنات دليلا على غزو أرض، وليس احتلالها.
كما أن أي تسليم لبضائع مستوردة من مستعمرات أو مستوطنات إسرائيلية يشكل سابقة خطيرة، تنطوي على التسليم بأن المستوطنات جزء من إسرائيل، ما يزرع بذور انعدام تحقيق حل الدولتين. من هنا، نجد أن البضائع المنتجة في المستوطنات تصمم على أن الإيحاء بأن المستوطنات جزء مكون لإسرائيل، وبالتالي، التدرج باتجاه إلغاء قيام الدولتين على أرض فلسطين.
وعليه، نجد أن حملة المقاطعة المعروفة باسم "بي دي أس" عمّت بسرعة في العالم وأنصار
فلسطين، بل في جامعات وكليات أميركية عديدة، حيث يؤيد طلاب وأساتذة يهود كثيرون المقاطعة، كونها خياراً لاعنفيا وأخلاقيا، ويتسم بالشرعية التي تحاول الحكومة الإسرائيلية الحالية، وأمثالها، مجابهتها والطعن بها. لذا، علينا، وعلى الدول المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، أخذ الإجراءات اللازمة والمشروعة، قبل أن يتحول الشطط الإسرائيلي الراهن إلى نمط متواصل بدون مواجهةٍ، أو مقاومةٍ، ليس فقط من الشعب الفلسطيني وأنصاره، بل أيضاً من المجتمع الدولي. فإذا بقي التصرف الإسرائيلي على حاله، كما يبدو، فهذا من شأنه ترسيخ الاعتقاد بأن اليمين الإسرائيلي، خصوصاً، سيتحدى المجتمع الدولي، ويضعه أمام أمر واقع يصعب بعد ذلك إزالته.
من هنا، علينا جميعاً أن نجعل من المقاطعة التي تقوم بها "بي دي إس" إحدى طلائع المقاومة الفلسطينية، وكذلك القرارات الأممية التي تدين ما يمكن تسميته الاغتصاب الذي يعمل على ترسيخ المستوطنات، وتوسيع رقعتها. وبالتالي، تعويد الأوروبيين والأسواق الدولية على أن هذا هو السائد في التعامل الاقتصادي والمالي مع العالم.
ومن شأن موقف الاتحاد الأوروبي، في هذا الصدد، والنمو المتواصل لحركة "بي دي أس"، كما صمود الشعب الفلسطيني وترجمة القرارات المتعلقة بحقوقه وجعلها نافذة؛ أن يردع تمادي إسرائيل في استباحة الحقوق الوطنية من جهة، والحيلولة خصوصاً من السلوك الإسرائيلي، لاسيما اليمين الحاكم الآن، أن يستأثر بحقوق فلسطين التاريخية، والطعن بحقوق الإنسان في فلسطين نفسها، كما الاستمرار، بصفاقة، في ربط الصناعة في المستوطنات، وتسويقها على أنها بضائع إسرائيلية الإنتاج، وبالتالي، تعزيز الاعتقاد بأن المستوطنات هي من إسرائيل.
إزاء التعقيدات المتتالية في الحالة الدولية الراهنة، لا مفر من أن ندرك الصعوبات التي من شأنها أن تواجه معالجة القضية الفلسطينية وسط المستجدات المتواصلة. وأن ندرك أيضاً أن جزءاً من معالجة قضية فلسطين يكمن في معالجة الأوضاع العربية عامة. من هنا، لا بد من البدء بإعادة النظر في التكيف مع المستجدات، وأن نكون على استعداد لاستيعابها، ثم توظيفها من أجل توفير الظروف الملائمة التي من شأنها أن ترافق المتغيرات، وتخضعها لخدمة الثوابت التي تميز تاريخ القضية الفلسطينية، وتشجع على نقد الذات، في مسيرة كثيرة التعقيد، ومتنوعة العقبات.
المقاومة متعددة الأبعاد ضرورية ضد عدو غير مستعد للتفاوض، بهدف الوصول إلى حل عادل، لأنه يعتقد أنه ليس في صدد الرضوخ للشرعية، وأنه، كما يبدو، مصر على الإملاء. وبالتالي، فإن من شأن ما قام به الاتحاد الأوروبي من إجراءات صارمة في موضوع شهادة المنشأ أن يكون الخميرة لإزالة التشويه، واستقامة الحل العادل والشامل لفلسطين عربية، والذي يستعيد العالم من خلاله ضميره المغيّب.
(مفكر عربي)
هذا بالإضافة إلى أنها تشكل خرقاً فاضحاً لقرارات الأمم المتحدة، لكونها غير قانونية وغير شرعية، كما لأنها تلغي احتمال سيادة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية، فمفهوم الاحتلال لا يسمح بتغيير معالم الأراضي المحتلة، حسب اتفاقية جنيف الرابعة، وإلا تحول ما سمي الاحتلال إلى اغتصاب الأرض. وهذا يعني أن الخرق الرئيسي يكمن، أيضاً، في أن البضائع المصنعة في المستوطنات يكتب عليها "صنع في إسرائيل"، ما يعني أن المستوطنات جزء من إسرائيل الكبرى، وليس لفلسطين الدولة المقبلة، والتي عاصمتها القدس الشرقية.
لذلك، الإجراء الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي هو تأكيد على أن ما ينتجه المستوطنون في المستوطنات ليس إلا خرقاً إسرائيلياً واضحاً لمفهوم الاحتلال، وبالتالي، تصبح المستوطنات دليلا على غزو أرض، وليس احتلالها.
كما أن أي تسليم لبضائع مستوردة من مستعمرات أو مستوطنات إسرائيلية يشكل سابقة خطيرة، تنطوي على التسليم بأن المستوطنات جزء من إسرائيل، ما يزرع بذور انعدام تحقيق حل الدولتين. من هنا، نجد أن البضائع المنتجة في المستوطنات تصمم على أن الإيحاء بأن المستوطنات جزء مكون لإسرائيل، وبالتالي، التدرج باتجاه إلغاء قيام الدولتين على أرض فلسطين.
وعليه، نجد أن حملة المقاطعة المعروفة باسم "بي دي أس" عمّت بسرعة في العالم وأنصار
من هنا، علينا جميعاً أن نجعل من المقاطعة التي تقوم بها "بي دي إس" إحدى طلائع المقاومة الفلسطينية، وكذلك القرارات الأممية التي تدين ما يمكن تسميته الاغتصاب الذي يعمل على ترسيخ المستوطنات، وتوسيع رقعتها. وبالتالي، تعويد الأوروبيين والأسواق الدولية على أن هذا هو السائد في التعامل الاقتصادي والمالي مع العالم.
ومن شأن موقف الاتحاد الأوروبي، في هذا الصدد، والنمو المتواصل لحركة "بي دي أس"، كما صمود الشعب الفلسطيني وترجمة القرارات المتعلقة بحقوقه وجعلها نافذة؛ أن يردع تمادي إسرائيل في استباحة الحقوق الوطنية من جهة، والحيلولة خصوصاً من السلوك الإسرائيلي، لاسيما اليمين الحاكم الآن، أن يستأثر بحقوق فلسطين التاريخية، والطعن بحقوق الإنسان في فلسطين نفسها، كما الاستمرار، بصفاقة، في ربط الصناعة في المستوطنات، وتسويقها على أنها بضائع إسرائيلية الإنتاج، وبالتالي، تعزيز الاعتقاد بأن المستوطنات هي من إسرائيل.
إزاء التعقيدات المتتالية في الحالة الدولية الراهنة، لا مفر من أن ندرك الصعوبات التي من شأنها أن تواجه معالجة القضية الفلسطينية وسط المستجدات المتواصلة. وأن ندرك أيضاً أن جزءاً من معالجة قضية فلسطين يكمن في معالجة الأوضاع العربية عامة. من هنا، لا بد من البدء بإعادة النظر في التكيف مع المستجدات، وأن نكون على استعداد لاستيعابها، ثم توظيفها من أجل توفير الظروف الملائمة التي من شأنها أن ترافق المتغيرات، وتخضعها لخدمة الثوابت التي تميز تاريخ القضية الفلسطينية، وتشجع على نقد الذات، في مسيرة كثيرة التعقيد، ومتنوعة العقبات.
المقاومة متعددة الأبعاد ضرورية ضد عدو غير مستعد للتفاوض، بهدف الوصول إلى حل عادل، لأنه يعتقد أنه ليس في صدد الرضوخ للشرعية، وأنه، كما يبدو، مصر على الإملاء. وبالتالي، فإن من شأن ما قام به الاتحاد الأوروبي من إجراءات صارمة في موضوع شهادة المنشأ أن يكون الخميرة لإزالة التشويه، واستقامة الحل العادل والشامل لفلسطين عربية، والذي يستعيد العالم من خلاله ضميره المغيّب.
(مفكر عربي)