مفاوضات "تويتر"

09 ابريل 2016
شارك عريقات في السجال على تويتر حول استئناف المفاوضات(Getty)
+ الخط -
طاف المفاوضون الإسرائيليون ونظراؤهم الفلسطينيون هذا الكون الرحيب من أوسلو في أقصى شمال الكرة الأرضية إلى كيب تاون على حافة رأس الرجاء الصالح، مروراً بين الشرق والغرب من "واي ريفر" و"كامب ديفيد" إلى "أنابوليس" عبوراً إلى الضفة الأخرى على الأطلسي في لندن وباريس وجنيف وصولاً إلى شرم الشيخ وعمان، وما خفي أوسع وأبعد. 

يبدو أن هذه الجغرافيا، ضاقت بما وسعت بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، ولم يبق من مكان على هذه البسيطة إلا وشهد جولات من المفاوضات العلنية أو السرية، المباشرة أو غير المباشرة، ولم تبق مدينة أو عاصمة أو منتجع في هذا الكون إلا ودخل التاريخ من باب 25 سنة أو يزيد من المفاوضات اللامتناهية بين العرب والإسرائيليين. ولأنّ الكرة الأرضية ضاقت بالمفاوضات، نقل الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني خلال الأيام القليلة الماضية مفاوضاتهما إلى "الفضاء الافتراضي" وراحا يتفاوضان "عبر الأثير".

بدأت مفاوضات "ما بعد كوكب الأرض" عندما أبدى رئيس السلطة الفلسطينية، عبر أثير التلفزيون الإسرائيلي، استعداده للقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو "في أي وقت". وبعد وقت قصير، رد بنيامين نتنياهو على دعوة الرئيس محمود عباس بتغريدة على "تويتر": "سمعت أن الرئيس عباس قال بأنني إذا دعوته للّقاء فإنه سيأتي (..)، أنا أوجّه الدعوة إليه مرة أخرى (..)، سأفرغ جدول أعمالي هذا الأسبوع، وفي أي يوم يمكنه الحضور. سأكون هنا". ثم أردفت الخارجية الإسرائيلية بـ"تغريدة تحدٍّ" أخرى موجّهة إلى الرئيس الفلسطيني بأن "الكرة الآن في ملعبك بعد أن دعاك رئيس الوزراء إلى المفاوضات". وطبعا من غير المعقول أو المقبول أن يغيب كبير المفاوضين، صائب عريقات، عن المفاوضات "التويترية"، متسائلاً في تغريدة متوتَرة: "التفاوض حول ماذا بالضبط؟". ثم قصف بتغريدة أخرى: "ليُكتب النجاح لأي مفاوضات لا بد من تطبيق الاتفاقيات الموقعة، وإنهاء النشاط الاستيطاني، وإطلاق سراح المعتقلين". لم تتأخر الخارجية الإسرائيلية بتغريدة خبيثة: "هل هذا يعني نعم، أم أنه مجرد عذر آخر لعدم استئناف الحوار من أجل السلام؟". لا ندري ماذا سيكون مآل مفاوضات "العالم الافتراضي" بعد 25 سنة أخرى؟ ولكننا ندري أن إسرائيل ستواصل جرائمها على "أرض الواقع".