13 نوفمبر 2024
مع مثقفي إيران وهم يناشدون العالم
حزنٌ عميقٌ على إيران. اجتاح فيروس كورونا مدنها، وقتل الآلاف، وقادتها يصرحون بأن الملايين قد يصابون به. الأعداد المعلن عن موتها مشكوك بها، وقد تكون أكبر. هذا يعني أن هناك أزمة إنسانية كبيرة. مثقفو إيران وكتّابها أعلنوا بيانا، يناشدون فيه العالم، لمساعدة بلدهم، على تجاوز هذه المأساة. لا يمكن لعاقل، ومهما عارض سياسات هذا البلد الكارثية في الدواخل العربية، أن يرفض تلك المناشدة، بل تأييدها هو الموقف الإنساني بامتياز؛ تأييدها من المثقفين العرب وسواهم. هذا الاعتبار فوق النقاش، على الرغم من أن سياسات إيران الطائفية والعسكرية ضد الثورات العربية، المسلحة وغير المسلحة، ولعبت دوراً في تهجير ملايين السكان العزّل، وإصابة مئات آلاف منهم بمشكلات صحية وسواها، وأن دور هذا البلد كارثي في العراق وسورية ولبنان واليمن خصوصا.
الآن، يجتاح فيروس كورونا إيران، وأصبح هذا البلد البؤرة الثانية أو الثالثة عالمياً، وقد يصبح
الأولى، وهذا متعلق بضعف البنية الصحية العامة ولحالات الطوارئ، وبطبيعة النظام الشمولي هناك، حيث سياساته تهتم بكيفية صيانة النظام وديمومة سيطرته وفساده، كما هو، وشدة قمعه الاحتجاجات الشعبية في السنوات الأخيرة كافية لتوضيح الفكرة، وكذلك معاندته كل أشكال الاحتجاج العربي، ودعم الأنظمة العربية الفاشلة.
الآن، وقد تعمّقت الأزمة في هذا البلد، وتصاعدت الاتهامات المتبادلة بين مسؤوليها والقادة الأميركان، وجوهرها أن على إيران تغيير سلوكها، وقادة إيران يحمّلون الأميركان مسؤولية التوسع الكبير في انتشار هذا الفيروس. الحقيقة تقول إن إيران تأخرت في الإعلان عن الفيروس لأسبابٍ تتعلق بالانتخابات البلدية، كما الصين وسواها، وكان لذلك دور كارثيّ في سعة انتشاره. تغلبت الصين عليه بدرجةٍ كبيرة، وقد تجد إيطاليا وإسبانيا ودول كثيرة آليات كثيرة للحدِّ منه، ولكن حال إيران ليس كذلك، فهي في أزمةٍ اقتصادية واجتماعية كبيرة، وعليها عقوبات اقتصاديّة تكاد تدمر الاقتصاد وحياة الناس، وهناك بنية صحيّة مترهلة. ولأسبابٍ كثيرة، تتطلب الجائحة في هذا البلد تدخلاً دوليّاً، لمساعدته، وإلّا فهناك كارثة ستتجاوز إيران إلى منطقتنا وإلى العالم، وبدايتها، كانت إيران مصدر حالات إصابة كثيرة في لبنان والعراق والخليج بفيروس كورونا.
ويستدعي وصول الفيروس إلى المليشيات الإيرانية في الدول العربية والحرس الثوري، وكل قطاعات الشعب الإيراني، أن توقف إيران كل شكل للعلاقة مع الدول التابعة لها في العالم العربي، وإعادة مليشياتها وجنودها وعناصرها إلى إيران، كما تفعل كل الدول إزاء مواطنيها، ووضعهم في الحجر الصحي أو مساعدة الحكومة هناك في مواجهة الجائحة؛ فليس من العقلانية ألّا يرى قادة هذا البلد رداءة سياساتهم واستهتارهم بمواطنيهم ومواطني شعوب المنطقة، وبالتالي هذا مطلب إنساني، وتتأسس عليه سياسات جديدة، تنطلق من علاقات حسن جوار مع العرب والعالم.
وعكس ما تأتي عليه هذه السطور تفعله إيران. تأخرت بالإعلان عن الفيروس، وانتشر في مدنها، وثانياً، لم تعلق رحلاتها إلى لبنان وسورية والعراق، ولاحقاً راحت توظف كورونا لابتزاز أميركا والعالم من أجل رفع العقوبات عنها. وهذه سياسات غير عقلانية وانتهازية بامتياز، ومقطوعة الصلة بالجانب الإنساني. وكذلك الرد الأميركي. وبعيداً عن الانتهازية في العلاقات الدولية، فقد بدأت أوروبا المبتلاة بالفيروس ذاته، والتي لا تجد، حتى ساعته، علاجاً لإيقافه، بإرسال مساعدات طبية، وهذا مهم، ولكن ذلك لا يكفي لموجهة الجائحة في إيران.
وهذا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غويتريس، يطالب بإيقاف كل أشكال الحروب والنزاعات
في العالم، ومواجهة الجائحة العالمية هذه، وهذا صحيح، وهو رجل لا يحسب على هذه الدولة أو تلك، فمن دون تآزرٍ دوليٍّ، وتبادل الخبرات الطبية والعلمية، ستخسر البشرية أحباء كثرا لها أبناء، وليس وفق طريقة رئيس حكومة بريطانيا، بوريس جونسون، حيث الموت عادي "ضرورة" لكبار السن والمرضى، لا، بل سيكون الموت بسبب عدم وجود العلاج له حتى ساعته، ورداءة البنى الصحية في العالم إزاء الجوائح، وليس في إيران فقط.
على الرغم من ذلك، وبسبب الوضع الاستثنائي للحالة الصحيّة المتدهورة في إيران، والخطر من مقتل ملايين من مواطني هذا البلد، فإن هناك ضرورة لتشكيل لجنة دولية بإشراف الأمم المتحدة، أو هيئات دولية طبية وعلمية لمساعدة هذا البلد، وضمن ذلك تشرف هي على احتياجات إيران الطبية، وبما يسمح بتشكيل فرق طبية عالمية لإنقاذ الوضع هناك. الآن، هناك فرق طبيّة صينيّة وكوبيّة اتجهت إلى إيطاليا للمساعدة، وهناك شبكات علمية وطبية عالمية في كثير من دول العالم لتبادل الخبرات، ولن نتكلم عن الانتهازية التي قد تقع بها بعض الدول، كتشيكيا حينما "سرقت" أدوات طبية وأجهزة تنفس، قُدمت مساعدات إلى إيطاليا، ولكنها تؤشر كذلك إلى خطورة الفيروس والخوف منه، وعدم وجود علاج مناسب له عالمياً.
النظام الإيراني أمام امتحانٍ خطير، والفيروس قضى على أعضاء في برلمانه وحرسه الثوري ووزراء فيه، وهناك تكتم شديد عن المصابين من قادته، وهذا حال رؤساء وبرلمانيين ووزراء وفي كل العالم. المقصد هنا أن الوضع الخطير يتطلب سياسات جديدة، إزاء الشعب الإيراني ذاته، حيث أدّت سياسات النظام الفاشلة، داخلياً وخارجياً، إلى تهشمٍ كبير في البنية الصحية الأساسية، وعدم قدرة البلد على مواجهة الجائحة، وحتى حين اكتشافها تم التأخر في الإعلان عنها لغاياتٍ انتخابيّة. إيران معنية بما يطالبها به شعبها والعالم، أي بالتحوّل الديمقراطي، وبالكفّ عن سياسات التدخل الفاشلة والمسبّبة للحروب الأهليّة والتغيير الديمغرافي في أكثر من بلدٍ عربيٍّ. هذا وحده ما سيساعد النظام هناك على البقاء، وعلى إعادة تشكيل علاقات سليمة مع الشعب الإيراني، والذي طالب محتجون في مظاهرات واسعة، أخيرا، بإسقاط المرشد خامنئي ذاته، وطالب بإيقاف الدعم عن المليشيات في الخارج بمليارات الدولارات، وهو الحال مع النظام السوري وحزب الله والحوثيين، وفي العراق.
ومن الانتهازية بمكان تسييس مسألة دعم إيران في محنتها، ولكن مواجهة الجائحة تتطلب من قادة هذا البلد وشعبه ومثقفيه البحث عن سياساتٍ جديدة، بما ينقذ هذا البلد من الجائحة، ومن الجوائح السياسية التي أدّت إلى العجز في مواجهة فيروس كورونا، وإلى كوارثٍ في العالم العربي.
لنساعد إيران على مواجهة الفيروس، وعلى علاقات سلمية مع العالم ومن ضمنه العرب، وهي مهمة ثقافية وإنسانية بامتياز.
الآن، وقد تعمّقت الأزمة في هذا البلد، وتصاعدت الاتهامات المتبادلة بين مسؤوليها والقادة الأميركان، وجوهرها أن على إيران تغيير سلوكها، وقادة إيران يحمّلون الأميركان مسؤولية التوسع الكبير في انتشار هذا الفيروس. الحقيقة تقول إن إيران تأخرت في الإعلان عن الفيروس لأسبابٍ تتعلق بالانتخابات البلدية، كما الصين وسواها، وكان لذلك دور كارثيّ في سعة انتشاره. تغلبت الصين عليه بدرجةٍ كبيرة، وقد تجد إيطاليا وإسبانيا ودول كثيرة آليات كثيرة للحدِّ منه، ولكن حال إيران ليس كذلك، فهي في أزمةٍ اقتصادية واجتماعية كبيرة، وعليها عقوبات اقتصاديّة تكاد تدمر الاقتصاد وحياة الناس، وهناك بنية صحيّة مترهلة. ولأسبابٍ كثيرة، تتطلب الجائحة في هذا البلد تدخلاً دوليّاً، لمساعدته، وإلّا فهناك كارثة ستتجاوز إيران إلى منطقتنا وإلى العالم، وبدايتها، كانت إيران مصدر حالات إصابة كثيرة في لبنان والعراق والخليج بفيروس كورونا.
ويستدعي وصول الفيروس إلى المليشيات الإيرانية في الدول العربية والحرس الثوري، وكل قطاعات الشعب الإيراني، أن توقف إيران كل شكل للعلاقة مع الدول التابعة لها في العالم العربي، وإعادة مليشياتها وجنودها وعناصرها إلى إيران، كما تفعل كل الدول إزاء مواطنيها، ووضعهم في الحجر الصحي أو مساعدة الحكومة هناك في مواجهة الجائحة؛ فليس من العقلانية ألّا يرى قادة هذا البلد رداءة سياساتهم واستهتارهم بمواطنيهم ومواطني شعوب المنطقة، وبالتالي هذا مطلب إنساني، وتتأسس عليه سياسات جديدة، تنطلق من علاقات حسن جوار مع العرب والعالم.
وعكس ما تأتي عليه هذه السطور تفعله إيران. تأخرت بالإعلان عن الفيروس، وانتشر في مدنها، وثانياً، لم تعلق رحلاتها إلى لبنان وسورية والعراق، ولاحقاً راحت توظف كورونا لابتزاز أميركا والعالم من أجل رفع العقوبات عنها. وهذه سياسات غير عقلانية وانتهازية بامتياز، ومقطوعة الصلة بالجانب الإنساني. وكذلك الرد الأميركي. وبعيداً عن الانتهازية في العلاقات الدولية، فقد بدأت أوروبا المبتلاة بالفيروس ذاته، والتي لا تجد، حتى ساعته، علاجاً لإيقافه، بإرسال مساعدات طبية، وهذا مهم، ولكن ذلك لا يكفي لموجهة الجائحة في إيران.
وهذا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غويتريس، يطالب بإيقاف كل أشكال الحروب والنزاعات
على الرغم من ذلك، وبسبب الوضع الاستثنائي للحالة الصحيّة المتدهورة في إيران، والخطر من مقتل ملايين من مواطني هذا البلد، فإن هناك ضرورة لتشكيل لجنة دولية بإشراف الأمم المتحدة، أو هيئات دولية طبية وعلمية لمساعدة هذا البلد، وضمن ذلك تشرف هي على احتياجات إيران الطبية، وبما يسمح بتشكيل فرق طبية عالمية لإنقاذ الوضع هناك. الآن، هناك فرق طبيّة صينيّة وكوبيّة اتجهت إلى إيطاليا للمساعدة، وهناك شبكات علمية وطبية عالمية في كثير من دول العالم لتبادل الخبرات، ولن نتكلم عن الانتهازية التي قد تقع بها بعض الدول، كتشيكيا حينما "سرقت" أدوات طبية وأجهزة تنفس، قُدمت مساعدات إلى إيطاليا، ولكنها تؤشر كذلك إلى خطورة الفيروس والخوف منه، وعدم وجود علاج مناسب له عالمياً.
النظام الإيراني أمام امتحانٍ خطير، والفيروس قضى على أعضاء في برلمانه وحرسه الثوري ووزراء فيه، وهناك تكتم شديد عن المصابين من قادته، وهذا حال رؤساء وبرلمانيين ووزراء وفي كل العالم. المقصد هنا أن الوضع الخطير يتطلب سياسات جديدة، إزاء الشعب الإيراني ذاته، حيث أدّت سياسات النظام الفاشلة، داخلياً وخارجياً، إلى تهشمٍ كبير في البنية الصحية الأساسية، وعدم قدرة البلد على مواجهة الجائحة، وحتى حين اكتشافها تم التأخر في الإعلان عنها لغاياتٍ انتخابيّة. إيران معنية بما يطالبها به شعبها والعالم، أي بالتحوّل الديمقراطي، وبالكفّ عن سياسات التدخل الفاشلة والمسبّبة للحروب الأهليّة والتغيير الديمغرافي في أكثر من بلدٍ عربيٍّ. هذا وحده ما سيساعد النظام هناك على البقاء، وعلى إعادة تشكيل علاقات سليمة مع الشعب الإيراني، والذي طالب محتجون في مظاهرات واسعة، أخيرا، بإسقاط المرشد خامنئي ذاته، وطالب بإيقاف الدعم عن المليشيات في الخارج بمليارات الدولارات، وهو الحال مع النظام السوري وحزب الله والحوثيين، وفي العراق.
ومن الانتهازية بمكان تسييس مسألة دعم إيران في محنتها، ولكن مواجهة الجائحة تتطلب من قادة هذا البلد وشعبه ومثقفيه البحث عن سياساتٍ جديدة، بما ينقذ هذا البلد من الجائحة، ومن الجوائح السياسية التي أدّت إلى العجز في مواجهة فيروس كورونا، وإلى كوارثٍ في العالم العربي.
لنساعد إيران على مواجهة الفيروس، وعلى علاقات سلمية مع العالم ومن ضمنه العرب، وهي مهمة ثقافية وإنسانية بامتياز.