تعرّض حزب الله لهجوم عسكري على مراكزه في بلدة فليطة السورية، خارج الحدود اللبنانية الشرقية بعمق أكثر من سبعة كيلومترات، وأعلنت جبهة النصرة السيطرة على أحد مواقع الحزب، فسارع الأخير إلى النفي من خلال بعض وسائل الإعلام، ليستمرّ بعدها ترّدد أصوات الاشتباكات إلى الداخل اللبناني في منطقة البقاع (شرقي لبناني) لفترة ما بعض ظهر أمس السبت. وأشارت معلومات صحافية إلى مقتل خمسة مقاتلين من حزب الله الذي لم يؤكد الخبر ولم ينفه. وبحسب ما أشارت مصادر أمنية لـ "العربي الجديد"، دخلت مدفعية الجيش السوري على الخط واستهدفت الجرود المحيطة بفليطة، ليستمرّ بذلك التهاب جبهة القلمون السورية المحاذية لطول الحدود اللبنانية.
وأفادت مواقع وصفحات إخبارية قريبة من حزب الله، أمس السبت، بمقتل 3 من مقاتلي الحزب، خلال الاشتباكات في سورية، وهم علي بكري من بلدة صديقين، وفضل عباس فقيه من بلدة كفركلا وحمزة عمار من بلدة الطيري.
وتكمن أهمية فليطة في كونها تقع وسط القلمون، فتفصل بين عسال الورد ومعلولا والجبة جنوباً، والنبك وجريجير وقارة شمالاً، وهي البلدة الأقرب إلى الحدود اللبنانية لجهة عرسال. وعمل حزب الله قبل أشهر على تحصين تواجده فيها بعد إخلاء ساكنيها وهم بأغلبهم لبنانيون، فأقام فيها معسكرات تدريب ونقاط تجمّع لعناصره، بحسب ما تفيد مصادر ميدانية في المعارضة السورية لـ "العربي الجديد". بالتالي، أصبحت البلدة نقطة أمنية مشتعلة في معركة القلمون المستمرة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2013. وفي هذا الإطار تحضّر تنظيمات المعارضة السورية المتشددة، أي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة، للسيطرة على القلمون منذ أشهر، إذ شهدت هذه الجرود الفاصلة بين لبنان وسورية حركة عسكرية واسعة للتنظيمين. وكما سبق لـ "العربي الجديد" أنّ أشارت في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإنّ داعش حرّك خلاياه النائمة في المنطقة وأدخل عدداً من قياداته إليها برفقة آليات وأسلحة حديثة تحضيراً للسيطرة على القلمون بشقيّها الشرقي والغربي.
وجاء كلام مدير العام للأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، في هذا السياق إذ أكد أنّ داعش "يحاول السيطرة على منطقة القلمون لكيلا يكون هناك تعددية عسكرية في المنطقة. وفي الفترة الأخيرة رأينا الكثير من المبايعات لداعش في منطقة القلمون، منهم من بايع عن قناعة ومنهم من بايع عن خوف للحفاظ على وجوده وحياته". وأشار إبراهيم في حديث لوكالة "رويترز" إلى تعداد مقاتلي داعش بات يقدّر بنحو 1700 مقاتل، موضحاً أنّ التنظيم "يسعى إلى حماية ظهره من خلال التقدم والسيطرة على قرى لبنانية على تماس مع منطقة القلمون". يعني ذلك أنّ المعارضة السورية لم تعد تفصل بين سورية ولبنان، أي بين القلمون السورية وعرسال وأطراف البقاع اللبناني (شرقي لبنان)، وبالتالي أصبح الخطر مضاعفاً على هذه المنطقة حيث الخزان الفعلي لحزب الله.
ويعيد تماشي هذه الوقائع الميدانية مع المعلومات الأمنية، التي أكدها إبراهيم، تأكيد وجود سيناريو عسكري لدخول التنظيمات المتشددة إلى بلدة عرسال التي سبق واقتحمتها وسيطرت عليها في أغسطس/آب الماضي. ولا تزال تبعات تلك المعركة تتجلى بملف العسكريين المخطوفين لدى التنظيمين، بالإضافة إلى الإجراءات الأمنية التي يفرضها الجيش اللبناني على عرسال ومحيطها.
لكن اللافت أنّ ابراهيم حصر هذا المشروع في إطار مشروع داعش، في حين تأتي التحركات الميدانية الأخيرة من قبل المجموعات السورية لصالح جبهة النصرة التي نشطت خلال الأسبوعين الأخيرين على محور القلمون، واشتبكت أكثر من مرة مع حزب الله والجيش السوري.
وفي ظلّ وجود مخطط السيطرة على القلمون وبعض أطرافها في لبنان، تشير مصادر المعارضة السورية لـ "العربي الجديد" إلى أنّ داعش والنصرة عقدا ما يشبه الاتفاق لتنسيق خطواتهما في المنطقة". الأمر الذي تلى محاولة داعش فكفكة الجسم التنظيمي للنصرة من خلال ضمّ قياديين بارزين فيها بايعوا زعيم داعش أبو بكر البغدادي، فيكون التنظميان قد اجتمعا على هدف واحد، تماماً كما سبق أن فعلا في عرسال.