معركة الجزائر والمنظمات الحقوقية تشتدّ

02 فبراير 2015
من تظاهرات "شارلي إيبدو" في الجزائر (بشير رمزي/الأناضول)
+ الخط -
لا تعرف الحرب الصامتة بين الجزائر والمنظمات الحقوقية الدولية، على خلفية وضع حقوق الإنسان في الجزائر، نهاية لها؛ ففيما تدافع السلطة بتقاريرها الوردية عن حقوق الإنسان، تنتقد "التقارير الحقوقية المغلوطة"، التي نشرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش".

واعتبر رئيس الهيئة الاستشارية لحقوق الإنسان (هيئة تابعة لرئاسة الجمهورية)، فاروق قسنيطيني، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن "تقارير المنظمة مبنية على مغالطات لا صلة لها بالحقائق على أرض الواقع".
وذكر قسنيطيني أن "هذه المنظمات تنشر تقارير مغلوطة تستهدف ابتزاز الجزائر والضغط عليها، ولا تأخذ بعين الاعتبار التقدم والتطور الذي حققته البلاد في مجال احترام وترقية حقوق الإنسان". وبحسبه، فإن "الجزائر تعيش في أفضل وضع في مجال احترام الحريات مقارنة بفترات سابقة، سواء على مستوى التشريعات التي تم تكييفها مع القوانين والاتفاقيات الدولية، أو على صعيد الممارسة  اليومية".


وأقرّ رئيس الهيئة الاستشارية لحقوق الإنسان وجود "اختلالات" في وضع حقوق الإنسان في الجزائر، لكنه شدّد على أنّه يجري العمل على سدّها، كتكريس استقلالية القضاء، وتسوية بعض الملفات المرتبطة بالمأساة الوطنية، ذات الصلة بحقوق الإنسان.
وتأتي هذه التصريحات على  خلفية نشر "هيومن رايتش ووتش" تقريرها السنوي لعام 2014، والذي أشار إلى أنّ العام الماضي "لم يشهد تحسناً إجمالياً في أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر، على الرغم من الوعود التي قدّمتها الحكومة منذ 2011 لإدخال إصلاحات". وذكر التقرير أنّ "السلطات قلّصت حرية التعبير والحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع والاحتجاج السلمي، واعتقلت وحاكمت نشطاء سياسيين ونقابيين".

واتهم تقرير "هيومن رايتس ووتش" "السلطات والجزائر بمواصلة سياسة القمع الاستباقي للاحتجاجات السلمية باعتقال واحتجاز منظمي الاحتجاج مسبقاً، ثم استخدام الشرطة لمنع الوصول إلى أماكن التظاهر، وضمت صفوف الذين أُلقي القبض عليهم وتمت محاكمتهم بتهمة التجمع بشكل غير قانوني، نشطاء حقوق إنسان وزعماء نقابات عمالية". وانتقدت المنظمة "تعطيل السلطات لحق تكوين الجمعيات وإحباط الجهود التي تبذلها منظمات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات من أجل الحصول على التسجيل الرسمي من وزارة الداخلية، قبل أن يتمكنوا من العمل بصورة قانونية".


وتنتقد المنظمات الحقوقية منع السلطات الجزائرية للتجمعات في العاصمة وقمع التظاهرات التي ينظمها ناشطون كحركة "بركات" (كفاية)، والصحافيون ومنظمات ضحايا الإرهاب ونقابات الصحة والتربية. وكانت السلطات قد منعت قبل أسبوعين اعتصاماً كان يعتزم ناشطون في حركة "بركات" تنظيمه وسط العاصمة، لدعم سكان عين صالح جنوبي الجزائر ضد استغلال الغاز الصخري. كما أقدمت على اعتقال النقابيين والأساتذة والأطباء عند تنظيمهم اعتصامات في العاصمة وولايات أخرى للمطالبة بتحقيق مطالبات اجتماعية ومهنية. وتمنع السلطات الجزائرية المسيرات والتجمعات في العاصمة الجزائرية منذ مسيرة 14 يونيو/حزيران 2001، التي نظمها السكان الأمازيغ في العاصمة.

كما تنتقد المنظمات الحقوقية الدولية تعطيل السلطات الجزائرية لحق إنشاء الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، إذ سبق أن أعلنت خمس منظمات حقوقية محلية استياءها من رفض وزارة الداخلية الجزائرية تسوية ملفات اعتمادها، ومنحها الترخيص للنشاط، وأبرزها منظمة "العفو الدولية"، التي لا يزال فرعها في الجزائر، بحسب رئيسته حسينة أوصديق، ينتظر الترخيص بالنشاط بعد أكثر من عام على إيداع ملف عمل الفرع لدى وزارة الداخلية.
وتستنكر المنظمة نفسها رفض "السلطات الجزائرية منذ عام 2005 منح تأشيرة الدخول لخبراء المنظمة ومقرريها الخاصين بملفات التعذيب وغيرها من الملفات الحقوقية، لزيارة الجزائر ولقاء المسؤولين الجزائريين والمنظمات الحقوقية".

وإضافة إلى "العفو"، لا تزال أربع جمعيات حقوقية أخرى كجمعية "تجمع عمل وشبيبة" و"الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان"، و"الجمعية الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان"، ومركز "الإعلام حول حقوق المرأة والطفل"، تنتظر حصولها على الترخيص بالنشاط.
وليست المنظمات الحقوقية الدولية فقط من تنتقد السلطات الجزائرية بشأن حقوق الانسان؛ فالمنظمات والرابطات الحقوقية الجزائرية أشدّ انتقاداً للحكومة، إذ تسجل هذه الهيئات ما تعتبرها خروقات في مجال الحريات المدنية والسياسية والضغط على وسائل الإعلام باستغلال الإشهار والمطابع الحكومية، وإغلاق الصحف المعارضة، وملاحقة الناشطين المدنيين سياسياً وقضائياً لدفعهم الى التخلي عن الحراك المجتمعي.  

غير أنّ السلطة في المقابل تجد في هذه التقارير الحقوقية مجرد حملات سياسية تهدف إلى الضغط عليها لحملها على اتخاذ قرارات معينة، وتتهمها بتنفيذ أجندات سياسية محلية وخارجية.
المساهمون