معركة أخيرة في أوسلو لإنقاذ مبنى أيقوني عليه رسمان لبيكاسو

15 مايو 2020
من الاحتجاج أمام المبنى (بيار هنري ديشاييس/فرانس برس)
+ الخط -
يصطف ناشطون في سلسلة بشرية من دون أقنعة واقية وبلا احترام كامل للمسافة الآمنة متحدّين مخاطر الوباء... ففي شوارع أوسلو شبه المقفرة، يحاول هؤلاء السكان توحيد قواهم لإنقاذ مبنى عليه بصمات لبيكاسو من خطر داهم بالهدم.

ومن المقرر أن يُهدم قريبا "بلوك واي"، وهو مبنى حكومي أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى شكله وانتهت أعمال تشييده في عام 1969، بعدما تضرر بهجمات اليميني المتطرف أنديرز بيهرينغ بريفيك في تموز/يوليو 2011. على جدرانه الاسمنتية الرمادية رسمان لبيكاسو، نقشهما بالرمل الفنان النرويجي كارل نيسيار. على الواجهة المواجهة للشارع، جدارية بعنوان "الصيادون" وهي تصور ثلاثة رجال يسحبون صيدهم الثمين إلى متن قاربهم. وفي الرواق، تجسد رسمة "النورس" هذا الطائر فاتحا أجنحته يلتهم سمكة. وستتم إزالة العملين ونقلهما إلى مبان حكومية جديدة من المقرر بناؤها في حي أوسلو المركزي.

لكن الرضا عن هذه المخططات لا يشمل الجميع. وقال إيريك لي وهو واحد من النرويجيين البالغ عددهم 200 شخص أتوا للاحتجاج على عملية الهدم وشكلوا سلسلة بشرية أمام المبنى "سنلوم نفسنا لسنوات... أتمنى ألا يكون الأوان قد فات لكن من المحتمل أن هذا المبنى سيصبح كومة من الأنقاض قريبا".

بسبب فيروس كورونا، ربط المتظاهرون بعضهم ببعض بشرائط طولها متر في محاولة لاحترام المسافة الآمنة، وما زالوا يحلمون بتخليص هذا المبنى من مخالب الجرافات.

لكن خلفهم وراء الأسوار العالية، يشير صوت المناشير المعدنية إلى أن العمليات جارية على نحو جيد. ووفقاً لستاتسبيغ، الهيئة العامة المكلفة الإشراف على عملية الهدم ستزال الجداريتان قبل نهاية الربيع. وكان المبنى القريب "بلوك إتش" الذي تم بناؤه في أواخر الخمسينات ويضم ثلاث جداريات أخرى لبيكاسو، موطنا لمكاتب رئيس الوزراء حتى فجر بريفيك شاحنة محملة بـ 950 كيلوغراماً من المتفجرات في قاعدته، لكن سيتم تجديده وسيبقى شاهقا بين مباني الوزارة الجديدة. 

وبالنسبة إلى البعض، فإن الرمزية التي يحملها لا مفر منها. فما زالت هذه المباني قائمة رغم محاولات بريفيك إسقاطها وإسقاط الديمقراطية. وقالت توني دالين أحد رموز الاحتجاجات "بلوك واي هو مبنى أيقوني في أوسلو نجا من هجوم إرهابي وتريد الحكومة الآن هدمه. ولا يمكن لأي شخص أن يقدم حجة جيدة لسبب وجوب ذلك".

من جهة أخرى، تصر الحكومة على أن هدم هذا المبنى لإفساح المجال للمباني الجديدة كان قرارا صعبا، لكنه ضروري. 

ومن المفترض أن تكون "الصيادون" و"النورس" اللتان لم يكن النرويجيون يعلمون بوجودهما حتى صدر أمر إزالتهما، أكثر وضوحا للجمهور في موقعهما المستقبلي. وقال لي "الكثير من الناس يعتقدون أنه يجب المحافظة على الرسمين من أجل بيكاسو، لكن أيضا من أجل هندسة المبنيين والتفاعل بينهما والتاريخ الذي يمثلانه". يمكن مناقشة مسألة تحسين جمالية واجهتي المبنيين لكن المحتجين يصرون على أنه لا يمكن تدمير كل الأمور التي لا تعجبك. وأوضحت سيسيلي غيلمودين وهي موظفة رسمية ومؤيدة للاحتجاج "قد لا نجدهما جميلين اليوم، لكن خلال 30 عاما سنرى عكس ذلك". ورغم تزايد عدد الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة يبدو أن عملية الهدم الآن لا رجعة فيها. في نهاية آب/أغسطس، ستنظر محكمة مقاطعة أوسلو في طلب لاعتبار أن الهدم غير قانوني. لكن بحلول ذلك، سيكون الأوان قد فات.

(فرانس برس)
المساهمون