معاناة الأمهات مع مناهج الصفوف الأولى

11 نوفمبر 2017
تفاقمت مشكلات المدارس الحكومية المصرية (Getty)
+ الخط -
"لا أعرف من أين أبدأ الدعاء، ولكن يكفيني أن أخبرك يا الله أن واحدا من أبنائي يدرس بالصف الرابع الابتدائي" تنتشر هذه الدعوات وغيرها بسبب الضغط الشديد الذي تعاني منه الأمهات قبل الأبناء خلال العام الدراسي بسبب صعوبة المناهج وامتلائها بالحشو وعدم مخاطبتها للمراحل العمرية الموجهة لها، وسط سباق يعلنه معلم الفصل لالتزامه بإنهاء منهج مكدس في فترة زمنية قصيرة.

في المقابل، تقبل الأمهات التحدي وتحاول بكل عزم وإصرار اللحاق بالمنهج حتى يصبح التلميذ محاصرا بين معلم في المدرسة لا يهمه سوى إنجاز المنهج وأم في البيت تبذل قصارى جهدها لاستذكار الدروس معه، ويقضي يومه بين عبء المدرسة والعودة إلى المنزل لإنجاز واجباته التي غالبا ما يغلب عليه النوم قبل إنهائها ليستيقظ مبكرا ويعيد الكرة من جديد.





مناهج معقدة

تقول "هبة"، ابني في الصف الثاني الابتدائي ولم أكن أتخيل هذا الضغط والتعقيد في المناهج، لم أجد حلا سوى أن يتغيب عن مدرسته يومين أو يوم من كل أسبوع في محاولة لاستيعاب المنهج أو حشره في عقله بأي شكل.

وتتساءل "فاطمة" هل المناهج أكبر من تفكير أبنائنا أم نراها كذلك لعدم وجود شرح حقيقي من مدرسي الفصل، وتواصل: كيف أشرح لابنتي أكبر عدد مكون من أربعة أرقام مختلفة مجموعهم 15 مثلا إذا كنت أعاني شخصيا في فهمها، وكيف تفرق طفلة التسع سنوات بين الجبل والهضبة والتل والمنخفض.

وتشتكي "نهى" من التخبط في قرارات الوزير وتقول: رغم بدء العام الدراسي منذ أكثر من شهر مضى، صدرت مجموعة من القرارات في الأيام الماضية بإلغاء الاختبارات الشهرية وإلغاء امتحانات الميد تيرم والاكتفاء فقط بامتحانات نصف العام ونهاية العام، لتصبح كافة درجات أعمال السنة في يد المعلم يحددها على هواه دون أي امتحانات تحريرية لمعرفة مستوى الطالب حتى تحولت الوزارة إلى وزارة للتخريب في التعليم بدلا من التربية والتعليم.



لا نملك خطة للتطوير

من جهته، يرى كمال مغيث الخبير التربوي أننا نفتقد إلى آليات التعليم الحقيقية، ويقول: الواضح أننا لا نملك خطة محددة لتطوير التعليم وتخليصه من مشاكله المزمنة والنهوض بالمدرسة وإعادتها إلى دورها الأساسي في تقديم تعليم حقيقي يغني الأسرة عن الدروس الخصوصية والكتب الخارجية.

ويتابع: "بدلا من الاهتمام بهذه الأولويات فوجئنا بتركيز الوزير فقط على المدارس اليابانية ومدارس النيل ومدارس التكنولوجيا والعلوم رغم أن مجمل هذه المدارس لا يتعدى الأربعين مدرسة مقابل 55 ألف مدرسة حكومية أخرى".

ويواصل: "الوزير الحالي أدار ظهره للتعليم الحكومي لأنه لا يؤمن بمجانية التعليم وهذه وجهة نظره من قبل توليه المنصب وخطته واضحة في خلق نماذج مدرسية جديدة تخدم شريحة معينة من المجتمع المصري وترك المدارس الحكومية كما هي تلفظ أنفاسها الأخيرة لتخرج للمجتمع أجيالا أمية، وبدلا من العمل بجهد لتقليل نسبة الأمية في المدارس الابتدائية والتي أعلن عنها وزير التعليم الأسبق محب الرافعي وحدد نسبتها بـ200 ألف تلميذ ينتقل للمرحلة الإعدادية دون معرفة حقيقية بأساسيات القراءة والكتابة، تتجاهل الوزارة هذا الرقم الذي أصبح في تزايد مستمر كل عام ومرجح أن يتضاعف مع خطة الوزير الجديدة في إلغاء الاختبارات الشهرية وامتحانات "الميد تيرم".

التعليم ليس بالمجان


ويوضح مغيث: أصبحنا نفتقد بشكل رسمي للتعليم المجاني لدرجة وصلت إلى فشل تجربة المدارس اليابانية قبل بدء العمل بها بسبب تحديد متوسط مصروفاتها إلى ستة آلاف جنيه مصري في حين أنها منحة من دولة اليابان والمفترض أن تكون الدراسة بها بالمجان حسب الاتفاق، ولم يخجل الوزير من أن يعلن على الملأ أن لكل خدمة مقابل يتناسب مع مدى جودتها.

وبهذا ينتهي الأمر في مصر إلى وجود نوعين من التعليم، تعليم جيد يقدم خدمة جيدة وهذا يتوفر لمن يمتلك المال ويستطيع دفع مصروفات خيالية قابلة للزيادة كل عام ونوع آخر لعامة الشعب يتمثل في المدارس الحكومية التي تخرج أجيالا أمية أو ضعيفة المستوى ولكن هناك نوعاً من الأمهات تحاول الحصول على أقصى استفادة من هذه المدارس التي فرضتها الظروف وتعاني طول اليوم مع الأبناء في كتابة الواجبات والشرح وتجتهد في دور فرضه الوضع المتردي للمدارس.

المعلم هو المسؤول الأول

وعلى جانب آخر، تؤيد شيرين سالم، الخبيرة التربوية فكرة إلغاء الاختبارات الشهرية واختبارات الميد تيرم لما تسببه هذه الاختبارات من ضغط نفسي وعصبي على كل من المعلم والأسرة والتلميذ.

وتوضح: امتحان نصف العام أصبح يمثل نسبة 70% من المجموع الكلي للدرجات ونسبة 30% الأخرى توزع على النشاط والسلوك والغياب والحضور، مضيفة: أعتقد أن هذا يصب في مصلحة التلميذ بشكل أفضل، وتوضح سالم أن المعلم في الفصل هو المسؤول الأول عن شرح الدرس وتقديم المعلومة بشكل سلس يتناسب مع مختلف التلاميذ ويقتصر دور الأم على مجرد الإشراف ومتابعة أطفالها، ولكن المشكلة أن المنظومة التعليمية في مصر تفتقد إلى تجديد روح المعلمين ويصعب ذلك مع انعدام التعيينات منذ سنوات عديدة إلا من مسابقات المعلمين التي تعلن عنها الوزارة، وهي أعداد زهيدة جدا لا تكاد تكفي أو تسد أي عجز في المدارس.



المساهمون