تعتبر مصادقة القمة الأفريقية المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا على العودة الرسمية للمغرب إلى منظمة الاتحاد الأفريقي، بداية لمسار جديد للدبلوماسية المغربية داخل القارة السمراء، وذلك بعد عودة المملكة إلى المنظمة التي انسحبت منها سنة 1984، بسبب قبول عضوية ما يسمى "الجمهورية الصحراوية" التي أعلنت عنها جبهة البوليساريو من جانب واحد.
ويرى مراقبون أن عودة المغرب إلى شغل كرسيه الشاغر منذ 33 عاماً تعد بمثابة انطلاقة معارك سياسية ودبلوماسية وقانونية أيضاً من المرتقب أن تخوضها المملكة، على رأسها قضية الصحراء المتنازع بشأنها منذ سنة 1975، فضلاً عن معارك اقتصادية تروم تطوير شراكات جنوب جنوب لتنمية البلدان الأفريقية.
ويقول الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور سعيد الصديقي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن انضمام المغرب إلى الاتحاد الأفريقي يعد بمثابة بداية لمعارك سياسية جديدة له في القارة الأفريقية، تتمحور على المدى القريب حول ما يتصل بقضية الصحراء، ومن ضمنها الوضعية القانونية للمغرب في الإقليم، ووضعية حقوق الإنسان واستغلال الثروات الطبيعية.
أما على المدى المتوسط، يضيف الصديقي، فسيسعى المغرب بعد تعزيز موقعه في المنظمة إلى إيجاد وسيلة لطرد ما يسمى "الجمهورية الصحراوية" من المنظمة، مبرزا أن "هذه المعركة ستحتاج إلى جهد كبير، لا سيما مع غموض الإجراءات القانونية بخصوص طرد عضو في الاتحاد".
وذهب الخبير ذاته إلى أن المغرب سيسعى إلى نهج دبلوماسية متدرجة، مع التركيز في البداية على تعزيز علاقاته مع أصدقائه التقليديين، وأيضاً تحسين علاقاته السياسية مع الدول الأفريقية الكبرى التي لا تزال تعترف بجبهة البوليساريو، لا سيما دولتي جنوب أفريقيا ونيجيريا.
ومن جهته أفاد الدكتور خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة وجدة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن المغرب تقدم بطلب العودة إلى منظمة الاتحاد الأفريقي بعد طول غياب دام أكثر من ثلاثة عقود، جاء باعتباره دولة ذات سيادة عضو في مجموعة من المنظمات الدولية والإقليمية.
وتابع شيات بأن بعض الدول الأفريقية أصرت على "أن تكون عودة المغرب مقرونة بنوع من الاستفتاء على وحدة المغرب الترابية"، مورداً أنه خلال التصويت على طلب المملكة تبين أن الغالبية الساحقة كانت تؤيد انضمام المملكة، لما لها من مكانة اقتصادية وسياسية داخل القارة.
وسجل المحلل ذاته بأن المغرب يقبل على معارك سياسية ضارية داخل أروقة الاتحاد الأفريقي، لعل أولها محاولة الرباط إخراج "الجمهورية الصحراوية" من المنظمة، بالنظر إلى أن ما تكلفه هذه الدولة المزعومة وفق تعبيره، من تكلفة سياسية لدول القارة السمراء، كما حصل في المؤتمر العربي الأفريقي الأخير، إذ خسرت القارة استثمارات الكثير من الدول العربية الغنية، بسبب دفاع قلة من الدول عن "الجمهورية الصحراوية".