مصر: توافق على عدم ملء سد النهضة قبل الاتفاق مع إثيوبيا والسودان

26 يونيو 2020
قمة مصغرة لأعضاء المكتب الرئاسي للاتحاد الأفريقي (فرانس برس)
+ الخط -
قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إنه تم التوافق في ختام القمة الأفريقية حول سد النهضة على تشكيل لجنة حكومية من الخبراء القانونيين والفنيين من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جانب الدول الأفريقية الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي، وكذا ممثلي الجهات الدولية المراقبة للعملية التفاوضية، وذلك بهدف الانتهاء من بلورة اتفاق قانوني نهائي ملزم لجميع الأطراف بخصوص قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، مع الامتناع عن القيام بأية إجراءات أحادية، بما في ذلك ملء السد، قبل التوصل إلى هذا الاتفاق، وإرسال خطاب بهذا المضمون إلى مجلس الأمن باعتباره جهة الاختصاص لأخذه في الاعتبار عند انعقاد جلسته لمناقشة قضية سد النهضة يوم الإثنين المقبل.

وأضاف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، في بيان له الجمعة، أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي شكر الرئيس الجنوب أفريقي على مبادرته بالدعوة لعقد هذه القمة الهامة لتناول قضية سد النهضة بحضور الدول المعنية الثلاث، باعتبارها قضية حيوية تمس بشكل مباشر حياة الملايين من مواطني مصر والسودان وإثيوبيا، مؤكداً تقدير مصر لحكمة وجهود جنوب أفريقيا الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي في التعامل مع التحديات الاستثنائية التي تواجه القارة الأفريقية في هذه المرحلة.
وأكد السيسي أن مصر منفتحة برغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة، على نحو يمكن إثيوبيا من تحقيق التنمية الاقتصادية التي تصبو إليها وزيادة قدراتها على توليد الكهرباء التي تحتاجها، أخذاً في الاعتبار مصالح دولتي المصب مصر والسودان وعدم إحداث ضرر لحقوقهما المائية، ومن ثم يتعين العمل بكل عزيمة مشتركة على التوصل إلى اتفاق بشأن المسائل العالقة وأهمها القواعد الحاكمة لملء وتشغيل السد، وذلك على النحو الذي يؤمن لمصر والسودان مصالحهما المائية ويتيح المجال لإثيوبيا لبدء الملء بعد إبرام الاتفاق.
كما شدد السيسي على أن مصر دائماً لديها الاستعداد الكامل للتفاوض من أجل بلوغ الهدف النبيل بضمان مصالح جميع الأطراف من خلال التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، ومن هذا المنطلق فإن مصر تؤكد أن نجاح تلك العملية يتطلب تعهد كافة الأطراف وإعلانها بوضوح عن عدم اتخاذ أية إجراءات أحادية، بما في ذلك عدم بدء ملء السد بدون بلورة اتفاق، والعودة الفورية إلى مائدة المفاوضات من أجل التوصل إلى الاتفاق العادل الذي نصبو إليه.
وشارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء الجمعة، عبر "فيديو كونفرنس" في قمة أفريقية مصغرة لرؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي لمناقشة قضية سد النهضة.
وترأس القمة سيريل رامافوزا رئيس جمهورية جنوب أفريقيا والرئيس الحالي للاتحاد، وبحضور كل من رئيس وزراء السودان عبد الله الحمدوك ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد.
ولم تعلن الرئاسة المصرية نتائج الاجتماع الذي يأتي قبل ثلاثة أيام من عقد جلسة لمجلس الأمن لمناقشة طلب مصر المدعوم من الولايات المتحدة، لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لإجبار إثيوبيا على الانخراط في مفاوضات جادة حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة تنتهي باتفاق شامل وملزم مع مصر والسودان ومنعها من الملء الأول للسد إلا بعد التوصل إلى الاتفاق.
وبحسب مصادر مصرية مطلعة، فإن جنوب أفريقيا تبذل جهودا كبيرة تدعي أنها تحاول بها تقديم حل أفريقي نهائي للمشكلة لاحتوائها قاريا دون تدخل أطراف أخرى، وذلك بحسب ما دار في الاتصالين الهاتفيين اللذين أجراهما الرئيس الجنوب أفريقي رامافوزا بالسيسي وحمدوك، اليومين الماضيين، لكن في الواقع العملي ترى مصر أن هذا الحراك يصب فقط في مصلحة إثيوبيا، لأنه يسعى لإعاقة استصدار قرار بمنعها من ملء السد.
 
 
وكشفت المصادر لـ"العربي الجديد" أن جنوب أفريقيا تسعى حاليا ليكون الصوت الأفريقي موحدا في التصويت على مشروع القرار وكذلك في المناقشات يوم الإثنين، بحيث يتجه إلى تفعيل وساطة قارية وعدم فرض قرار بمنع الملء على إثيوبيا، وذلك بمحاولة التأثير على العضوين الآخرين النيجر وتونس بحجة أنه من الضروري أن يكون الصوت الأفريقي موحدا في قضية كهذه، كما تجري اتصالات بممثلي آسيا إندونيسيا وفيتنام للانضمام إلى الموقف الأفريقي.
وأكدت مصر في شكواها لمجلس الأمن "حرصها على التوصل إلى اتفاق يحقق مصالح الدول الثلاث ولا يفتئت على أي منها، وهو ما دعا مصر للانخراط في جولات المفاوضات المتعاقبة بحسن نية وبإرادة سياسية مُخلِصة. ومن هذا المنطلق، ونظراً لما تمثله مياه النيل من قضية وجودية لشعب مصر، فقد طالبت مصر مجلس الأمن بالتدخل وتحمل مسؤولياته لتجنب أي شكل من أشكال التوتر وحفظ السلم والأمن الدوليين".
ووجهت إثيوبيا في خطابها إلى مجلس الأمن اتهامات عنيفة لمصر بممارسة الخداع والتضليل، مطالبة بإدراج اتفاقية 1959 في ملف الأزمة أمام مجلس الأمن، مدعية أن مصر لم تستأذنها عندما حولت مجرى النيل وأنشأت السد العالي مطلع ستينيات القرن الماضي، وأن مصر هي التي تتعمد اتخاذ قرارات أحادية، وحملتها مسؤولية إلحاق أي ضرر بالسلم والأمن في المنطقة، مدعية أنها هددت أكثر من مرة باستخدام العمل العسكري.