مصر تستورد نفايات بـ15 مليار جنيه في العام الواحد

24 ابريل 2018
دفن النفايات بشاطئ النيل في مصر (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -


كشفت البرلمانية المصرية، شيرين فراج، عن استيراد بلادها نفايات ومخلفات من الخارج بنحو 15 مليار جنيه (نحو 850 مليون دولار) في المتوسط خلال العام الواحد، في الوقت الذي تتسبب فيه مدافن ومقالب القمامة في وفاة عشرات المواطنين سنوياً من جراء انتشار الأمراض والأخطار البيئية، بخاصة في مناطق شرق العاصمة القاهرة.

وقالت فراج، في جلسة البرلمان العامة، اليوم الثلاثاء، "إن منظومة القمامة الجديدة التي أعلنت عنها الحكومة تستهدف إنشاء 50 مدفناً، وهو ما يُنذر بعواقب سلبية على صحة المواطنين"، مشيرة إلى حيازتها تقارير حديثة صادرة عن وزارة الصحة المصرية، تؤكد تسبب تلك المدافن في انتشار عدد من الأمراض، وفي مقدمها السرطان.

وأضافت النائب أن أزمة القمامة المتواصلة في مصر سببها سوء الإدارة، وعدم استغلالها بالشكل الأمثل، بما يعود بالنفع الاقتصادي والبيئي على الدولة، متهمة الحكومة بعرقلة كل طريق يؤدي إلى إنهاء أزمة القمامة المتفاقمة "بهدف الاستمرار في استيراد النفايات من الخارج، رغم كونها فاتورة غالية يدفع ثمنها الشعب المصري"، بحسب تعبيرها.

وطالبت النائب دينا عبدالعزيز بإلغاء وزارة البيئة، لغياب دورها، والاكتفاء بعمل وحدات للرصد البيئي، في حين طالب النائب محمد زين الدين، بفرض عقوبات رادعة على شركات الوقود والأسمنت الضالعة في التخلص من مخلفاتها في نهر النيل، ودعا النائب محمد علي إلى الإسراع في منظومة تدوير القمامة وتصديرها إلى الخارج.

وقال وزير البيئة، خالد فهمي، إن منظومة القمامة الجديدة ترتكز على صناعة وطنية بهدف إعادة تدوير المخلفات وفق نطاق مؤسسي وفني ومالي وتشريعي، مؤكداً أن جهاز إدارة المخلفات- المزمع إنشاؤه- سيكون مسؤولاً عن تنظيم إدارة المخلفات البديلة، بحيث يضع الشروط والمواصفات ويفحص أنظمة الطرح والتعاقد.


وتستهدف مصر البدء في تطبيق المرحلة الأولى من منظومة جديدة لجمع وتدوير القمامة اعتباراً من أول يوليو/ تموز المقبل، بحيث يستغرق تطبيقها على جميع المحافظات نحو خمسة أعوام، وذلك من خلال إنشاء شركة قابضة تملك الحكومة حصة غالبة فيها، وبمشاركة القطاع الخاص، وتقسيم البلاد إلى ثلاثمائة منطقة خدمية تضم كل منطقة قرابة الثلاثمائة ألف مواطن.

وأضاف فهمي، أمام مجلس النواب، أن المنظومة الجديدة ستعتمد على تقديم الخدمة مقابل الرسوم من دون استثناء المنشآت الحكومية أو المحال التجارية، وأن الرسوم ستراعي الأبعاد الاجتماعية، ولن يتم ربط تحصيلها بفواتير المياه أو الغاز أو الكهرباء لوجود دراسة تعد حالياً لبحث التعاون مع شركات متخصصة في التحصيل.

وتابع أن "وزارته باتت لديها قاعدة معلومات حول مشكلة القمامة، وحجم المخرجات في المحافظات، ونوعيتها، فضلاً عن الاحتياجات الفعلية لتفعيل المنظومة"، مشيراً إلى أن المنظومة الحالية للتخلص من القمامة "مهترئة"، والموارد المالية المخصصة من أجلها "غير كافية"، إذ تكفي فقط لإعادة تدوير نسبة 40 في المائة.

واعتبر فهمي أن الرسوم المفروضة حالياً على المواطنين لجمع القمامة "متدنية"، ولا تذهب مباشرة إلى صندوق النظافة، بل إلى الجهة التي حصلتها أولاً (وزارة الكهرباء)، موضحاً ارتفاع حجم المخلفات إلى 90 مليون طن قمامة سنوياً، وأن التخلص الآمن منها لا يزيد عن نسبة 20 في المائة، والتدوير بنسبة 15 في المائة، في حين تستقبل المقالب العشوائية بالمحافظات النسب الأخرى.

ونبه فهمي إلى أن مقالب القمامة كانت خارج الحيز العمراني في الماضي، غير أنها أصبحت داخله حالياً مع التوسع، مشدداً على أهمية تمويل البنوك عملية تدوير القمامة، وتوفير قروض ميسرة للشركات العاملة في المجال.

في سياق آخر، قال فهمي إن الحكومة ستعمل على إدخال السيارات الكهربائية إلى الأسواق المحلية، وتشجيع المواطنين على استخدام السيارات العاملة بالغاز الطبيعي، لا سيما سيارات النقل الجماعي، بهدف تقليص حجم الانبعاثات الضارة بالبيئة، نافياً وجود آثار لمعادن سامة في النيل، وعدم الاستدلال على وجود أي تركيزات للمعادن الثقيلة مثل الرصاص والكروم والكادميوم.

ونفى وزير البيئة ما يُثار في وسائل الإعلام عن بيع أي محمية طبيعية داخل مصر، أو تأجير أجزاء من محمية "وادي دجلة" لمصلحة إحدى الشركات الخاصة، قائلاً إن "جميع المحميات تعد مالاً عاماً، وكل ما يقال عن بيعها هو خارج السياق.

وختم فهمي حديثه، بالقول إن "الحكومة لديها خطة طموحة لرفع نسبة تغطية القرى الأكثر احتياجاً بشبكات الصرف الصحي، من 19 في المائة حالياً إلى 45 في المائة خلال الفترة المقبلة، من خلال الحصول على مزيد من قروض البنكين الدولي والأوروبي لتنفيذها"، معتبراً أن المشاكل البيئية في مصر قائمة منذ نحو 40 عاماً، ويصعب حلها على مدى قصير.
المساهمون