قالت وزيرة التخطيط المصرية، هالة السعيد، إن الجهاز الإداري في بلادها يضم حالياً موظفاً لكل 22 مواطناً، غير أن الحكومة تستهدف الوصول إلى موظف لكل 80 مواطناً خلال السنوات المقبلة، على اعتبار أنه المتوسط العالمي، مشيرة إلى أن تعداد من يبلغون سن المعاش سنوياً يصل إلى نحو 140 ألف موظف، في حين أن نحو 40% من الموظفين في جهاز الدولة يبلغون 50 عاماً فأعلى.
وأضافت السعيد، أمام لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان، مساء الثلاثاء، لمناقشة "خطة الإصلاح الإداري" للحكومة الحالية، أن هناك 277 هيئة تتبع الوزارات الحكومية، من بينها هيئات يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1953، ولا يوجد لها أي دور حالياً، على الرغم من احتوائها على عدد كبير من الموظفين، ممن لا يؤدّون عملاً.
اقــرأ أيضاً
وتابعت أن وزارتها تستهدف تدريب جميع العاملين في الجهاز الإداري للدولة، لا سيما الموظفين الذين لم يحصلوا على تدريب طوال فترة عملهم، مشيرة إلى أن أعداد الموظفين في الوزارات والهيئات الحكومية يتفاوت ما بين العجز والزيادة، وهو ما تحاول الوزارة تداركه عقب عيد الفطر المقبل مباشرة، من خلال حصر دور واختصاص وتبعية الهيئات الحكومية.
ولم تحدّد الوزيرة موعداً لتنفيذ هذه الخطة المثيرة للجدل التي تستهدف من خلالها الحكومة تقليص عدد موظفيها بشكل حاد بزعم خفض عجز الموازنة العامة للدولة، خاصة وأن أجور الموظفين تستهلك نحو 20% من الموازنة، وفي حال تنفيذ الخطة الحكومية فإن ذلك يعني الاستغناء عن نحو 75% من الموظفين بالجهاز الإداري بالدولة حسب مراقبين، إلا أن هؤلاء يرون أيضا صعوبة تنفيذ الخطة على المدى القصير والمتوسط.
وأفادت هالة السعيد بأن وزارتها تلقت البيانات الكاملة عن أعداد العاملين من مختلف الجهات الحكومية، باستثناء 30 جهة في انتظار ورود بيانات موظفيها، لافتة إلى أنه بمجرد استيفاء هذه البيانات كاملة ستعمل الوزارة على إحداث "تحويل تدريجي" بين الفائض والعجز في مختلف الوزارات، وإبرام تعاقدات لسد مناطق العجز.
اقــرأ أيضاً
من جهته، قال رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، صالح الشيخ، إن "الدولة المصرية قطعت شوطاً كبيراً، وحاسماً، في الإصلاحات الاقتصادية، التي كان لزاماً مصاحبتها بإصلاحات إدارية"، موضحاً أن الرؤية والمبادئ الحاكمة لهذه الإصلاحات "ترتكز على وجود جهاز إداري كفء، وفعال، ومحوكم، يقوم بدوره في تحقيق التنمية، وفقاً لرؤية مصر للتنمية 2030".
وأضاف الشيخ، في كلمته أمام اللجنة، أن هناك 7 تحديات أمام الإصلاح الإداري في بلاده، تتمثل في "وجود 2292 وحدة تنظيمية داخل الدولة، وتضخم العمالة، وارتفاع تكلفتها، وانخفاض الإنتاجية، وكثرة التشريعات التنظيمية، وتضاربها، وضعف إدارة الأصول المملوكة للدولة، والمركزية الشديدة في إدارة الشأن العام، وسوء حالة الخدمات العامة، وغياب الشفافية والمساءلة".
وأشار إلى أن الإصلاح الإداري قائم على 5 محاور، من بينها: الإصلاح المؤسسي، الذي يتمثل في رفع كفاءة التنظيم الإداري للدولة، والانتهاء من حصر جميع القرارات التي صدرت عن الوزارات منذ نشأتها، بغرض مراجعة التشابكات الوزارية في مختلف التخصصات، وإعادة هيكلة الوزارات والجهات الحكومية.
وتابع قائلاً: إن "14 وزيراً في الحكومة الحالية صادق على هيكل نمطي تم إعداده لهذه الوزارات"، مستطرداً "يرتبط الإصلاح الإداري أيضاً بتفعيل منصب الوكيل الدائم للتخفيف عن كاهل الوزراء، واستحداث وحدات تنظيمية جديدة، والتحويل من إدارة الأفراد إلى إدارة الموارد البشرية، وعمل وحدات للمراجعة الداخلية، ووحدات للتخطيط والاستراتيجيات، علاوة على الدعم التشريعي، والتحول الرقمي، والمتابعة، والتقييم".
وكشف الشيخ أنه مع بداية عام 2020، سيتم استحداث وحدة إدارية بكل مؤسسة ووزارة حكومية تحت مسمى "وحدة دعم الموظف الحكومي"، بحيث تختص بتقديم خدمات استخراج مختلف المعاملات الورقية الحكومية، مثل شهادات الميلاد، وغيرها من هذه التعاملات، وذلك لتمكين الموظف من التفرغ لأداء مهام وظيفته.
وكان رئيس البرلمان المصري، علي عبد العال، قد دعا إلى تقليص أعداد العاملين في الجهاز الحكومي، البالغ عددهم 5 ملايين موظف، بدعوى عدم الاحتياج إليهم، مصرحاً في 25 إبريل/ نيسان الماضي، بأن "صغار الموظفين في جهاز الدولة، ومختلف الجهات الحكومية، يمثلون حقيقة أزمة، ونعاني من وجودهم، لأنهم يعيقون حركة العمل".
وبدأت حكومة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حملة موسعة لتسريح العاملين في جهاز الدولة، استجابة منها لشروط صندوق النقد الدولي، إذ كثفت من حملات إجراء تحاليل المخدرات بغرض إيقاف أي موظف يثبت تعاطيه المخدر عن العمل، واتخاذ قرار نهائي بفصله في المرة الثانية حال إيجابية العينة، مع عدم أحقيته في رفع دعاوى أمام القضاء للعودة إلى عمله مرة أخرى.
وتشير بيانات رسمية مصرية إلى تقليص الحكومة نحو 800 ألف موظف دفعة واحدة من العاملين في القطاع الحكومي، خلال العام المالي الذي انقضى بنهاية يونيو/ حزيران 2017، في وقت أكد فيه مسؤول كبير في وزارة المالية لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة تستهدف الاستغناء عن مليوني موظف آخرين خلال العامين الماليين الحالي والمقبل".
وأشارت البيانات، التي نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء على موقعه الإلكتروني، في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، إلى بلوغ عدد العاملين في القطاع الحكومي نحو حمسة ملايين فرد بنهاية العام المالي المنقضي (2016 /2017)، مقابل 5.8 ملايين موظف في العام المالي السابق عليه (2015 /2016)، بانخفاض بلغت نسبته 13%.