يخطط الصندوق السيادي المصري، التابع بشكل مباشر لإشراف الرئيس عبد الفتاح السيسي، لبيع محطات تحلية المياه للمستثمرين الأجانب، في وقت يتوقع أن يواجه البلد، الذي يتجاوز عدد سكانه 100 مليون نسمة، أزمة عطش مع إقدام إثيوبيا على ملء سد النهضة في يوليو/تموز المقبل، ما يحرم المصريين من نحو ثلث الكميات التي كانت تحصل عليها، وفق دراسات متخصصة.
وقال رئيس قطاع الاستثمار في الصندوق السيادي عبد الله الإبياري، في حوار مع نشرة إنتربرايز، اليوم الاثنين، وهي نشرة دولية مهتمة بالشأن الاقتصادي المصري، إن مشاريع مثل محطات تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي مبادرات ناجحة تجذب اهتمام المستثمرين المحليين والإقليميين والدوليين.
وأضاف الإبياري: "هذا هو الوقت المناسب لجني المال من تلك المشروعات"، مشيرا إلى أن الاستثمارات الحكومية في مشاريع البنية التحتية منذ 2016 ساهمت إلى الآن في بناء الاقتصاد.
وتابع: "يجب أن يتوقع شركاء الصندوق السيادي عوائد مثل عوائد القطاع الخاص، ويجب عليهم أيضا أن يتوقعوا عوائد سخية على الاستثمار".
كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أعلن، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن مصر أعدت خطة، منذ توليه الرئاسة في يونيو/حزيران 2014، لتعزيز موارد مصر المائية عبر تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي، بتكلفة بلغت نحو 200 مليار جنيه خلال السنوات الخمس الماضية، متوقعا أن تصل إلى 900 مليار جنيه بحلول عام 2037.
وتعمل مصر حاليا على بناء 54 محطة لتحلية مياه البحر في مناطق الضبعة على البحر المتوسط (شمال)، والسخنة (على البحر الأحمر شرق) وسيناء (شمال شرق) وجنوب الوادي.
ودخلت مصر قبل ملء سد النهضة بالأساس إلى دائرة الفقر المائي، حيث يبلغ نصيب الفرد نحو 600 متر مكعب سنوياً، بينما يقف خط الفقر المائي عند 1000 متر مكعب سنوياً، بما يعني وجود عجز في نصيب الفرد مقداره 400 متر مكعب سنويا، وفق دراسات متخصصة في قطاع المياه.
وتنفذ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التابعة لوزارة الإسكان، محطات التحلية في المدن الجديدة، وكذلك الهيئة القومية لمياه الشرب، لكن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تسيطر على تنفيذ مشروعات تحلية مياه البحر في محافظة مطروح ومناطق العلمين (شمال) وجبل الجلالة على البحر الأحمر (شرق مصر).
ووفق رئيس قطاع الاستثمار في الصندوق السيادي، فإن "خطط إدراج الشركات المملوكة للقوات المسلحة في البورصة تمضي قدماً، ومن المتوقع إجراء مناقشات مع المستثمرين بشأن شراء أسهم في هذه الشركات في المستقبل القريب جداً".
ويسيطر الجيش على قطاعات واسعة من الاقتصاد المصري، حيث توسعت إمبراطوريته بعد إطاحة الرئيس المنتخب محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013، لتشمل مختلف المجالات من البنية التحية ومحطات المياه والكهرباء والإسمنت والأغذية والأدوية وغيرها من المجالات.
وكان السيسي قد أعرب بشكل قاطع، في أعقاب إطاحة مرسي، عن رفض الجيش إطلاع أي جهة مدنية، منها البرلمان، على مخصصات الجيش والكيانات التابعة له، إلا أن ثمة تغيير كبير يطرأ على الساحة بالسماح حاليا للمستثمرين الأجانب لشراء أسهم في شركات الجيش.
ولا تقتصر خطط الحكومة على فتح المجال أمام المستثمرين لدخول قطاعات مثل المياه والكهرباء وشركات الجيش والبنية التحتية، وإنما الصحة والأغذية والآثار.
وبحسب رئيس قطاع الاستثمار في الصندوق السيادي، فإن "جائحة فيروس كورونا عالمياً أظهرت الحاجة إلى المزيد من الاستثمارات في الرعاية الصحية، وأعتقد أن مصر ستستفيد من ذلك".
وأضاف: "أطلقنا صندوقا للرعاية الصحية، وندرس تأسيس مستودعات طبية استراتيجية، ونخطط لاستثمارات أخرى سيجرى الإعلان عنها في الوقت المناسب".
وفي مايو/أيار الماضي، وقّع الصندوق السيادي وشركة إدارة الاستثمارات كونكورد إنترناشيونال إنفستمنتس، ومقرها نيويورك، مذكرة تفاهم، تتضمن تعاون الكيانين لتأسيس شركة مشتركة لإدارة صندوق متخصص في قطاع الرعاية الصحية، يستثمر بشكل أساسى في مصر.
وفي وقت سابق من يونيو/حزيران الجاري، وافق مجلس النواب (البرلمان) على تعديلات مشروع قانون "صندوق مصر السيادي" المرسل من الحكومة بشكل مبدئي، والتي تتضمن إعفاء المعاملات البينية للصندوق والكيانات المملوكة له بالكامل من جميع الضرائب والرسوم.
ويشترط مشروع القانون ألا ترفع الدعاوى ببطلان العقود التي يبرمها الصندوق، أو التصرفات التي يتخذها لتحقيق أهدافه، أو الإجراءات التي اتخذت استنادا لتلك العقود أو التصرفات، إلا من أطراف التعاقد دون غيرهم.
وسبق أن أطلق الصندوق السيادي المصري منصة استثمارية مع دولة الإمارات، ممثلة في شركة أبوظبي التنموية القابضة، بقيمة 20 مليار دولار للاستثمار المشترك في مجموعة متنوعة من القطاعات والمجالات، ومن أبرزها الصناعات التحويلية، والطاقة التقليدية والمتجددة، والتكنولوجيا، والأغذية، والعقارات، والسياحة، والرعاية الصحية، والخدمات اللوجستية، والخدمات المالية، والبنية التحتية.
ويراهن السيسي بشدة على بيع أصول الدولة من خلال الصندوق، من أجل تسديد قيمة الديون المتراكمة التي قفزت إلى مستويات غير مسبوقة لتتجاوز، في ست سنوات من حكمه، أكثر من ضعفي الديون المتراكمة على مصر خلال نحو 70 عاماً تعاقب خلالها 6 رؤساء على حكم البلاد.
وفي 6 مايو/أيار الماضي، أعلن البنك المركزي ارتفاع حجم الديون الخارجية إلى نحو 112.67 مليار دولار، بنهاية ديسمبر/كانون الأول من عام 2019، مقابل 96.61 مليار دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2018.
وبذلك يقفز الدين الخارجي بنسبة تصل إلى 145 في المائة، منذ وصول السيسي إلى الحكم في منتصف 2014، إذ لم تكن الديون الخارجية آنذاك تتجاوز 46 مليار دولار.