تتجه الحكومة المصرية ممثّلةً بوزارة التضامن الاجتماعي، لشن حملة على عدد من "الحضانات الإسلامية" المتخصصة في تحفيظ القرآن بالمحافظات، بدعوى أنها تدرّس مناهج تحضّ على التطرف والتشدد لأطفال لم تتجاوز أعمارهم أربعة أعوام. وترى الوزارة أن تلك الحضانات أصبحت وكراً لتنشئة الأطفال على الفكر الوهابي والتكفيري، ودخولها قاصر على المسلمين فقط، ما يعد مخالفة لشروط الوزارة بفتح الحضانات لجميع مراحل رياض الأطفال.
وعقدت وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر الدكتورة غادة والي اجتماعاً عاجلاً، اليوم الاثنين، مع عدد من قيادات الوزارة ومسؤوليها في المحافظات، لإجراء تحريات على كافة "الحضانات" المرخصة وغير المرخصة، خصوصاً الموجودة في المدن، وتشميع الحضانات المتخصصة في تدريس القرآن فقط فوراً.
وأشارت الوزيرة خلال الاجتماع، إلى أنه لا توجد حضانات متخصصة بتدريس مواد محددة، بل هي حضانات شاملة "رياضة – عربي - وإنكليزي" بالإضافة إلى عدد من الألعاب الترفيهية. وأضافت أنها اتفقت مع عدد من المحافظين على التعاون معها في تلك الحملة، والاستعانة بالأجهزة الأمنية حال وجود مشاكل في مواجهة غلق أي حضانة.
وكان الإعلامي وائل الإبراشي قد فتح ملف الحضانات الإسلامية ببرنامجه "كل يوم" المذاع على فضائية "ONE"، وعرض موقف عميد كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر سابقاً الدكتور محمد سالم أبو عاصي، الرافض لتلك الحضانات، متهماً إياها بأنها تدرس الفكر الوهابي السلفي، ولا يوجد لديها منهج علمي تمت مراجعته من الأزهر أو وزارة التربية والتعليم، لافتاً إلى أن تلك الحضانات تؤدي إلى التطرف والإرهاب، وأن القائمين عليها غير مؤهلين لتربية النشء.
وأكد مؤلف "مناهج نور البيان" الشيخ طارق السعيد، أن منهج نور البيان يدرس في الحضانات الإسلامية منذ 20 عاماً، بموافقة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، كما حصل على ترخيص مجمع البحوث الإسلامية لتدريس المنهج. وأضاف خلال الحوار، أنه خريج "معهد قراءات" تابع للأزهر، موضحاً أن مَن يقوم بتدريس المناهج لا بد أن يكون صاحب عقيدة سلفية، أي على الأقل ملمًّا بأركان الإيمان، وألا يكون متطرفاً.
استنكر عضو مجلس النواب النائب محمود بدر، المناهج التي تدرس في الحضانات الإسلامية، مستشهداً ببعض الموضوعات التي تدرس في كتب "الفرقان في رعاية دور القرآن، وفقه الطفل المسلم، وصايا الرسول والعقيدة الميسرة للطفل المسلم، منهج نور البيان"، مضيفاً أنه لا يجب تدريسها لتلاميذ الحضانات، وخاصة أن فيها أخطاء، مشيراً إلى أن كل أساتذة الأزهر الشريف أنكروا مناهج "الحضانات الإسلامية"، وقالوا إنها لا تجوز.
وسبق لعضو مجلس النواب محمد أبو حامد، أن طالب الأجهزة الأمنية بالكشف عن انتماءات أصحاب الحضانات الإسلامية، زاعماً أن معظم تلك الحضانات يمتلكها الإخوان والسلفيون، ويدرسون فيها مناهج تحضّ على العنف والتطرف.
وتحظى تلك الحضانات بإقبال كبير من الأهالي في مصر، ويرون أنها تربّي أبناءهم على التعاليم الإسلامية، كما تؤهل الأطفال لدخول المدارس الأزهرية، وهو ما أكدت عليه "نجوى م."، المشرفة على إحدى الحضانات، مشيرة إلى أن هناك حملة ممنهجة من قبل أعضاء مجلس النواب على تلك الحضانات، ما دفع وزيرة التضامن إلى التوجيه بإغلاق المخالف منها فوراً.
وأشارت إلى أن تلك الحضانات الإسلامية تعتمد على منهج "نور البيان"، وهي طريقة لتحفيظ القرآن الكريم بالتجويد والأحاديث، وتعليم الأطفال الصلاة والأناشيد الإسلامية، مؤكدة أن من يقوم بالتعليم فيها مؤهلون من المرحلتين المتوسطة والعليا، ومعظمهم من الفتيات، ولديهم قدر من التعليم الديني الإسلامي لتعليم النشء مبادئ الإسلام الأولى.
واتهم المشرف على إحدى الحضانات لتحفيظ القرآن الكريم الشيخ صلاح عبد الله، الحكومةَ المصرية بأنها تشن حملة على "الإسلام"، كما تحدث الآن سيطرة كاملة على المساجد من قبل الحكومة رفْضاً لانتشار الالتزام الديني في المجتمع. واعتبر أن ما تقوم به تلك الحضانات بتعليم الأطفال القرآن الكريم والأخلاق الإسلامية وبعض العبادات المناسبة لأعمارهم مثل الصلاة والوضوء ليس إرهاباً أو وتطرفاً كما يزعم بعضهم، وهو عمل مطبق في كثير من الدول العربية والإسلامية.
وأضاف أن الحضانات والكتاتيب المتخصصة في تحفيظ القرآن الكريم، كانت طوال الوقت مصدراً لتخريج الآلاف من حفظة كتاب الله، وكانت سبباً في تهذيب أخلاق آلاف الأطفال والشباب، وتعريفهم بتعاليم دينهم.