زادت معاناة المصريين بعد مرور ستة أعوام على ثورة يناير/كانون الثاني 2011، إلا أن السنوات الثلاث الأخيرة تعد الأشد وطأة على الحياة المعيشية، خاصة أنها شهدت زيادات ثقيلة في الأسعار، فاقت في بعض السلع 500%، وتحديداً في السلع الغذائية والسلع الاستهلاكية والأدوية والوقود.
وأدى الارتفاع غير المسبوق في الأسعار إلى قفزات قياسية في معدل التضخم، ليصل إلى 25.86% على أساس سنوي في ديسمبر/كانون الأول 2016، مقابل 13% في نفس الشهر من 2011.
وعلى الرغم من خروج المصريين في ثورة يناير من أجل العيش بكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية، إلا أن السنوات الست التي اعقبت الثورة لم تشهد تحسناً في الظروف المعيشية، وإنما تواصلت الأزمات دون هدنة، لا سيما بعد القرارات الحكومية خلال الأشهر الأخيرة من 2016، والتي تسببت في موجات متلاحقة من الغلاء، وارتفاع معدلات الفقر، واختفاء الكثير من السلع الأساسية والأدوية وتراجع مستويات الخدمات الصحية.
وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، انتقلت نسبة الفقراء من 25.2% عام 2011 إلى 26.3 عام 2013 ثم 27.8% في 2015، بينما يتوقع تجاوز النسبة هذه المستويات بنحو كبير خلال 2016، والذي شهد غلاء غير مسبوق بالأسعار وانهيار القدرات الشرائية للمصريين.
ووفق البيانات فإن عامي 2014 و2015 فقط سقط خلالهما نحو 1.4 مليون مصري جديد تحت خط الفقر، بينما يشير خبراء اقتصاد إلى أن 2016 فقط سجل سقوط ما يصل إلى ضعفي هذا الرقم على الأقل.
وتقدّر الحكومة المصرية خط الفقر بمن يحصلون على دخل شهري بنحو 482 جنيهاً، بينما خط الفقر العالمي يصل إلى 57 دولاراً شهرياً، وهو ما يعادل نحو 1100 جنيه وفق متوسط سعر الصرف في البنوك المصرية حالياً، ما يعني أن من يندرجون تحت خط الفقر انجرفوا بفعل انفلات الأسعار إلى مستويات الفقر المدقع الذي يعني عدم قدرة الفرد أو الأسرة على توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية.
وقال أحمد يحيي، رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية في القاهرة، إن أسعار جميع السلع الغذائية شهدت ارتفاعات منذ عام 2011، لكن الصعود الأكبر كان في عامي 2015 و2016.
وأضاف يحيي في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن العام الماضي شهد لأول مرة اختفاء كاملاً لسلعة السكر وارتفاع سعرها بنحو 300%، بعد أن قفز سعر الكيلوغرام الواحد من خمسة جنيهات إلى 20 جنيهاً، كما شهد الزيت والأرز ارتفاعات كبيرة أيضا وصلت إلى 200%.
وأشار إلى أن قرارات الحكومة الأخيرة المتمثلة في تحرير سعر صرف الجنيه وفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14% ووقف الاستيراد وزيادة أسعار الوقود والكهرباء تسببت في الارتفاع الكبير للأسعار.
اقــرأ أيضاً
وقرّر البنك المركزي في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 تحرير سعر صرف الجنيه، ما أدى إلى صعود الدولار بنسبة تصل إلى 128%، مقارنة بمستويات الأسعار قبل ذلك التاريخ، بعد أن لامست العملة الأميركية 20 جنيها مقابل 8.80 جنيهات رسمياً، كما تزيد الأسعار الحالية بنسبة 242% عن متوسط الأسعار في 2011، والتي لم يتجاوز الدولار خلالها 5.95 جنيهات.
ولم تقتصر زيادة أسعار السلع على المنتجات المباعة في السوق الحرة وإنما طاولت السلع التموينية المدعومة من قبل الحكومة، فضلاً عن حذف نحو 10 ملايين فرد من البطاقات التموينية خلال العام الماضي، والاتجاه لحذف 31 مليون آخرين خلال الفترة المقبلة، وفق ما أكده وليد الشيخ نقيب البقالين التموينيين في تصريح لـ "العربي الجديد".
مرضى بلا أدوية
وشهدت أسعار الأدوية زيادات متكررة، وسط اختفاء كبير لأصناف مهمة للأمراض المزمنة مثل القلب والسكر والضغط والجلطات والمحاليل والمستلزمات الطبية وألبان الأطفال، بينما شملت الأدوية الشحيحة أكثر من ألفي صنف، وهو ما لم يحدث طوال سنوات الثورة الأولى وحتى إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013، وفق ما أكده محمد فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء، في تصريحات خاصة.
وقال فؤاد إن الأدوية لم تشهد أي أزمات منذ يناير/كانون الثاني 2011 وحتى منتصف 2013، وبدأت تظهر أزمة النواقص (المختفية والشحيحة) مع ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء وعدم توفير البنك المركزي للنقد الأجنبي.
اقــرأ أيضاً
وأضاف فؤاد أن وزارة الصحة أعلنت في مايو/أيار 2016 زيادة جميع أسعار الأدوية بنسبة 20%، ثم قررت رفعها مرة أخرى في ديسمبر/كانون الأول بنسبة تراوح بين 30% و50%، بحجة توفير الأصناف التي لا يرقى سعرها إلى تكلفتها الحقيقية، إلا أن أزمة النواقص ما تزال مستمرة.
اشتعال الوقود
وقعت أزمات عدة في الوقود بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، خاصة خلال الأشهر الأخيرة من حكم الرئيس محمد مرسي الذي لم يستمر لأكثر من عام، ثم هدأت الأمور نسبياً بعد ذلك، لكنها شهدت زيادتين بالأسعار رسمياً منذ منتصف 2014.
ورفعت حكومة إبراهيم محلب السابقة أسعار الوقود في يوليو/تموز 2014 بنسبة تصل إلى 78%، الأمر الذي زاد من أسعار المواصلات العامة وتكلفة النقل بشكل عام، كما تم رفعها للمرة الثانية في وجود حكومة شريف إسماعيل الحالية، بعد يوم واحد من تحرير سعر صرف الجنيه في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بنسبة تراوح بين 30% و45% حسب نوع الوقود.
إرهاق المواطنين
وعلى الرغم من حلم الرخاء بعد ثورة يناير، إلا أن الأوضاع المعيشية الصعبة المستمرة، والتي ازدادت قسوة خلال السنوات الثلاث الأخيرة أرهقت المواطن بشدة.
وقال مصطفى النشرتي، خبير الاقتصاد لـ "العربي الجديد" إن أعباء المواطنين المعيشية زادت بعد ثورة يناير التي قامت في الأساس على شعار "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، لكن لم يتحقق من هذا الشعار شيء، بل على العكس ساءت الأوضاع خاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مع قيام الحكومة بإجراءات اقتصادية صعبة ما تسبب في تجاوز التضخم نسبة 25%.
وأضاف النشرتي أن المصريين قلّصوا مشترياتهم لأضيق الحدود، وانتشرت مؤخراً ظواهر السرقة من أجل الأكل والمعيشة، لافتاً إلى أن هذه الظاهرة باتت خطيرة جداً.
اقــرأ أيضاً
وأدى الارتفاع غير المسبوق في الأسعار إلى قفزات قياسية في معدل التضخم، ليصل إلى 25.86% على أساس سنوي في ديسمبر/كانون الأول 2016، مقابل 13% في نفس الشهر من 2011.
وعلى الرغم من خروج المصريين في ثورة يناير من أجل العيش بكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية، إلا أن السنوات الست التي اعقبت الثورة لم تشهد تحسناً في الظروف المعيشية، وإنما تواصلت الأزمات دون هدنة، لا سيما بعد القرارات الحكومية خلال الأشهر الأخيرة من 2016، والتي تسببت في موجات متلاحقة من الغلاء، وارتفاع معدلات الفقر، واختفاء الكثير من السلع الأساسية والأدوية وتراجع مستويات الخدمات الصحية.
وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، انتقلت نسبة الفقراء من 25.2% عام 2011 إلى 26.3 عام 2013 ثم 27.8% في 2015، بينما يتوقع تجاوز النسبة هذه المستويات بنحو كبير خلال 2016، والذي شهد غلاء غير مسبوق بالأسعار وانهيار القدرات الشرائية للمصريين.
ووفق البيانات فإن عامي 2014 و2015 فقط سقط خلالهما نحو 1.4 مليون مصري جديد تحت خط الفقر، بينما يشير خبراء اقتصاد إلى أن 2016 فقط سجل سقوط ما يصل إلى ضعفي هذا الرقم على الأقل.
وتقدّر الحكومة المصرية خط الفقر بمن يحصلون على دخل شهري بنحو 482 جنيهاً، بينما خط الفقر العالمي يصل إلى 57 دولاراً شهرياً، وهو ما يعادل نحو 1100 جنيه وفق متوسط سعر الصرف في البنوك المصرية حالياً، ما يعني أن من يندرجون تحت خط الفقر انجرفوا بفعل انفلات الأسعار إلى مستويات الفقر المدقع الذي يعني عدم قدرة الفرد أو الأسرة على توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية.
وقال أحمد يحيي، رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية في القاهرة، إن أسعار جميع السلع الغذائية شهدت ارتفاعات منذ عام 2011، لكن الصعود الأكبر كان في عامي 2015 و2016.
وأضاف يحيي في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن العام الماضي شهد لأول مرة اختفاء كاملاً لسلعة السكر وارتفاع سعرها بنحو 300%، بعد أن قفز سعر الكيلوغرام الواحد من خمسة جنيهات إلى 20 جنيهاً، كما شهد الزيت والأرز ارتفاعات كبيرة أيضا وصلت إلى 200%.
وأشار إلى أن قرارات الحكومة الأخيرة المتمثلة في تحرير سعر صرف الجنيه وفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14% ووقف الاستيراد وزيادة أسعار الوقود والكهرباء تسببت في الارتفاع الكبير للأسعار.
وقرّر البنك المركزي في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 تحرير سعر صرف الجنيه، ما أدى إلى صعود الدولار بنسبة تصل إلى 128%، مقارنة بمستويات الأسعار قبل ذلك التاريخ، بعد أن لامست العملة الأميركية 20 جنيها مقابل 8.80 جنيهات رسمياً، كما تزيد الأسعار الحالية بنسبة 242% عن متوسط الأسعار في 2011، والتي لم يتجاوز الدولار خلالها 5.95 جنيهات.
ولم تقتصر زيادة أسعار السلع على المنتجات المباعة في السوق الحرة وإنما طاولت السلع التموينية المدعومة من قبل الحكومة، فضلاً عن حذف نحو 10 ملايين فرد من البطاقات التموينية خلال العام الماضي، والاتجاه لحذف 31 مليون آخرين خلال الفترة المقبلة، وفق ما أكده وليد الشيخ نقيب البقالين التموينيين في تصريح لـ "العربي الجديد".
مرضى بلا أدوية
وشهدت أسعار الأدوية زيادات متكررة، وسط اختفاء كبير لأصناف مهمة للأمراض المزمنة مثل القلب والسكر والضغط والجلطات والمحاليل والمستلزمات الطبية وألبان الأطفال، بينما شملت الأدوية الشحيحة أكثر من ألفي صنف، وهو ما لم يحدث طوال سنوات الثورة الأولى وحتى إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013، وفق ما أكده محمد فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء، في تصريحات خاصة.
وقال فؤاد إن الأدوية لم تشهد أي أزمات منذ يناير/كانون الثاني 2011 وحتى منتصف 2013، وبدأت تظهر أزمة النواقص (المختفية والشحيحة) مع ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء وعدم توفير البنك المركزي للنقد الأجنبي.
وأضاف فؤاد أن وزارة الصحة أعلنت في مايو/أيار 2016 زيادة جميع أسعار الأدوية بنسبة 20%، ثم قررت رفعها مرة أخرى في ديسمبر/كانون الأول بنسبة تراوح بين 30% و50%، بحجة توفير الأصناف التي لا يرقى سعرها إلى تكلفتها الحقيقية، إلا أن أزمة النواقص ما تزال مستمرة.
اشتعال الوقود
وقعت أزمات عدة في الوقود بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، خاصة خلال الأشهر الأخيرة من حكم الرئيس محمد مرسي الذي لم يستمر لأكثر من عام، ثم هدأت الأمور نسبياً بعد ذلك، لكنها شهدت زيادتين بالأسعار رسمياً منذ منتصف 2014.
ورفعت حكومة إبراهيم محلب السابقة أسعار الوقود في يوليو/تموز 2014 بنسبة تصل إلى 78%، الأمر الذي زاد من أسعار المواصلات العامة وتكلفة النقل بشكل عام، كما تم رفعها للمرة الثانية في وجود حكومة شريف إسماعيل الحالية، بعد يوم واحد من تحرير سعر صرف الجنيه في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بنسبة تراوح بين 30% و45% حسب نوع الوقود.
إرهاق المواطنين
وعلى الرغم من حلم الرخاء بعد ثورة يناير، إلا أن الأوضاع المعيشية الصعبة المستمرة، والتي ازدادت قسوة خلال السنوات الثلاث الأخيرة أرهقت المواطن بشدة.
وقال مصطفى النشرتي، خبير الاقتصاد لـ "العربي الجديد" إن أعباء المواطنين المعيشية زادت بعد ثورة يناير التي قامت في الأساس على شعار "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، لكن لم يتحقق من هذا الشعار شيء، بل على العكس ساءت الأوضاع خاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مع قيام الحكومة بإجراءات اقتصادية صعبة ما تسبب في تجاوز التضخم نسبة 25%.
وأضاف النشرتي أن المصريين قلّصوا مشترياتهم لأضيق الحدود، وانتشرت مؤخراً ظواهر السرقة من أجل الأكل والمعيشة، لافتاً إلى أن هذه الظاهرة باتت خطيرة جداً.