مصر: السجن عقوبة جديدة لطلبة الثانوية العامة

20 فبراير 2016
دعوات لتطوير طرق التعليم (Getty)
+ الخط -
بعد حالة الفوضى التي شهدتها امتحانات الثانوية العامة في مصر العام الماضي، بسبب انتشار حالات الغش عبر الوسائل الإلكترونية المختلفة التي يمتكلها الطلاب، اعتمد الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم منذ أيام قرارا بتفعيل القانون 101 لسنة 2015 الخاص بعقوبات الغش في امتحانات الثانوية العامة، والبدء في تنفيذه للمرة الأولى في امتحانات هذا العام 2016.

وبحسب القانون، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة 20 ألف جنيه كحد أدنى و50 ألف جنية كحد أقصى، كل من نشر أو أذاع أو روّج بأي وسيلة أسئلة وأجوبة الامتحانات أثناء عقد لجان الامتحان أو خارجها.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أصدر هذا القرار في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، ووافق عليه مجلس الوزراء ونُشر في الجريدة الرسمية للدولة، ولم يدخل بعد حيز التنفيذ.

اقرأ أيضا:المجرة الحلزونية.. نظرة إلى تدريس العلوم في مصر

أولياء أمور رافضون

تفاوتت آراء أولياء الأمور عقب هذا والقرار، وإن صبت جميعها في اتجاه واحد وهو رفض القرار وعدم اعتباره مناسبا، فتقول أم ندى: على الدولة أن تصلح منظومة التعليم وتطورها أولا، ثم تفرض العقوبات والغرامة وليس العكس.

بينما يعبّر ممدوح: القضاء على الغش يتطلب تكاليف باهظة ووسائل تكنولوجية متقدمة تتماشى مع العصر، أقلها برامج  كمبيوتر لكشف الغش، وأجهزة للتشويش على الإشارات داخل نطاق كل مدرسة وتقنيات تكشف وجود أي هواتف محمولة داخل قاعات الإمتحان، بعد أن بات الطالب يتفنن في إخفاء جهازه المحمول في حذائه وحتى في ملابسه الداخلية، ونحن فاشلون في الجانب التكنولوجي، إضافة إلى أنه سيكلف ميزانية باهظة يمكن استغلالها في إصلاح التعليم وتربية أجيال لا تعرف الغش.

وتضيف "والدة مارلي" إذا كنا لا نمتلك التطور التكنولوجي فلا مانع من قطع شبكات الاتصال وتعطيل خدمة الإنترنت في مصر مدة ساعتين، وقت انعقاد لجنة الامتحان، لتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين الطلاب، بديلا عن أسلوب التهديد والقمع الذي تتبعه الدولة في كل شيء.

نص القرار

وينص القرار 101 لسنة 2015 على: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من طبع أو نشر أو أذاع، أو روّج بأية وسيلة، أسئلة أو أجوبة امتحانات تتعلق بمراحل التعليم المختلفة، العامة أو الخاصة، وكان ذلك أثناء عقد لجان الامتحانات، بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحان، سواء تمت الجريمة داخل لجان الامتحان أو خارجها، ويعاقب بذات العقوبة كل من ساهم بأية وسيلة في ارتكاب تلك الجريمة، وفي جميع الأحوال يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة محل الجريمة".

اقرأ أيضا:مناهجنا تقتل الإبداع.. وإليك الأسباب

تعليقات ساخرة

ولم تخل مواقع التواصل الاجتماعي من التعليقات الساخرة لطلاب الثانوية العامة، ومنها: حبس سنة وغرامة 50 ألف، ليه؟ ده مبارك أخد براءة! بعد تطبيق قانون الغش، طلاب الثانوية كلهم إما ساقطين أو محبوسين، وعلى سبيل الحوار بين طالبين في السجن: أنت جاي في إيه؟ أنا جاي في صح وغلط وعلل، وأنت؟ أنا جاي في اختر مما بين الأقواس.


وحول مدى فاعلية تطبيق هذا القانون، يعلق محمد زيدان، الخبير التربوي: مسألة الغش في الثانوية العامة أصبحت من أعقد المشاكل التي تواجه الوزارة، خاصة بعد فوضى عمليات الغش في السنوات الماضية.

يتابع: وهذا القانون بالطبع لن يمنع الغش في الثانوية العامة، فهو فقط سيزيد من حجم المشاكل في وزارة التربية والتعليم، فهي عقوبة جنائية، وليست تأديبية أو تربوية، بل مبالغ فيها، وكان أفضل لوزير التربية والتعليم أن يركز جهوده في قرارات أرقى من هذه العقوبة غير التربوية، مثل تحسين طرق تدريس المادة وتأهيل المعلم لطرق التدريس الحديثة بدلا من الطرق العقيمة التي يتبعها المدرسون في خلق جيل أكثر بلادة، ولأننا ينقصنا التأهيل والخبرات القوية، نجد المدرس هذه الأيام عندما يتفنن في طرق تدريس جديدة، فإنه "يزيد الطين بلة"، كأن يقف بالطبلة ويرقص حوله الطلاب أو يستخدم "التنورة" حتى يحفظوا الدرس من دون أي فهم.

ويتساءل زيدان، كيف لوزير التربية والتعليم أن يقرر هذه العقوبة فجأة في امتحانات الثانوية العامة، ألا يجدر بنا أن نبدأ بوضع حلول منطقية من الأساس، أي من التعليم الأساسي الذي يخرج منه الطفل غالبا بالغش على أيدي المدرسين أنفسهم، وبالتالي لا يعرف حتى قواعد الكتابة الصحيحة، فالمعلم هو من يقوم بعملية "تغشيش" التلميذ ويرسخ هذا المبدأ في ذهنه، والنتيجة رئيس مجلس شعب لا يجيد أياً من الحركات الإعرابية، حتى امتلأ خطابه بالأخطاء النحوية.

ومن هنا يطالب زيدان بتأهيل المعلم وتأكيد دوره التربوي في التعامل مع التلميذ من البداية، وخلق مساحة لهذا الدور المفقود نظرا لتكدس المناهج واعتمادها فقط على الحفظ والتلقين وغياب بُعد المتعة والترفيه في العملية التعليمية، حتى لا يخرج لنا أجيالا مشوهة لا تعرف عن القيم والمبادئ ولا تعرف الردع سوى بالعقاب والتهديد، وهذا كله تشويه في ملامح مجتمعنا.

ويتابع: أحسن الطرق لمواجهة الغش تكمن في تغيير طريق وضع الامتحان، لأنها طريقة عقيمة لا تتغير ولا تواكب التطور التكنولوجي الذي يتعامل معه طالب اليوم، بل تشجعه على الغش ليأخذ مكانه في السباق على كليات القمة في مجتمع لا يجيد نظرة الاحترام سوى لخريجي هذه الكليات.

وبالتالي يجب محاولة وضع أسئلة تختبر عقلية الطالب، وتحثه على التفكير والإبداع بدلا من مجرد رص معلومات بعد حفظها ونسيانها بمجرد الانتهاء من ملء ورقة الإجابة بها.

اقرأ أيضا:
هادي... حبيس طاحونة الدقيق (قصة حقيقية)

مهارات التعليم في القرن الواحد والعشرين
حقائب ملغمة... يحملها أبنائي على ظهورهم
"تعرف فلانة...شوفتها وهي بتذاكر لعيالها؟"
المعلّمة البريطانية التي أحبطت الأم المصريّة
في مصر.. ادفع أكثر تتعلم أفضل!
دراسة: نُظُم التعليم العربية لا تراعي سوق العمل
هل يصبح التعليم المنزلي بديلاً لمشكلات المدارس؟
المناهج تناقض الواقع.. وعليك أن تتصرف

دلالات
المساهمون