مصر: الدولار في صعود والسيسي يطبع 64.6 مليار جنيه

02 مارس 2020
توقعات بمواصلة الدولار الصعود خلال الأيام المقبلة (فرانس برس)
+ الخط -
واصل سعر صرف الدولار، ارتفاعه أمام الجنيه المصري في المعاملات الرسمية، وسط توقعات باكتساب العملة الأميركية المزيد من القوة خلال الفترة المقبلة، على ضوء مؤشرات حول تضرر موارد مصر من النقد الأجنبي، بسبب تداعيات فيروس كورونا، الذي زحفت عدواه إلى البلد، الذي يعتمد بشكل كبير على السياحة وقناة السويس والصادرات وتحويلات المغتربين.

ويتزامن صعود الدولار من جديد مع صدور بيانات رسمية تظهر مواصلة البنك المركزي طبع مليارات الجنيهات، لتصل إلى نحو 64.6 مليار جنيه خلال الفترة من ديسمبر/كانون الأول 2018 حتى نهاية الشهر نفسه من العام 2019.

ووصل سعر صرف الدولار في البنوك، اليوم الاثنين، إلى 15.58 جنيها للشراء و15.68 جنيها للبيع، في حين سجل بنهاية فبراير/شباط الماضي 15.54 جنيها للشراء و15.64 جنيها للبيع، بينما توقعت مصادر مصرفية أن يصل سعر العملة الأميركية إلى 16 جنيها في غضون أيام، بسبب المخاوف المتزايدة من تداعيات فيروس كورونا على مصر.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية، اليوم، عن تسجيل ثاني إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، بينما تعرضت الحكومة لانتقادات حادة خلال الأيام الماضية من جهات رسمية دولية بسبب تكتمها بشأن حالات الإصابة.

وتتبلور أزمة حقيقية في قطاع السياحة، وهي من الروافد الرئيسية للنقد الأجنبي، بعدما أعلنت وزارة الصحة الفرنسية، الخميس الماضي، تسجيلها حالتي إصابة بكورونا كانتا في رحلة سياحية إلى مصر.


ووفق بيانات صادرة عن البنك المركزي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بلغت إيرادات السياحة خلال العام المالي 2018/ 2019، الذي انقضى بنهاية يونيو/حزيران الماضي، 12.6 مليار دولار، بزيادة 28 في المائة عن العام السابق عليه.

ولا تقتصر التداعيات المتوقعة على قطاع السياحة جراء انتشار فيروس كورونا في مناطق متفرقة من العالم وتسببه في تقلص حركة الطيران بشكل كبير، وإنما أيضا على التجارة الدولية، وبالتالي تأثر معدلات مرور السفن في قناة السويس، التي تدر عملة صعبة تقدر بنحو 5 مليارات دولار سنوياً.

وكانت مصادر ملاحية في مصر قد رجحت، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، الشهر الماضي، تضرر عائدات قناة السويس من تفشي كورونا، بينما قلل مسؤولو هيئة القناة، في تصريحات إعلامية، من أضرار الفيروس واسع الانتشار.

وذكرت وكالة "رويترز" في فبراير/شباط، أن كورونا أصاب قطاع شحن الحاويات عالمياً بحالة من الارتباك، إذ تغير شركات نقل حاويات مسار شحنات ويتقلص الطلب على الموانئ الصينية، وهو ما يشي بأن شهوراً من تأخر التسليمات قادمة.

ولا تخفي مصادر مصرفية مصرية قلقها من خطر أكبر يتمثل في فقدان عائدات كبيرة من تحويلات المصريين العاملين في الخارج، خاصة في دول الخليج العربي، التي يُتخوف من أن تُقدم على عمليات تسريح من الوظائف المختلفة حال اتساع نطاق أضرار كورونا، الذي تسبب في تهاوي أسعار النفط، وبدأ في ضرب قطاعات حيوية، مثل الضيافة والتجارة والطيران.


ووصلت تحويلات المصريين في الخارج إلى نحو 26 مليار دولار في 2019، مقابل 25.5 مليار دولار في 2018، وفق بيانات البنك المركزي.

وبجانب تحويلات المغتربين المصريين، جاءت المساعدات والقروض التي قدمتها العديد من دول الخليج، خاصة السعودية والكويت والإمارات، لتمثل الجانب الأكبر من احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي، الذي يراه مسؤولو البنك بمثابة ضمانة للحفاظ على استقرار سعر الصرف وعدم انجراف الجنيه نحو أي انهيار محتمل.

لكن مع وصول احتياطي النقد الأجنبي إلى نحو 45.45 مليار دولار في يناير/كانون الثاني الماضي، فإن هذا الحجم من العملة الصعبة يبقى مهدداً مع تضرر القطاعات الرئيسية، التي تدر نقداً أجنبياً، وخاصة أن مصر ملزمة بسداد ديون تقدر بنحو 18.6 مليار دولار خلال العام الجاري.

ووفقا لبيانات تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد، الصادر عن البنك المركزي قبل نحو شهر،  فإن الأقساط والفوائد المستحقة في النصف الأول من العام الجاري، تبلغ 9.24 مليارات دولار، بينما تبلغ الأقساط والفوائد المستحقة في النصف الثاني 9.35 مليارات دولار.

وقفز الدين الخارجي للبلاد بنسبة 18 في المائة على أساس سنوي بنهاية الربع الأول من العام المالي الحالي 2019/ 2020 (نهاية سبتمبر/أيلول) إلى 109.36 مليارات دولار، كما ارتفع الدين المحلي بنسبة 8 في المائة إلى 4.18 تريليونات جنيه (270 مليار دولار).


وفي ظل المشروعات الضخمة، التي أقدم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي على تنفيذها، في مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة، شرق القاهرة، تواجه الحكومة ضغوطاً متزايدة في تدبير الموارد المالية، بينما أظهرت أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري أن إجمالي النقد المصدر وصل إلى 544.7 مليار جنيه في ديسمبر/كانون الأول 2019، مقابل 480.1 مليار جنيه في الشهر نفسه من العام السابق عليه، ما يكشف عن طباعة قرابة 64.6 مليار جنيه خلال هذه الفترة لتدبير الاحتياجات المالية.

كما تظهر البيانات التي رصدها "العربي الجديد" أن قيمة ما تمت طباعته من نقود منذ وصول السيسي إلى الحكم منتصف 2014 بلغت نحو 254.9 مليار جنيه.

المساهمون