مصرفيون: نتائج مرضية للبنوك السعودية رغم تراجع النفط

26 ابريل 2016
تخفيض التصنيف الائتماني يضغط على البنوك السعودية (Getty)
+ الخط -
اتفقت العديد من وكالات التصنيف الائتماني العالمية، خلال الفترة الأخيرة، على خفض تصنيف البنوك السعودية، بسبب التداعيات السلبية لتهاوي أسعار النفط، وفي المقابل قلل مصرفيون سعوديون من أهمية تقارير الوكالات العالمية، وشككوا في الأسباب التي استندت إليها، وأكدوا ان النتائج المالية للبنوك مرضية رغم تراجع أسعار النفط والإنفاق الحكومي.
وفي هذا السياق، شدد محللون ومصرفيون، على أن وكالات التصنيف لم تأخذ في الاعتبار أداء البنوك خلال الربع الأول من العام الجاري والذي كان أفضل من المتوقع، كما لم تضع في اعتبارها التحسن الجاري لأسعار النفط، ووضع البنوك السعودية الخاص الذي لا تدفع فيه ضرائب ولا فوائد على الودائع البنكية، وهو ما يزيد من ربحيتها مقارنة بالبنوك في أي دولة أخرى، حسب المحللين.
وأكد الخبير المالي علي الجعفري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن غالبية وكالات التصنيف الائتماني لا تنظر لوضع البنوك السعودية بشكل أكثر عمقا، وتكتفي بالوضع الاقتصادي العام، وتضع سيناريوهات سلبية لأسعار النفط، لا تتفق مع ما يحدث على أرض الواقع.
وقال: "هذه التصنيفات أخذت بناء على وضع النفط، ولم تؤخذ بناء على النتائج المالية للبنوك، والتي كانت أكثر من جيدة في الربع الأول من العام 2016، ولم تتأثر بأسعار النفط المنخفضة، مع أن الانخفاض الكبير في الأسعار جاء في الربع الأخير من عام 2015 والربع الأول من عام 2016".
وأوضح أنه رغم كل هذه الظروف حققت البنوك السعودية أرباحا أكبر من توقعات المحللين الاقتصاديين، بغض النظر عن الوضع العام للنفط"، وأضاف: "كل بيوت الخبرة عندما تكتب تقارير عن السعودية أو غيرها من الدول، فهي تنظر إلى جانب واحد وهو النفط، كما أنها عندما تكتب هذه التقارير فإنها تتخوف من استمرار انخفاض سعره، وهي تضع تقاريرها بناء على ذلك، ولكن في المقابل نشاهد أن أسعار النفط بدأت ترتفع حاليا".
وشدّد الجعفري على أن الوقوف عند مستوى تصنيف A و A- ليست أمراً سلبياً، وقال: "طالما نحن في مستوى A فيعتب هذا جيداً جدا مقارنة بكثير من البنوك العالمية، فغالبية البنوك السعودية إن لم يكن جميعها متوافقة مع معايير (بازل 3) العالمية، فالكفاءة المالية لديها عالية جدا، ويجب ألا نأخذ أن هذه التقارير أمر مسلم به".
وكانت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" خفضت تصنيفها الائتماني لـ 7 بنوك سعودية، الشهر الجاري، وهي البنك الأهلي ومصرف الراجحي والرياض وسامبا درجة واحدة من (A+) إلى (A) مع نظرة مستقبلية سالبة.


كما خفضت التصنيف الائتماني لكل من ساب والفرنسي والعربي بدرجة واحدة أيضا من (A) إلى (A-) مع نظرة مستقبلية سالبة، كما خفضت النظرة المستقبلية إلى سالبة مع تثبيت التصنيف عند (A-) لكل من بنوك الإنماء والجزيرة والاستثمار والهولندي، وأرجعت ذلك إلى أن بيئة الأعمال باتت أضعف مؤخرا نتيجة لتراجع الإنفاق الحكومي بفعل انخفاض أسعار النفط والذي قد يؤدي مستقبلا لتدهور جودة الأصول وانخفاض مستوى نمو محافظ الإقراض.
كما عدلت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للنظام المصرفي السعودي في مارس/ آذار الماضي، من مستقرة إلى سلبية، وقالت إن التعديل يعكس توقعات بتضرر القطاع المصرفي من استمرار ضعف أسعار النفط وانخفاض الإنفاق الحكومي. وقالت الوكالة: "نتوقع أن يشهد المناخ التشغيلي للبنوك السعودية ضعفا خلال الـ 18 شهرا المقبلة".
وفي هذا الإطار، شكك الجعفري في تقارير الوكالات العالمية، قائلاً: "لا ننسى أن بيوت الخبرة هذه عندما وصل الذهب لسعر 1900 دولار للأوقية الواحدة، أغلبها قال إن الذهب يتجه لـ2500 دولار ولـ4000 دولار، ومع ذلك وجدنا الأسعار تهبط، فلا يجب التسليم بنتائج هذه الوكالات"، مشيراً إلى أن إشراف مؤسسة النقد العربي السعودية الصارم على أداء البنوك يجعلها قوية.

وأوضح الجعفري أن البنوك السعودية ما تزال تؤدي بشكل جيد بناء على ربحيتها، لأن لديها الكثير من المنتجات. وتابع: "ليس فقط إقراض الشركات العملاقة، فلديها منتجات للشركات المتوسطة والصغيرة، والأفراد والإقراض العقاري، فهي لا تعتمد على الشركات الكبيرة فقط"، غير أن الجعفري يستدرك ويطالب بإعادة النظر في بعض الأمور التي كانت وراء هذا التراجع في التصنيف.
وأضاف: "عندما تجتمع بيوت الخبرة على نظرة معينة، فلا بد أن نعيد النظر في وضع البنوك المحلية، فهناك أمور قد تكون خلف هذه النظرة، نحن نتحدث عن أسعار نفط تفوق التوقعات، وقد تصل إلى 45 دولاراً للبرميل الواحد".
وأكد ان بعض التقارير تشير إلى أن بعض المقاولين الكبار متعسرون، ولكن القطاع المصرفي لدينا لا يمكن أن يعطي قرضا إلا ولديه الضمانات الكافية لتحصيله، لا بد من الإشارة لذلك، فمؤسسة النقد صارمة في هذا الجانب، كما أن البنوك لا تستطيع أن تقرض أكثر من 90% من حجم الودائع الموجود لديها، لكيلا تكون هناك مشاكل مستقبلية.
وأوضح الخبير المالي أنه في حالة تعافي أسعار النفط الحالية، فبالتأكيد الوكالات العالمية ستغير من نظرتها للبنوك السعودية، فهي تأخذ أسوأ السيناريوهات حاليا، وبنت تصنيفها على مستوى 30 دولاراً للبرميل، والسعر الآن أعلى من ذلك، رغم عدم الاتفاق على تجميد الإنتاج في المؤتمر الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة، وفي حالة تجاوز هذه المرحلة الصعبة أتوقع زيادة سعر البرميل إلى أكثر من 50 دولاراً، ما سينعكس إيجاباً على البنوك.
وفي المقابل أكد الخبير المالي والمختص في البنوك ربيع سندي، لـ"العربي الجديد"، أن استمرار خفض وكالات التصنيف الائتماني للسعودية أمر يدعو لمراجعة وضع تلك البنوك، وقال: "قد لا نتفق مع استمرار وكالة فيتش وغيرها من الوكالات العالمية المتخصصة، خفض تصنيف البنوك السعودية، لأنه يتعارض مع نتائجها المالية الجيدة، ولكن البنوك العالمية، والشركات المالية العملاقة لا تعرف ذلك، وهي تعتمد في بناء أية علاقة مع أي بنك سعودي على ما يدون في هذه التصنيفات، ولهذا لا بد أن نراجع وضعية الاقتصاد السعودي بشكل عام".
وشدد سندي، على أن خطة التحول الوطني هي الحل لانتشال الاقتصاد السعودي من هيمنة النفط، ويضيف: "الكل يتأثر من أسعار النفط المنخفضة، فالقطاع الخاص السعودي مازال طفيليا على القطاع الحكومي، وعندما ينخفض الإنفاق الحكومي نجد أن كل شيء في البلاد ينخفض، ولا بد من وضع حد لذلك في الفترة المقبلة".

المساهمون