تواصلت ردود الأفعال الغاضبة من قرار التحفظ على أموال لاعب الكرة المصري محمد أبو تريكة، وحذر خبراء ورجال أعمال من تداعيات القرار السلبية على مناخ الاستثمارات، الذي يهدّد اتفاقات بنحو 60 مليار دولار تم توقيعها في مؤتمر دعم الاقتصاد المصري بشرم الشيخ (شمال شرق) منتصف مارس/آذار الماضي.
وكانت صحف مصرية قد أعلنت نهاية الأسبوع الماضي، عن التحفظ على أموال أبو تريكة، وأشارت إلى البدء في التحقيق بشبهات حول استخدام شركة "أصحاب تورز للسياحة" التي يملك اللاعب حصة فيها، كواجهة لنشاطات جماعة الإخوان المسلمين.
وأثار القرار قلقاً وغضباً شعبياً امتد إلى الأوساط الاقتصادية، حيث قال رئيس الاتحاد العام
للغرف التجارية، أحمد الوكيل، لـ"العربي الجديد"، إنه يرفض أي قرارات بالتحفظ على الأموال سواء على أبو تريكة أو جماعة الإخوان المسلمين أو غيرهم لأنها تعد رسالة سلبية لجميع المستثمرين.
وأكد رئيس الشعبة العامة للدواجن باتحاد الغرف التجارية، عبد العزيز السيد، لـ"العربي الجديد"، أن القرار يعطي انطباعاً بعدم الاستقرار للمستثمرين الأجانب، خاصة أن اللاعب المصري يحظى بشهرة عالمية وليس في مصر فقط.
وأضاف السيد أن مجتمع الأعمال في مصر يرفض أي قرارات للتحفظ، موضحاً أن اتحاد الغرف التجارية الذي يمثل مئات الآلاف من التجار، رفض في وقت سابق قرار التحفظ على أموال وشركات رجلي الأعمال خيرت الشاطر وعبد الرحمن سعودي بتهمة انتمائهما لتيار سياسي محظور.
وكانت لجنة حصر أموال الإخوان الحكومية قد تحفظت عقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز الماضي، على أكثر من ألف جمعية خيرية ومئات الشركات والمدارس، المملوكة لأعضاء وقيادات في جماعة الإخوان، كما امتدت قرارات التحفظ إلى معارضين للنظام الحالي ومنهم قيادات بحركة الاشتراكيين الثوريين وحزب الوسط وأعضاء في المجلس الثوري.
اقرأ أيضاً: غضب في مصر بعد التحفظ على ممتلكات أبو تريكة
وأشار السيد إلى أن قرارات مصادرة الأموال والتحفظ عليها تعتبر عودة إلى عهد التأميم، ورسالة سيئة للمستثمرين خاصة الأجانب الذين تسعى الدولة إلى جذب أموالهم، موضحاً أن مثل هذا القرار قد يعوق استثمارات كبيرة كانت تنوي الدخول للبلاد، تخوفاً من أن تطاوله مثل هذه القرارات، وبالتالي سيبحث عن دولة أكثر أمناً ليضخ فيها استثماراته.
وقال عضو مجلس إدارة ورئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، محمد البهي، لـ"العربي الجديد"، إن المستثمر المحلي سيعيد حسابته مرة أخرى، قائلا "يمكن لأي شخص أن يتقدم ضدي ببلاغ بتهمة انتمائي للإخوان ويتم التحفظ على أموالي.. ما سيدفعني إلى عدم زيادة استثماراتي في مصر في مثل هذا المناخ غير الآمن".
ولفت النظر إلى أن هذا القرار قد يكون مقصوداً به إحراج السيسي من قبل البعض، خاصة أن أبو تريكة يحظى بشهرة محلية وعالمية، ما دفع سائل إعلام عربية وغربية إلى إعلانها التضامن معه موجهة انتقادات حادة للنظام المصري.
وسلطت صحف عربية وعالمية الضوء على القرار، ومنها صحيفة "لاجازيتا ديلو سبورت" الإيطالية، التي تناولت القرار من خلال نشرها تقريرًا مطولاً بداية الأسبوع الجاري عن النجم المصري، أكدت فيه أن أبو تريكة يحظى بدعم شعبي وجماهيري كبير من جانب المصريين، ضد القرار الصادر الخميس الماضي، ولذلك قامت الجماهير بإطلاق حملات للتضامن معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وأبرزت هاشتاج "ISupportAbouTreika".
أما صحيفة "دايلي ميل" البريطانية فقد أكدت أن اللاعب يمتلك شعبية كبيرة للغاية، وأن الأخبار التي ترددت بشأن مشاركة تريكة لأحد المُنتمين إلى الجماعة كذب.
وأوضح رئيس نقابة المستثمرين الصناعيين، محمد جنيدي، لـ"العربي الجديد" أن هذا القرار يضاف لعوامل أخرى طاردة للاستثمار، منها عدم وجود قانون موحد للاستثمار، وتأخر إجراء انتخابات مجلس الشعب وبالتالي غياب الرقابة الشعبية على الحكومة وقراراتها، بالإضافة إلى مشاكل عديدة تواجه المستثمرين وأبرزها نقص الطاقة وركود الأسواق وتراجع الاقتصاد الأمر الذي أدى إلى إغلاق مئات المصانع.
وتواجه مصر صعوبات اقتصادية في ظل تفاقم التفجيرات والاضطرابات الأمنية، وأظهر تقرير
أصدرته وزارة المالية المصرية، شهر فبراير/الماضي، ارتفاع عجز الموازنة في البلاد لمستوى قياسي حيث زاد بنسبة 47.6%، ليصل إلى 132 مليار جنيه (17.3 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام المالي الجاري 2014-2015، مقابل 89.4 مليار جنيه (11.7 مليار دولار) خلال الفترة نفسها من العام المالي الماضي، وبزيادة بلغت 42.6 مليار جنيه، وهو ما يعادل 5.7% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.
وفي سياق متصل، قالت صحيفة "يو.إس.إيه توداي" الأميركية في تقرير سابق لها، إن 11 دولة على مستوى العالم مهددة بالإفلاس، ومن ضمنها مصر، مشيرة إلى أن هذه الدول تواجه خطر التخلف عن سداد ديونها، فضلاً عن تدهور اقتصادها.
وأكد الخبير الاقتصادي محمد النجار، لـ"العربي الجديد"، أن السياسة التي تنتهجها السلطات الحالية في مصادرة الشركات وأموال المعارضين تعد كارثة على الاقتصاد الوطني في ظل تدهور الأوضاع الأمنية وتراجع معدلات التنمية، حيث سيؤدي إلى هروب المستثمرين الأجانب وبالتالي تفاقم الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد.
وأشار النجار إلى أن الحكومة مطالبة بتقديم تسهيلات للمستثمرين وحل مشاكلهم بدلاً من تخويفهم في ظل قرارات مرتبكة تصدرها من آن لآخر.
وأدى تدهور الأوضاع في البلاد، إلى هروب العديد من الشركات العالمية من السوق المصري، وأبرزها شركة "مرسيدس"، التي انسحبت أواخر الشهر الماضي، فضلاً عن توقعات بخروج شركة "بى إم دبليو" الألمانية من السوق المصرية، وتراجع مجموعة "هوندا" العالمية لتصنيع السيارات عن فكرة إنشاء مصنع للتجميع في مصر.
اقرأ أيضاً: غضب في مصر بعد التحفظ على ممتلكات أبو تريكة