نظّم الطلاب الأفغان في الجامعات الباكستانية أخيراً، احتجاجات في مدنية لاهور مركز إقليم البنجاب، حيث يدرس عدد كبير منهم، اعتراضاً على تعامل إدارات الجامعات والمراكز التعليمية معهم. بموازاة ذلك، تحرّكت السفارة الأفغانية في إسلام أباد ووعدت باللجوء إلى كل ما يلزم من أجل تغيير أوضاع هؤلاء الطلاب.
من أبرز مطالب هؤلاء أن تمنحهم الجامعات الباكستانية شهادات عند تخرّجهم حتى يتمكنوا من العودة إلى بلادهم وإيجاد وظائف هناك، لا سيّما وأنّ معظم هؤلاء الطلاب تنتظرهم أسر فقيرة في البلاد كي يساندوها للاستمرار في الحياة. يُذكر أنّ تلك الأسر كانت قد أنفقت الكثير على أبنائها خلال دراستهم، وهي في انتظار نتيجة "الاستثمارات" التي قامت بها على الرغم من ظروفها المالية الصعبة. لكنّ سياسة الجامعات الباكستانية ورفضها منح الشهادات لهؤلاء الطلاب حالت دون تحقيق أحلامهم وأحلام ذوييهم.
ثمّة طلاب أنهوا دراستهم قبل عام أو عامَين لكنّهم لم يحصلوا على الشهادات حتى اليوم، وما زالوا ينتظرون في باكستان ويصرفون المال على السكن وعلى التنقلات لخلال مطالبتهم بشهاداتهم. ذكاء الله من بين هؤلاء وقد درس الطبّ وتخرّج قبل عام ونصف العام. يخبر "العربي الجديد" أنّه كان يتوقع عودته إلى البلاد فور التخرّج ليباشر العمل هناك، "لكنّني ما زلت عالقاً إذ إنّ الجامعة لم تمنحني الشهادة بعد". يضيف: "ولعلّ المشكلة الأساسية هي في أنّ الجامعة لا توضح لنا ما هي المشكلة ولماذا كل هذا التباطؤ حتى نسعى إلى حلّها"، مؤكداً أنّ "الغموض هو رأس المشكلة. فنحن معلّقون ونجهل مصيرنا وإلى أين نحن ماضون".
محاولات كثيرة أتى بها الطلاب الأفغان لعلّهم يتوصّلون إلى نتيجة إيجابيّة، لكنّها كلّها باءت بالفشل ولم تستجب السلطات الباكستانية لمطالبهم، فلجأوا إلى الاحتجاج في مدينة لاهور. لكنّ تلك الاحتجاجات التي نظموها زادت من "مصائبهم"، إذ إنّ الشرطة تصدّت لهم بالعصي والهراوات وأطلقت النار عليهم، الأمر الذي أدّى إلى إصابة بعضهم وبقائهم في الشارع من دون أيّ مساعدة. إلى ذلك، تغيّر تعامل الجامعات معهم وازداد سوءاً بعد الاحتجاجات السلمية التي نظموها.
تجدر الإشارة إلى أنّ الطلاب المعترضين يدرسون بمعظمهم في الجامعات الحكومية، ويأتون من أفغانستان بمنح دراسية تمنحها الحكومة الباكستانية للطلاب الأفغان من خلال سفارتها في كابول. أمّا الذين يدرسون في الجامعات الخاصة، فلا يواجهون مشكلات لأنّهم يدفعون المال، بالتالي تمنحهم جامعاتهم الشهادات وفي حال واجهتهم أيّ مشكلة فإنّها تحلّها وتساعدهم في كل المجالات.
عبد الباسط طالب آخر من المحتجين، يقول لـ"العربي الجديد": "نطلب من الحكومة الأفغانية عدم إرسال طلاب إلى باكستان حتى لا تدمّر حياتهم. نحن جئنا هنا بمنح رسمية وأكملنا الدراسة، لكنّ السلطات اليوم تزيد مشاكلنا، الواحد تلو الأخرى". يضيف أنّه أمضى عاماً كاملاً وهو يسعى إلى الحصول على شهادة، "لكن من دون جدوى. وأخشى من ضياع مساعيّ والمال الذي أنفقته خلال أعوام الدارسة في الجامعة هنا". ويلفت عبد الباسط إلى "اليأس الذي يسيطر علينا بسبب تعامل مسؤولي الجامعات معنا".
ومدينة لاهور ليست الوحيدة التي شهدت تحركات احتجاجية للطلاب الأفغان، إذ سبق أن نّظم هؤلاء تظاهرات في مدينة كراتشي، جنوبيّ باكستان. والسبب المشكلات التي يواجهونها في الجامعات هناك، وتتلخص في أنّهم - درسوا الطب بمعظمهم - وبعدما تابعوا دراستهم، رفضت الإدارة المعنية "بي إم دي سي" التي تسجّل جميع الأطباء الذين يتخرّجون من الجامعات الباكستانية، تسجيل هؤلاء بذريعة أنّهم لم يستكملوا الإجراءات عند الالتحاق بجامعاتهم، بالتالي تُعَدّ شهاداتهم غير معتمدة.
نثار أحمد من بين هؤلاء، يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "المشكلة الأساسية هي في عدم وقوف إدارات الجامعات إلى جانبها لحلّ المعضلة بل تركتنا في منتصف الطريق". يضيف أنّ "الحكومة والجهات المعنية لا تسمع كلامنا والجامعات لا تتعاون معنا، بالتالي نحن على وشك إضاعة ما درسناه وما خسرنا أعواماً من حياتنا من أجله". ويشدّد نثار أحمد على "مواصلة الاحتجاجات إذا لم تلبّ السلطات الباكستانية مطالبنا. ونحن نسأل الحكومة الأفغانية التدخّل من أجل مستقبلنا، ونتوقّع منها التعاون بعدما خيّبت الإدارات في باكستان آمالنا".
إلى ذلك، ثمّة قضايا كثيرة يواجهها الطلاب الأفغان في باكستان، منها موضوع السكن. بعد الانتساب إلى الجامعات الباكستانية، ينتظر هؤلاء الطلاب فترات طويلة قبل الحصول على سكن، وفي بعض الأحيان يُحرَمون منه لأعوام مثلما حصل في بعض جامعات بشاور، إذ اقتضت سياساتها عدم منح الأفغان سكناً. وقد أُخرِج طلاب من سكنهم بعدما كانوا يعيشون فيه لفترات طويلة.
في السياق، تدخّلت السفارة الأفغانية لدى باكستان من أجل حلّ الموضوع، وقد التقى السفير الأفغاني لدى إسلام أباد الدكتور عمر زاخيلوال بمسؤولين في كراتشي وفي إسلام أباد بهدف إيجاد حلول مناسبة لما يواجهه الطلاب الأفغان من المشاكل. وتأمل السفارة الأفغانية أن تحلّ الجامعات الباكستانية مشكلات الطلاب، خصوصاً أولئك الذين جاؤوا بمنح تعليمية إذ إنّهم "ضيوف الحكومة الباكستانية" ومن غير المعقول أن تتعبهم.