مسلسل سوري يستغلّ صورة معتقلة ماتت تحت التعذيب في سجون الأسد

28 ابريل 2020
صورة رحاب في المسلسل (يمين) وجثتها الحقيقية (يسار) (يوتيوب)
+ الخط -
لا يمكن فهم الأسباب التي دفعت صنّاع المسلسل السوري "مقابلة مع السيد آدم" إلى استخدام صورة الشابة رحاب العلاوي، التي اعتقلها نظام بشار الأسد سنة 2013 وماتت في المعتقل تحت التعذيب، كصورة لإحدى ضحايا جرائم القتل التي يتداولها رجال الشرطة في المسلسل.
بهذه البساطة، قام كاتب ومخرج العمل فادي سليم بانتهاك فاقع لإنسانية الضحية، مجرداً إياها من هويتها، ومجهّلاً قاتلها.

الصورة تظهر في عدد من مشاهد الحلقة الرابعة التي عُرضت مساء أمس الاثنين، بينما تتداولها أجهزة الأمن فيما بينها في الدقيقة 12، ويتم التقصي عنها في الدقيقة 21. ويظهر واضحاً الرقم الملصق على جبين الضحية، وهو نفسه الذي كان ملصقاً على جبين رحاب عند تصوير جثتها، إلى جانب تشابهات كثيرة أخرى.
والجثة هي، بحسب قصة المسلسل، تعود لفتاة مصرية قضت نحبها تحت التعذيب، من قبل مجرم هو بالغالب تاجر أعضاء. ليكون استخدام الصورة التي تظهر آثار التعذيب دليلاً على وحشية المجرم. المجرم الذي هو في الحقيقة نظام الأسد، قاتل رحاب العلاوي.
لا يبدو اختيار هذه الصور عبثياً، إذ كان من الممكن للقائمين على المسلسل تلافي هذا الانتهاك الأخلاقي من خلال تصوير ممثلة تلعب دور الضحية، ومن الممكن الإيحاء بوحشية المجرم المتخيل من خلال استخدام بعض مستحضرات المكياج. لكن الشركة المنتجة (فينيكس غروب) في الغالب لجأت إلى استخدام صورة الشهيدة رحاب العلاوي لتوفير أجرة ممثلة، فاختارت عشوائياً صورة منتشرة عن التعذيب. 

جدير بالذكر أن رحاب العلاوي هي ناشطة مدنية من مواليد محافظة دير الزور شرقي سورية عام 1989، وكانت طالبة بالسنة الرابعة في كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق حين تم اعتقالها من قبل أجهزة الأمن في نظام الأسد بداية عام 2013، بتهمة مساعدة المتظاهرين، ولم تتمكن عائلتها من معرفة مصيرها حتى ظهرت صورتها بين صور المعتقلين الذين تمت تصفيتهم في سجون نظام الأسد عام 2015، حين سرب الضابط المنشق المعروف باسم "قيصر" صورة جثتها، وهي ذات الصورة التي تم استخدامها في المسلسل.   


وهذه ليست المرة الأولى التي يستبيح فيها صنّاع الدراما السورية استخدام صور ضحايا نظام الأسد ضمن أعمالهم "الفنية"؛ إذ سبق أن استخدمت صورة للطفل الذي قتله نظام الأسد علاء فواز في خلفية أحد مشاهد مسلسل "الولادة من الخاصرة – منبر الموتى"، الذي تم إنتاجه سنة 2013. كذلك قام فنانو النظام السوري بتحويل المدن التي دمرها النظام وهجّر أهلها إلى مواقع تصوير، ليسردوا من خلال الدمار والموت روايات بديلة، تبرئ النظام مما حدث في سورية، وذلك في أعمال عديدة، مثل مسلسل "فوضى" الذي تم تصويره في مدينة داريا (ريف دمشق)، المدمرة بشكل كامل، ومسلسل "روزنة" الذي تم تصوير بعض مشاهده على أنقاض مدينة حلب.
المساهمون