مسلحون يسيطرون على سليمان بيك ومساحة واسعة من سامراء

05 يونيو 2014
آثار تفجير سابق في الناصرية جنوب بغداد (فرانس برس/getty)
+ الخط -


 

أعلنت مصادر طبية وأمنية عراقية، اليوم الخميس، مقتل ما لا يقل عن 40 عراقياً غالبيتهم عناصر أمنية، فضلاً عن إصابة نحو 100 آخرين في سلسلة هجمات مسلحة شهدتها مدن سامراء وبيجي وتكريت وسليمان بيك والطارمية والموصل، فضلاً عن مدن الفلوجة والرمادي والكرمة.

واستهدفت الهجمات قوات الأمن العراقية ومقرات للجيش والشرطة ودوائر حكومية، فيما لا يزال مسلحون يسيطرون على أجزاء واسعة من مدينة سامراء، في الوقت الذي باتت فيه بلدة سليمان بيك خاضعة لسيطرة خليط من مسلحين عشائريين وفصائل إسلامية مختلفة.

وأوضح مصدر أمني عراقي أن الهجمات تمت "بواسطة 11 سيارة مفخخة و32 عبوة ناسفة ضربت مدينتي تكريت والموصل والطارمية وبيجي فضلاً عن سقوط قذائف هاون على مقرات أمنية، ما أدى إلى سقوط 40 قتيلاً من بينهم 33 عنصر أمن، كما أصيب ما لا يقل عن 100 آخرين غالبيتهم من قوات الأمن".

وأشار المصدر لـ"العربي الجديد" إلى أن "خلية الأزمة التي يديرها رئيس الحكومة نوري المالكي، أعلنت في الساعة الواحدة من ظهر اليوم حالة الطوارئ القصوى في عدد من المحافظات العراقية، من بينها العاصمة بغداد على خلفية تداعيات الأحداث التي شهدتها مدن عراقية مختلفة".

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "وحدات من الجيش بدأت تتقدم من مدن جنوب العراق باتجاه المناطق المضطربة لتدارك الوضع الأمني فيها، بعد سيطرة المسلحين على أجزاء واسعة من سامراء".

واعتبر أن "الحكومة لا تمتلك حتى الساعة رؤية للتعامل مع الموقف سوى محاولة استعادة المناطق التي فقدتها خلال الاشتباكات التي حدثت بشكل مباغت، ما أفقد قوات الجيش القدرة على التصدي للمسلحين".

وأشار المصدر إلى أن بلدة سليمان بيك سقطت بيد المسلحين وتسعى قوات الأمن لاستعادتها، لكن هناك عمليات نزوح جماعية للأهالي من البلدة. وتسعى قوات الأمن إلى إيجاد طريقة تجنبهم الوقوع في خط المواجهة.

وتعدّ مدينة سامراء خامس أكبر مدن العراق، وتضم عدداً من المراقد الدينية. وتقع على مسافة نحو 100 كيلومتر عن مدينة الفلوجة إلى الشمال. وتمثل شبكة عنكبوتية لأنابيب النفط الرئيسية التي تغذي 90 في المئة من محطات الطاقة بالبلاد.

من جهته، قال ضابط رفيع في قيادة شرطة محافظة صلاح الدين، رفض الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد" إن المسلحين الذين لم يتم تحديد هويتهم بعد، هم "إما عشائريون أو إرهابيون من تنظيم (داعش)، ونجحوا في إحكام سيطرتهم على أحياء الجبرية الأولى والثانية والثالثة والأفراز والقادسية والشهداء والخضراء والوحدة والطريق الحولي والمنطقة الأثرية والعرموشية والبديرية، التي تضم ملوية سامراء والقصر العباسي، فيما تراجعت قوات الجيش والشرطة الى داخل المدينة وتمركزت قرب مرقد الإمامين العسكريين".

وأوضح الضابط أن نحو 60 في المئة من المدينة باتت تحت سيطرة المسلحين كلياً، وتمت السيطرة على مبنى الدفاع المدني وثلاثة مراكز للشرطة وأربع ثكن صغيرة للجيش، فضلاً عن تدمير حواجز تفتيش وعدد من المباني الحكومية.

وبيّن أن المسلحين استعانوا بالمساجد لبثّ بيان باللهجة العامية العراقية قالوا فيه "نحن ثوار ضد الظلم والطغيان والجور الحكومي، مطالبين الشرطة والجيش بإلقاء أسلحتهم وعدم الدخول في مواجهة معهم".

وتابع المصدر أن قيادة الشرطة استدعت وحدات إضافية من قواتها، غير أنها لم تتمكن من دخول المدينة بسبب سيطرة المسلحين على أغلب منافذها، فيما ينتظر وصول تعزيزات عسكرية من بغداد لتدارك الموقف.

من جهته، قال إمام وخطيب جامع الحق في المدينة، الشيخ عبد الله السامرائي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن "المسلحين انتشروا بشكل واسع في الأحياء التي سيطروا عليها وبدأوا بترتيب أوضاعهم، وعلى ما يبدو أنهم يحضّرون لهجوم على باقي الأحياء السكنية التي تخضع لسيطرة الجيش".

وأوضح السامرائي أن المسلحين لم يتعرضوا للسكان، وطالبوهم بالبقاء في منازلهم وعدم التجمع، مضيفاً أن درايتهم بأزقّة المدينة وحاراتها تدل على أنهم من أهاليها.

وقالت مصادر إعلامية في مدينة سامراء لـ"العربي الجديد"، إن مروحيات تحلق في سماء المدينة على علو شاهق وتم إعلان حالة الاستنفار في مستشفيات سامراء ومراكزها الصحية، بينما أُغلقت المدارس والمعاهد والكليات التي تشهد إجراء الامتحانات النهائية.

وفي سليمان بيك، التي تبعد 30 كيلومتراً شمال تكريت، قال نقيب في الشرطة يدعى وسام فاضل لـ"العربي الجديد"، إن المسلحين فرضوا سيطرتهم على المدينة كلياً بعد انسحاب قوات الجيش والشرطة.

وأوضح فاضل أن "ناحية سليمان بيك باتت تحت سيطرة المسلحين الذين يستخدمون أسلحة متوسطة وخفيفة وقذائف صاروخية واحتلوا مركزي الشرطة وقاعدة الفوج الثالث بالجيش في البلدة الصغيرة". وبيّن أن المسلحين استغلوا أحداث سامراء وانتقال قوات الجيش المحيطة بالبلدة إلى المدينة ليقوموا بالسيطرة عليها. وأضاف أن "المسلحين أطلقوا سراح نحو 20 عنصر شرطة بعد اعتقالهم وسلب أسلحتهم".

في هذه الأثناء، رفض قائد قوات الجيش في مدينة سامراء اللواء الركن صباح الفتلاوي الإدلاء بأي تعليق لمراسل "العربي الجديد" خلال اتصال هاتفي معه، مقتصراً بقوله إنه "هجوم واسع ونحن نسيطر على الموقف ووضعنا هجومي وليس دفاعياً".

وفيما تستمر المواجهات، أغلقت قوات الجيش المنافذ الرئيسية للدخول إلى بغداد وفرضت إجراءات أمنية مشددة.

وقال العقيد الركن مؤيد السلماني من قيادة عمليات بغداد لـ"العربي الجديد" إن "هناك معلومات عن محاولة مسلحين ينتمون لتنظيم "داعش" من دخول العاصمة وشن هجمات مسلحة تهدف لإسقاط مناطق معينة وخلق حالة مشابهة لما يحدث في سامراء وقبلها الفلوجة".

وأوضح السلماني أن "الجيش قرر منع دخول العاصمة لغير ساكنيها من المواطنين ويجب إبراز الهوية المدنية وبطاقة السكن. كما منع دخول الشاحنات والسيارات الكبيرة، واستقدم قوات إضافية لتحصين منافذ بغداد الأربعة بإسناد من قبل طيران الجيش". وأكد وجود مخاوف "حقيقة لاتساع رقعة المعارك ووصولها إلى بغداد".

في السياق، اتهم القيادي في تحالف "متحدون"، النائب خالد الدليمي، رئيس الوزراء بالوقوف وراء التردي الأمني في البلاد، بسبب سياسته الحالية وإصراره على التمسك بالسلطة على الرغم من كل ما يحدث.

وقال الدليمي لـ"العربي الجديد" إن"الوضع في العراق ينذر بكارثة كبيرة ويجب على الولايات المتحدة التدخل سريعاً وفقاً لبنود الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين لانقاذ البلاد".

المساهمون