مسرح البانتومايم

13 مارس 2016
يقدم مسرح دراما الجسد قيمًا إنسانية نبيلة (Getty)
+ الخط -
لا يزال مسرح "البانتومايم" (Pantomime) أو التمثيل الإيحائي، يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الأطفال والكبار على حدٍ سواء. حيث يقدم الممثلون المدرّبون عروضهم التي تفرز عادة مجموعة من القيم الإنسانية النبيلة، في جوٍّ من المرح تصنعه ملابسهم الغريبة وحركاتهم الجسدية المتقنة، مع أداء صامت لا يعتمد على الكلام. يُرجع معظم الباحثين أصلَ كلمة Pantomime إلى لغة الإغريق، وتعني التقليد والمحاكاة التامة، بينما يعرّفه المسرحيون بأنه نوع من فن التمثيل الصامت المؤدّى من قبل فنان أو مجموعة فنانين على الخشبة، بغرض التعبير عن الأفكار والمشاعر والآراء عن طريق الحركة الايحائية للجسم فقط. يمتاز ممثلو البانتومايم بأجسامهم الرياضية المرنة التي تسمح لهم بأداء حركي يقترب من راقصي الباليه، ويستخدم الممثل أحياناً قناعاً أثناء الانتقال من شخصية إلى أخرى. والممثل في هذا الفن يملك قدرات جبارة في تعويض اللغة المنطوقة من خلال إشارات يديه وحركات جسده.

في القرن الخامس قبل الميلاد، اعترف الفيلسوف اليوناني "ديوقراط"، لممثل إيحائي بقدرته العظيمة قائلاً: "أنا لا أراك فحسب، بل أسمعك أيضا تحدثني بيديك". بينما يقول الممثل والمخرج المصري أحمد نبيل: "يستطيع ممثل البانتومايم أن يوصل رسالة للناس أنه في الصحراء والرمال ساخنة تحته والوحوش تطارده. أو أن يوصل رسالة أنه في حديقة غناء مليئة بالورود، في حين أن هذا ليس له وجود في أرض الواقع”.

تعود أقدم النصوص المدوِّنة لهذا الفن إلى سنة 270 قبل الميلاد، إذ وجدت ثلاث مسرحيات مكتوبة على لفائف البردي ألفها هيرونداس، الذي عاش في الإسكندرية آنذاك. وقد عرف الرومان نوعين من مسرحيات البانتومايم؛ هما: "مسرح البيوتات" الذي كانت عروضه تقدم في بيوت الأثرياء والنبلاء بما يناسب الذائقة الأرستقراطية، و"المسرح الشعبي" الذي كان يؤدّى في الأماكن العامة والشوارع، وكان جمهوره عامة الشعب. وتتعدد المدارس والاتجاهات التي أضافت كثيراً إلى هذا الفن، كمدرسة الإيماء الكلاسيكي الفرنسي، والإيماء التعبيري الأميركي، والإيماء الراقص البولوني. ويشهد التاريخ لمجموعة من الفنانين المميّزين الذين أبدعوا وطوّروا، كالممثل البريطاني جون ريج، الذي أضاف في بدايات القرن الثامن عشر عناصر الموسيقى التصويرية، والأصوات غير المنطوقة، والمؤثرات البصرية كالمناظر الطبيعية، إلى جانب التمثيل الصامت. وفي العصر الحديث، برز الممثل الفرنسي، مارسيل مورسو (1923-2007)، الذي اشتهر بشخصية "المهرج بيب"، وهو أحد عباقرة هذا الفن. وقال عنه أحد النقاد: "إنه يحقق، في أقل من دقيقتين، ما يعجز عن تحقيقه معظم الروائيين في مجلداتهم”.

أما الفنان أحمد نبيل، الذي عمل أستاذاً لمادة الإحساس بجامعة الإسكندرية، فهو رائد فن البانتومايم في العالم العربي. حصل نبيل على العديد من الجوائز العالمية، وصُنِّفَ ضمن أهم عشرين رائداً في هذا الفن. اهتم نبيل طويلاً بتقديم عروضه على المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية.

إقرأ أيضاً:استخدام نبات "البامبو" في الأثاث المنزلي
دلالات
المساهمون