مساعدات مضايا لأقل من شهر...وجهود لفصل الملفين العسكري والإنساني

13 يناير 2016
مساعدات لإيصالها إلى الفوعة وكفريا وفق الاتفاق (فرانس برس)
+ الخط -
استفاق أكثر من 40 ألف مدني في مدينة مضايا بريف دمشق، أمس، ولأول مرة منذ عدة أشهر، ليجدوا في منازلهم ما يقيهم ألم الجوع ويشعرهم بالشبع، بعدما انتهت عملية توزيع السلل الغذائية على العائلات مع ساعات الفجر الأولى. لكن تبين من السلل الموزّعة أنّها لا تكفي لشهر، في وقت تفيد معلومات متطابقة أن حصار كل من مضايا والزبداني وبقين مستمر إلى أجل غير مسمى.

اقرأ أيضاًمضايا بعد 42 ضحية للتجويع... مساعدات ضئيلة بلا طحين

يأتي ذلك في وقت كشفت فيه مصادر لـ"العربي الجديد"، أنه يتوقع فتح ملف تسوية أوضاع المقاتلين في الفصائل المعارضة المسلّحة، خلال الفترة المقبلة، فضلاً عن جهود لفصل الملف الإنساني عن النزاع العسكري.

وقالت نائب رئيس "الهيئة الاغاثية الموحدة في مضايا والزبداني" مؤمنة أبو مستو، لـ"العربي الجديد"، إنه "قرابة منتصف الليلة الماضية، دخلت 44 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية، محملة بسلل من المواد الغذائية ومواد طبية وبطانيات وجزء منها طحين وحليب أطفال".

وأعربت عن اعتقادها بأن "السلة الغذائية الموزعة قد تكفي العائلة الواحدة قرابة الشهر"، مبينة أن "السلة الغذائية الواحدة تتكون من كيلوغرام واحد من الحمص، 5 كيلوغرامات من السكر، 2 كيلوغرام من فاصولياء، 4 كيلو برغل، 6 علب فول، كيلوغرام واحد من الملح، علبتي رب البندورة، 10 كيلو رز، 5 لترات زيت، ما مجموعه 36 كيلوغراما، وعدد من الشاحنات محملة بـ20 ألف بطانية".

تأتي هذه المساعدات، بعد 6 أشهر من الحصار الخانق، نفذت خلاله المواد الغذائية والطبية، ما جعل الوجبة الوحيدة للمحاصرين تتكون من أوراق الشجر والأعشاب المغلية بالماء والملح، إضافة إلى تسجيل حالات تناول لحوم القطط والكلاب، في وقت تم توثيق مقتل 42 شخصاً جوعاً، وسُجل قرابة 200 حالة إغماء ناتجة عن سوء التغذية، في حين يوجد نحو 400 حالة تعاني من الجفاف وسوء التغذية في المستشفى الميداني بحاجة لعناية طبية خاصة، يطالب ناشطون بإخراجهم من مضايا، للحفاظ على حياتهم.

وكانت الممثلة عن منظمة الصحة العالمية إليزابيث هوف قد ذكرت أن المنظمة طلبت من الحكومة السورية السماح بإرسال عيادات متنقلة وفرق طبية إلى بلدة مضايا المحاصرة لتقييم حالة سوء التغذية وإجلاء الحالات الخطيرة. وأضافت في تصريح لوكالة "رويترز": "أنا قلقة حقيقة"، مضيفة: "وجهت طلباً فورياً للسلطات بإرسال المزيد من الإمدادات، ونطلب إرسال عيادات متنقلة وفرق طبية".

ولفتت مستو إلى أنه "من المزمع أن يستمر إدخال المساعدات يوم الثلاثاء ليصل العدد الكلي للشاحنات إلى 60 شاحنة من المساعدات الإنسانية، في حين تم إخبارنا بأنه من المقرر إدخال مادة المازوت للتدفئة يوم الخميس، بمعدل برميل لكل عائلة".

ورأت أن "هذه المساعدات إن دخلت بالكامل ستخفف من آلام نحو 3500 عائلة تقريباً في مضايا، حيث ستؤمن لها احتياجاتها الغذائية بالحد الأدنى، ولمدة شهر واحد فقط، ما يعني أن ملف حصار المدنيين وتجويعهم لم يحل، ونحن جميعاً مهددون من أن نعاني الجوع ونفقد عدداً من الأهالي نتيجة الجوع، لذلك لايزال مطلبنا هو فك الحصار بشكل كامل وضمان دخول المواد الغذائية والطبية بشكل دائم، إضافة إلى السماح بحركة المدنيين، وإطلاق سراح المعتقلين جميعاً".

من جهة ثانية، قالت مصادر معارضة مطلعة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "من المتوقع أن يفتح خلال الفترة المقبلة ملف تسوية لأوضاع المقاتلين في الفصائل المسلحة، إضافة إلى المنشقين عن القوات النظامية، إذ ينقسم المقاتلون إلى مجموعتين؛ الأولى تضم مقاتلين يرفضون إجراء تسوية مع النظام، ومقاتلين يرفض النظام أن يجري معهم أي تسوية، وبالتالي سيتم نقلهم إلى إدلب، وأفراد المجموعة الثانية ستتم تسوية أوضاعهم مع النظام بجهاته الأمنية والعسكرية، ليساهموا بحفظ أمن مناطقهم بالتعاون مع القوات النظامية، في حين سيلتحق المنشقون عن القوات النظامية بالفرقة العاشرة المتواجدة بذات المنطقة".

ولفتت إلى أن "العمل يكثف حالياً من قبل جهات معارضة للعمل على فصل الملف الإنساني عن الملف العسكري، بحيث لا يبقى المدنيون في مناطق الحصار يدفعون ضريبة النزاع العسكري، إضافة إلى فصل ملف كل من مضايا والزبداني وبقين، عن ملف كفريا والفوعة، بحيث تتم تسوية كل منهما على حدة، وذلك على عدة أصعدة عبر التواصل والضغط على أطراف الصراع العسكري، ووقف الاتجار بالمدنيين".

ورأت المصادر أن "مناطق الحصار، خصوصاً مضايا، تحوّلت إلى مصادر لاستجرار الأموال لتمويل الأطراف المسلّحة، إذ عمد حزب الله طوال فترة الحصار إلى بيع كميات من المواد الغذائية للمحاصرين بأسعار غير مسبوقة في سورية، بحيث وصل سعر كيلوغرام الرز أو البرغل إلى 120 ألف ليرة سورية، والقمح إلى 80 ألف ليرة، والسكر إلى 55 ألف (سعر صرف الدولار الأميركي الواحد يساوي 394 ليرة)". وأضافت "كما عمل عناصر الحزب في تجارة الأشخاص، إذ كان يخرج المدني من مضايا مقابل 2500 دولار، والمسلّح مقابل تسليم سلاحه، إذ تم إخراجه إلى لبنان، ومن ثم الى مطار بيروت مع جواز سفر نظامي". ويخشى ناشطون من سياسة التهجير التي يعتمدها "حزب الله" تجاه أهالي مضايا والزبداني وبقين، إذ يضعهم أمام خيارين؛ إما الموت جوعاً أو مغادرة أرضهم.

اقرأ أيضاً: مضايا تتمسك بالحياة

المساهمون