مربط العنزة

26 فبراير 2015
طه محمد علي (1930 - 2011) في شبابه
+ الخط -

كانت هذه الزاوية لتكون عن الكتابة والجريمة، لولا محادثة مع صديق سمعت منه لأول مرة قصة طه محمد علي مع عنزته.

صديقنا الشاعر قرر المغادرة في خريف 2011، ومثل جليليّ آخر عاش قبل ألفي سنة، كان التعليم بالأمثال والحكاية واحدة من هواياته.

لكن قبل الذهاب إلى قصة العنزة، لا بدّ من التحفّظ على مفهوم الجريمة الذي تقذفه كبرى مؤسساتها (الدول) على "مجرمي" المياومة أو مجرمي القطعة وجميع المسحوقين عند أسفل هرم الجريمة.

ولا ننسى أن طالبي الحرية والعدالة طالما اعتبروا في عداد المجرمين. وعلى كثرة ما رأيت وسمعت وقرأت، لا أظن أن هناك عصابة أشدّ تنظيماً وخطراً من الدولة.

فلنرجع إلى القصة. كانت لدى صاحب مجموعة "ضحكٌ على ذقون القتلة" عنزة شامية لذيذة وذكية يربطها فوق سطيحة عالية قرب بيته في الناصرة.

ومن عجيب ما تراءى له أن العنزة تمرح على السطيحة، لكنه حين يذهب لربطها من جديد يجد أنها مربوطة بالفعل في مكانها.

حيّره الأمر طويلاً وبدأ يشك في ما يلمحه وأوشك أن يوقن أنها مجرّد تهيؤات. إلى أن قرر يوماً أن يراقب العنزة من شق صغير لا تلحظه. فوجد أن عنزته العزيزة تملّص الطوق من رقبتها وتبدأ بالتنزّه على كامل السطح، وحين تسمع صوتاً يقترب، تركض إلى مربطها وتُدخل رأسها في الطوق لتمثّل أنها مربوطة.

لا أعرف حقيقة إن كان عليّ أن أُعجب بذكاء العنزة أو أن أحزن لتعاسة من يقلّدونها.

المساهمون