مخاوف ما بعد الهدنة

04 اغسطس 2019
مخاوف من عدم صمود الهدنة (عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -
تعيش مناطق شمال غرب سورية منذ يومين هدنة على جميع جبهات القتال بين النظام والمعارضة، يتم الترويج لها على أنها إنجاز مهم حققه اجتماع أستانة 13، الذي ترعاه الدول "الضامنة" لهذا المسار أي روسيا، وتركيا، وإيران. تبرر الدولة الضامنة "احتفالها" بما تحقق بكونه سيساهم بالتوقف عن استهداف المدنيين، وسط تغافل متعمد عن حقيقة أن قتلهم في معظم الأوقات خلال الشهور الثلاثة الفائتة، كان يتم من خلال طائرات أحد الضامنين المحتفلين بالهدنة (روسيا)، ومن خلال مليشيات الضامن الآخر (إيران)، وذلك بعد أن خرقت هدنة مماثلة اتفق عليها كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قبل أقل من سنة. كل ذك يجعل من احتمال خرق هذه الهدنة في أية لحظة من قبل الضامنين أنفسهم، أمراً وارداً كونهم المتحكمين بالقرارات العسكرية لأطراف الصراع. وفي هذه الحالة سيعود المواطنون المدنيون لدفع الثمن الأكبر لأي خرق قد يحصل نتيجة تضارب مصالح أو اختلاف في الرؤى. وعلى الرغم من إدراك الكثير من المدنيين لخطورة التعاطي مع الهدوء المسيطر وكأنه هدنة حقيقية، إلا أن الظروف القاهرة التي يعيشونها في مناطق النزوح ومبيت الكثير منهم في العراء، قد دفع العديد منهم تحديداً ممن ينحدرون من البلدات الواقعة على خط الجبهة إلى العودة إلى مناطقهم على أمل أن لا يعاود الطيران الضامن للهدنة استهدافهم.
لكن في حقيقة الأمر، فإن المخاطر لا تزال قائمة وترتبط بما بعد الهدنة. المخاوف لا يتوقف خطرها على سكان المناطق الواقعة على خط الجبهة وإنما يشمل كل المواطنين السوريين دون استثناء، إذ يُخشى في هذه الفترة أن يستخدم النظام وضامنوه طرقهم المعتادة في التعاطي مع الهدن المماثلة، وذلك من خلال تفجير المفخخات التي قد تطاول المدنيين في الأماكن المكتظة ضمن مناطق سيطرة المعارضة، بهدف خلق حالة من الفوضى، وتوجيه رسالة بأنهم ليسوا في مأمن رغم الهدنة. كما أن مناطق سيطرة النظام قد لا تكون في مأمن عن تلك المفخخات التي تستهدف المدنيين، حين يفكر النظام بذريعة لخرق الهدنة، فهو بالتأكيد لن يتوانى عن القيام بعمليات تفجير هو الأكثر خبرة بطرق تنفيذها، بهدف تخويف سكان المناطق التي يسيطر عليها من خطر الإرهاب وخلق ذرائع للبدء بهجوم آخر.

دلالات
المساهمون