15 نوفمبر 2024
محميات روسية
خلال أيام قليلة، شهدت التطورات السياسية السورية ما يمكن تسميته انقلاباً في المواقف الدولية في ما يخص رؤية الحل للوضع في البلاد، وما كان سابقاً مرفوضاً بشدة من كل الأطراف المؤيدة للنظام أصبح اليوم مطلب هذه الأطراف التي بدأت بترويجه وحشد الدعم لقيامه، وفق حسابات خاصة، مرتبطة بالأساس بتحولاتٍ في موازين القوى، وظهور لاعبين جدد على الساحة. فالحديث عن المناطق الآمنة كان بالأساس مطلباً لأنصار الثورة السورية، وفي مقدمتهم تركيا، منذ اليوم الأول لبدء قتل النظام السوري شعبه، لكن هذا الطلب كان يواجه بتهديدات ورفضٍ من الأطراف كافة، سواء المؤيدة للثورة أو المعارضة لها. فحتى الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، لم تكن متحمسّةً للفكرة، وترى أنها باب لفتح مواجهة إقليمية لا تريدها وليست مستعدّة لها، وهو ربما ما حفّز المعارضة الحادة للفكرة من الدول المؤيدة للنظام السوري، وفي طليعتها روسيا.
هذه المواقف، وتحديداً مواقف روسيا وإيران والنظام، من المناطق الآمنة، كانت ثابتةً حتى الأسبوع الماضي، والذي شهد تغيراً مفاجئاً، إذ باتت هذه المناطق مطلباً روسياً أساسياً تحت مسمى "مناطق خفض التوتر". وعلى الرغم من أن هناك فرقاً بين المسميين في الجوهر، إلا أنهما في النهاية يخدمان الهدف نفسه، في الظاهر، وهو إيجاد مناطق خارج أطر النزاع، وتكون مناسبةً لاحقاً لعودة اللاجئين إليها، وهو الأمر الذي تطالب به دول غربية عديدة بدأت ترى في اللاجئين السوريين أزمة تحتل الأولوية في القضايا الداخلية. لم يتأخر النظام وإيران في التهليل للفكرة الروسية، بغض النظر عن المواقف التي كانت تطلق سابقاً، فموسكو باتت قاطرة هذا المحور الذي يسير خلفها في مختلف تحولاتها التي من الواضح أنها ناتجةٌ عن قراءاتٍ دقيقة للتغيرات في موازين القوى الدولية التي تحتم "انحناءً" لمرور العاصفة.
من هنا، جاء "الانحناء" الروسي باتجاه المناطق الآمنة، ومسمّاها "مناطق خفض التوتر". ويبدو من الواضح أن موسكو قرأت المتغيرات الدولية والدخول الأميركي المفاجئ على الخط السوري، وحاولت استبقاء الأحداث للإبقاء ممسكةً بخيوط اللعبة، فالعاصمة الروسية عملياً لم تقدم تنازلاً حقيقياً في مقترحها الجديد، بل عمدت إلى اللعب على وتر التوجهات الدولية، وتقديم خطتها بأنها البديل الذي يلبي المتطلبات الدولية، ولا سيما بعد الحديث الأميركي الكثير في الآونة الأخيرة، وتحديداً بعد الضربة على سورية، عن ضرورة إنشاء هذه المناطق. القراءة الروسية للتصريحات الأميركية، والمرفقة بأفعالٍ على الأرض تمثلت بدوريات أميركية في الداخل السوري، أفضت إلى قناعة بأن واشنطن تنوي قرن أقوالها هذه المرة بالأفعال، فكان من الضروري القيام بخطوة استباقية تسوّق على أنها تخدم الهدف نفسه من دون أن تُفقد موسكو وحلفاءها مكانتهم السورية.
خطوة "مناطق خفض التوتر" تأتي في هذا السياق. ولهذا تسعى موسكو إلى ترويجها في الغرب عموماً، ولدى الولايات المتحدة خصوصاً، على اعتبار أنها فكرةٌ تخدم مصالح الأطراف كافة، وهو ما لم تقتنع به واشنطن بعد. لكن التصريحات الروسية الشارحة للمناطق، والتي لم ترد في الاتفاق الموقع في أستانة، توضح أن ما تريده موسكو من هذه المناطق مختلفٌ تماماً عن الفكرة الأساسية لـ "المناطق الآمنة". فالتسريبات الأولية تشير إلى نية روسيا نشر قوات موالية لها لضمان الأمن، وتعيين مجالس محلية خاضعة للقرار الروسي، ثم فرض حظر على طيران التحالف تحديداً فوق هذه المناطق. نقاط توضح أن موسكو تسعى إلى إنشاء محمياتٍ خاصةٍ بها داخل سورية، تمنع بموجبها التدخلات الخارجية، الأميركية تحديداً، وتحمي وجودها ومصالحها.
هذه المواقف، وتحديداً مواقف روسيا وإيران والنظام، من المناطق الآمنة، كانت ثابتةً حتى الأسبوع الماضي، والذي شهد تغيراً مفاجئاً، إذ باتت هذه المناطق مطلباً روسياً أساسياً تحت مسمى "مناطق خفض التوتر". وعلى الرغم من أن هناك فرقاً بين المسميين في الجوهر، إلا أنهما في النهاية يخدمان الهدف نفسه، في الظاهر، وهو إيجاد مناطق خارج أطر النزاع، وتكون مناسبةً لاحقاً لعودة اللاجئين إليها، وهو الأمر الذي تطالب به دول غربية عديدة بدأت ترى في اللاجئين السوريين أزمة تحتل الأولوية في القضايا الداخلية. لم يتأخر النظام وإيران في التهليل للفكرة الروسية، بغض النظر عن المواقف التي كانت تطلق سابقاً، فموسكو باتت قاطرة هذا المحور الذي يسير خلفها في مختلف تحولاتها التي من الواضح أنها ناتجةٌ عن قراءاتٍ دقيقة للتغيرات في موازين القوى الدولية التي تحتم "انحناءً" لمرور العاصفة.
من هنا، جاء "الانحناء" الروسي باتجاه المناطق الآمنة، ومسمّاها "مناطق خفض التوتر". ويبدو من الواضح أن موسكو قرأت المتغيرات الدولية والدخول الأميركي المفاجئ على الخط السوري، وحاولت استبقاء الأحداث للإبقاء ممسكةً بخيوط اللعبة، فالعاصمة الروسية عملياً لم تقدم تنازلاً حقيقياً في مقترحها الجديد، بل عمدت إلى اللعب على وتر التوجهات الدولية، وتقديم خطتها بأنها البديل الذي يلبي المتطلبات الدولية، ولا سيما بعد الحديث الأميركي الكثير في الآونة الأخيرة، وتحديداً بعد الضربة على سورية، عن ضرورة إنشاء هذه المناطق. القراءة الروسية للتصريحات الأميركية، والمرفقة بأفعالٍ على الأرض تمثلت بدوريات أميركية في الداخل السوري، أفضت إلى قناعة بأن واشنطن تنوي قرن أقوالها هذه المرة بالأفعال، فكان من الضروري القيام بخطوة استباقية تسوّق على أنها تخدم الهدف نفسه من دون أن تُفقد موسكو وحلفاءها مكانتهم السورية.
خطوة "مناطق خفض التوتر" تأتي في هذا السياق. ولهذا تسعى موسكو إلى ترويجها في الغرب عموماً، ولدى الولايات المتحدة خصوصاً، على اعتبار أنها فكرةٌ تخدم مصالح الأطراف كافة، وهو ما لم تقتنع به واشنطن بعد. لكن التصريحات الروسية الشارحة للمناطق، والتي لم ترد في الاتفاق الموقع في أستانة، توضح أن ما تريده موسكو من هذه المناطق مختلفٌ تماماً عن الفكرة الأساسية لـ "المناطق الآمنة". فالتسريبات الأولية تشير إلى نية روسيا نشر قوات موالية لها لضمان الأمن، وتعيين مجالس محلية خاضعة للقرار الروسي، ثم فرض حظر على طيران التحالف تحديداً فوق هذه المناطق. نقاط توضح أن موسكو تسعى إلى إنشاء محمياتٍ خاصةٍ بها داخل سورية، تمنع بموجبها التدخلات الخارجية، الأميركية تحديداً، وتحمي وجودها ومصالحها.