محمود دكور أنشأ مكتبة لتوثيق أحداث فلسطين

11 ديسمبر 2014
سقط صاروخ بالقرب من والدي (انتصار الدنان)
+ الخط -
خرج محمود دكور من بلدة قديثا (قضاء صفد في شمال فلسطين) في عام النكبة. كان في العاشرة من عمره. ذاكرته وثقت الكثير عن صفد. يقول إنها إحدى أجمل المناطق، خاصة أنها تقع على جبل كنعان. حتى اليوم، ما زال يحفظ أحداث ذلك العام جيداً. لا ينسى أصغر التفاصيل. عندما سقط حي الزيتون في الرابع من مايو/أيار عام 1948 بيد الصهاينة، غادرت النساء والأطفال إلى قرية مجاورة اسمها الجش. بقي الرجال داخل القرية للدفاع عنها. وفي العاشر من الشهر نفسه، سقطت صفد.

يتابع: "جئنا إلى لبنان وعدنا إلى الجش بعد شهرين. بقينا فيها حتى الثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول في العام نفسه. وحين سقطت عكا، تسللت إلى قريتنا التي احتلها الصهاينة. كنت حينها طفلاً لا آبه للمخاطر. ما زالت الصورة ماثلة أمامي. رأيت منزلنا وبيوت القرية المدمرة. في المساء، قصفت الطائرات الصفصاف والجش. سقط صاروخ بالقرب من والدي. لحسن الحظ أنه لم ينفجر. فجراً، سمعنا صوت الدبابات الإسرائيلية، فغادرنا فلسطين باتجاه لبنان. وصلنا إلى بنت جبيل (جنوب). التقيت بصديق أخبرني أن والدته وأخاه قد استشهدا".

يقول إنه شعر بالحزن للمرة الأولى حين "علمت أننا لاجئون". ذهبنا إلى منطقة الشهابية (جنوب). بعض الناس اختاروا البقاء فيها. أما نحن، فتابعنا الطريق إلى جويا (جنوب). كنا أول من لجأ إلى هذه القرية. قدم سكانها لنا الطعام. نمنا أياماً عدة في الكروم، إلى أن أمّن لنا الناس المأوى".

بهدف الحفاظ على التراث الفلسطيني، أنشأ دكور مركزاً ثقافياً يضم مكتبة، علماَ أنه كان قد عمل في حقل التدريس في مدارس الأونروا لمدة أربعة وأربعين عاماً، في مخيم البرج الشمالي (جنوب). يقول: "افتتحت مكتبة عامة منذ كان عمري ستة عشر عاماً، حين كنت أستاذاً للغة العربية. كانت مكتبة متواضعة، لكن مفتوحة أمام الطلاب وجميع الناس. مع الوقت، صارت أكبر مكتبة فلسطينية في لبنان، وتضم اليوم ثلاثين ألف كتاب. تمتاز عن المكتبات اللبنانية العامة لكونها تضم كتباً عن فلسطين بالدرجة الأولى".

يتابع دكور أن "العمود الفقري للمكتبة هو الكتاب الفلسطيني. لدينا نحو 3000 كتاب عن القضية الفلسطينية والصهيونية العالمية. ويمكن القول إنها توفر للباحثين وطلاب الدراسات العليا كل ما يحتاجونه". يلفت إلى أن الهدف من المشروع كان "توثيق الأحداث في فلسطين قبل النكبة. لذلك، فإن كثيرا من الذين يكتبون عن فلسطين يأتون إلى المكتبة للتزود بالمراجع".