محمد يونس... "مصرفيّ الفقراء" الحائز على نوبل يدعو لاقتصاد اجتماعي لمواجهة كورونا

17 مايو 2020
يونس يشدد على أهمية دعم رواد الأعمال (Getty)
+ الخط -

 

عادت الأضواء لتركز مجدداً على الاقتصادي العالمي محمد يونس، الملقب بـ"مصرفيّ الفقراء" الحاصل على جائزة نوبل عام 2006، بعد أن دعا إلى رؤية اقتصادية تقوم على مبدأ "إعادة البناء" لعالم ما بعد جائحة كورونا التي شلت مختلف مناحي الحياة على مدار الأشهر الأربعة الماضية.

يشير يونس إلى أهمية تعزيز الاقتصاد الاجتماعي، كي ينخرط بحيوية في إعادة البناء، لافتا في تصريحات قبل أيام إلى الكائن البشري ولد ليكون مبدعا في ابتكار الأعمال، والتي بدونها سيكون من الصعب تجاوز تداعيات الجائحة.

يونس، الذي سيبلغ ثمانين عاما في يونيو/حزيران المقبل، أسس أول مؤسسة للقروض الصغرى تحت اسم "غرامين بنك" ليكون بمثابة مصرف للفقراء في موطنه بنغلاديش قبل أكثر من 40 عاماً.

درس الرجل الاقتصاد في بلده والولايات المتحدة، حيث لم يمنعه نبوغه في تخصصه عن الإنصات لنبض المجتمع، فقد حرضته المجاعة التي ضربت بلده على الاهتمام بنمط عيش أبناء القرى القريبة من الجامعة ستيا غونغ، حيث أحدث مع طلبته مجموعة بحثية حول القضايا الزراعية، خلص فيها إلى أن جزءاً من المشاكل التي يعاني منها المزارعون الفقراء مرتبط بصعوبة الولوج إلى الرساميل.

هذا ما دفعه إلي تسخير ماله الخاص من أجل اقتراح أول القروض الصغيرة التي تتراوح بين 30 و50 دولاراً على بعض العشرات من المزارعين.

لاقت مبادرته نجاحا كبيراً، لتوحي له بإطلاق برنامج لإقراض المزارعين الفقراء عام 1977، ليتحول البرنامج بعدها إلى مصرف في 1983، تحوز فيه الدولة البنغالية حصة الأقلية، وهو نموذج استلهمته العديد من البلدان، ما دام يقوم على القضاء على الفقر.

تلك مبادرة استحق عليها العديد من الجوائز الدولية، أرفعها جائزة نوبل. بينما لم يكتف يونس بذلك فقد أطلق مبادرات عدة تسعى إلي معالجة المشاكل الاجتماعية في العالم، أوجزها في كتابين بعنوان "ريادة الأعمال الاجتماعية" و"عالم من ثلاثة أصفار: اقتصاد جديد بصفر فقر، صفر بطالة، وصفر تلوث"، حيث يدعو إلي اقتصاد قائم على الإيثار ما دام النموذج الرأسمالي المكرس، غارق في الأنانية والفردية ويعصف بالبيئة ولا يهتم بالفقراء.

من هذا المنطلق عادت أفكاره لتظهر مجددا مع تفشي فيروس كورونا الذي دفع كيانات عملاقة إلى حافة الإفلاس ودفع مئات ملايين الأشخاص حول العالم إلى صفوف العاطلين بينما يتسرب الوهن الاقتصادي إلى الكثير من الدول وباتت بعض الحكومات عاجزة عن مواجهة بضعة أشهر من تداعيات الوباء.

يرى الاقتصادي الداعم للفقراء أن الاقتصاد ليس سوى وسيلة من أجل تحقيق الأهداف التي يتم التوافق حولها، مؤكدا أنه يجب تفادي استعمال عبارة "خطط الإقلاع"، والاستعاضة عنها بعبارة "إعادة البناء" لعالم ما بعد كورونا، مشيرا إلى ضرورة ألا توجه الدول دولاراً واحداً للمشاريع التي لا تكون ذات نفع اجتماعي وبيئي.

ويتصور أنه يمكن للدول أن تحدث على الصعيد المحلي صناديق استثمار لرأسمال المخاطر متخصصة في العمل الاجتماعي، ويمكنها أن تشجع القطاع الخاص، والمؤسسات المالية وصناديق الاستثمار كي تسير على ذلك النهج، بل إن الشركات التقليدية يمكنها أن تتحول إلي ذلك النوع من الاستثمار.

ويشير يونس إلى أنه يمكن للدول في إطار إعادة البناء أن تساعد مالياً الشركات العاملة في ريادة الأعمال، كي تشتري شركات أخرى أو تتقارب مع تلك التي تواجه صعوبات من أجل تحولها نحو ذلك الصنف من الاستثمار، كما يمكن للمصارف المركزية أن تتيح للفاعلين في ذلك النوع من الاستثمار الحصول على الدعم من المؤسسات المالية. 

ويرى يونس أنه يمكن عبر الفاعلين في الاستثمار بقطاع الأعمال الاجتماعية، توفير فرص عمل للعاطلين نتيجة الأزمة، والذين يمكنهم بدورهم أن يتحولوا إلى مقاولين، فالكائن البشري ولد مقاولاً، وليس باحثا عن عمل، بل إن العمل الخاص الاجتماعي يمكن أن يساهم، إلى جانب السلطات، في خلق نظام صحي متين.

ويحذر يونس من فقدان الأمل والاستعجال بعد كورونا، لافتا إلى أنه إذا ما أخلف العالم موعده مع إعادة البناء الاجتماعي، سيتجه إلي كارثة أشد وطأة من كورونا.

دلالات
المساهمون