محمد عشّوب هو ماكيور مصري عالمي له صولات وجولات بهذا الفنّ، وقد ساهم بتطويره وبات اسمه مدرسة، فوضعه على عدد من الأعمال العالمية إلى جانب الكبار. في مكتبه بالقاهرة كان لـ"العربي الجديد" هذا الحوار.
* اسم محمد عشوب أشهر من نار على علم في عالم الماكياج السينمائي. فأنت تُشوّه وتُكبّر وتُجمّل وأضفت الكثير إلى هذه المهنة؟
- بالضبط، تاريخي في عالم الماكياج كان حافلاً بالصعاب والنجاحات، نحتُّ اسمي بالصخر إذ تعلّمت على أيدي أعظم خبراء الماكياج السينمائي رحمهم الله، ومن بعدها صقلت نفسي بالدراسة داخل مصر وخارجها، وصرت أقرأ عن فنّ علم الماكياج. وما أفادني أكثر هو التحامي مع خبراء الماكياج السينمائيين العالميين، من خلال أفلام عالمية مثل "كليوبترا" لإليزابث تايلور، و"الخرطوم" لجون هاستون، و"الإنجيل" وغيرها من الأفلام التي صوّرت على أرض مصر وفي الخارج، ومن بعدها تعاونت لفترة مع شركة "كوبرو فيلم" التي كانت تُنتج أفلاماً عالمية تصوّر في مصر ويخرجها خليل شوقي. ومنها اكتسبت خبرة الماكيير الإنكليزي والفرنسي والإيطالي. وحالفني الحظّ عندما تعاونت لفترة مع الماكيير الخاص بالنجمة العالمية صوفيا لورين وكان معروفاً برسم الحواجب. فكان يرسم حاجبي صوفيا بالقلم شعرة شعرة، وبعدها تعاونت مع ماكيريين إنكليزيين هما مايكل ونيفل، في فيلمي "الرسالة" و"عمر المختار"، للمخرج المرحوم مصطفى العقّاد، وربطتني صداقة جميلة بآيرين باباس وأنطوني كوين الذي كان يملك روح الطيبة مثل الكبير الراحل عبد الله غيث.
* تعبتم في مشاهد المعارك؟
- كثيراً، لاسيما في تركيب الذقون ومشاهد الدم.
* نجدت أنزور قال في أحد الحوارات إن فيلم "الرسالة" مليء بالأخطاء لاسيما بمشاهد المعارك؟
-"الرسالة" عمل عالمي، وحتّى اليوم هو الرقم واحد بين سائر الأعمال الدينية، ثم لا تنسي اختلاف الفكر والثقافة بين نجدت والمرحوم مصطفى العقاد الذي كان مخرجاً سبق زمانه ووصل إلى السينما العالمية. وكان قبل وفاته يُحضّر لفيلم "صلاح الدين" واتفق معي لكن المنيّة وافته بالحادث الأليم.
*لم تتعاون معه في سلسلة الرعب "هالووين"؟
- لا، فالسلسلة كانت لشركته لكنّ المخرج كان أميركياً، غير أنه كان يستعد لـ"صلاح الدين الايوبي" والتقينا وتحدثنا وأخبرني أنّه كان على زعل مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي بسبب فيلم "عمر المختار". يومها قال لي القذافي بنفسه إنّه لو قرأ سيناريو فيلم "عمر المختار" لما موّله، لأنّ العقّاد أظهر عمر المختار رجلاً محارباً، وهو في الحقيقة كان رجلاً مُفكراً وهناك من ينفّذ خططه. وحاولت أن أقرّب وجهات النظر والتقينا في "كورنتيا"، أحد فنادق طرابلس، وجلسنا مع بعض الاخوة الليبييّن الذين وعدونا بأن يتوسّطوا للعقّاد لدى القذافي ليموّل فيلمه "صلاح الدين"، ومن بعدها سافر الى الأردن ووقع الحادث الأليم الذي راح ضحيته هو وابنته ريما...
* عندما يكبر اسم ماكيور تخاف بعض الجهات الإنتاجية من التعامل معه: هل مررت بتلك الحالة؟
- آه طبعاً، عندما يكبر الاسم حتماً القيمة الفنية ستكبر وكذلك المادية، فالبعض لا يُقدّر ذلك ويسترخص الذهاب إلى التعاون مع مبتدئين. أعرف أنّ هناك جهات إنتاجية تخشى من الاتصال بي، رغم أنّ التعامل معي أبسط مما يتخيلون. حتّى في الشقّ المادي أتقاضى أجر الماكيير العادي، كما أنّني متواضع جداً لأقصى درجة ولا أمانع في تنفيذ ماكياج لممثل ثانوي.
* هل ما زلت تُعلّم الشباب؟
- طبعاً، لا يزال ثمة من يعشق فنّ الماكياج. وكلّ من تعلّم في مدرسة محمد عشوب صار معروفاً، منهم محمد عبد الحميد، شريف هلال، زينب محمد، ورشا عادل. صدّقيني كلّ من يتعامل معي لا أبخل عليه بل أعطيه كل القيمة الفنية والخبرة التي تلقيتها على مدار السنوات الماضية وفي أقصى سرعة، بل وخلال أشهر قليلة. ولطالما حلّوا مكاني في أعمال أعتذر عنها لضيق وقتي ويكون إنتاجهم رائعاً وأسعد بهم لأنّهم يسيرون على نهجي، إن في رسم الكاراكتير أو في التجميل. كما أعلّمهم التواضع، فأنا حتّى اليوم لا أزال تلميذاً مُطيعاً، فكثيراً ما أقف الى جانب ابن شقيقتي محمد عبد الحميد الذي كان تلميذي، وأتعلّم منه ابتكاراً جديداً خصوصاً أنّنا في زمن التكنولوجيا، وهذا ليس عيباً.
* تُعتبر ملك التشويه، لا سيما عندما شوّهت وجه ناديا الجندي في مسلسل "مشوار امرأة" وكان الماكياج مختلفاً عن النسخة الأجنبية retuern to eden؟
- شاهدت النسخة الأجنبية وفيه أكل التمساح وجه المرأة التي يرميها زوجها في البحيرة. لذا من الطبيعي أن يكون الماكياج مختلفاً عن النسخة العربية التي تُظهر المرأة وقد تشوّه وجهها بفعل ضربها بلوح من الزجاج. ومن الطبيعي أن تدخل نثرات الزجاج إلى رقبتها وجسمها بسبب الضغط. فقطعت أنفها. وبعد الحادث في المشاهد التالية أظهرت الورم، ثم مشاهد العملية الجراحية التي أعادت إلى المرأة وجهاً مُختلفاً عن وجهها قبل التشويه. وسأقول لك سراً أنّه في هذا المسلسل تحديداً أرسل بطلبي المنتج محمد فوزي بحضور النجمة ناديا الجندي والمخرج محمد صقر والكاتب مصطفى محرّم الذي قال لي: بصّ يا محمد إنت بوّابة النجاح والفشل لهذا المشهد، وأنا أحمّلك المسؤولية. فقلت له: ربّنا يسهّل. وقرأت السيناريو وصرت أدرس مراحل التشوّه ونفّذتها. وكان مشهداً "ماستر - سين" قوياً عندما نزع الطبيب الضمادات عن وجهها ورأت نفسها مشوّهة تماماً، فأصيبت بحالة هيستيرية، يومها كلّ الناس في مصر اتصلوا بي بعد عرض تلك الحلقة ليسألوني كيف شوّهت جمال ناديا الجندي؟
*جمعتك صداقة جميلة بالمطربة وردة؟
- كان بيننا رحلة عمر وصداقة وحبّ لا مثيل له. لطالما سافرنا معاً إلى لبنان والكلّ يعلم أنّ والدتها لبنانية. وردة كانت جميلة شكلاً ومضموناً وصوتاً رحمها الله.
*ندمت على خوضك غمار الإنتاج، خصوصاً لوردة؟
- أبداً، أنا أرضى بكلّ ما قسمه الربّ لي، سواء كان نجاحاً أو فشلاً.
* من هو الماكيور اللبناني الذي يلفتك؟
- كلود إبراهيم الذي قام بماكياج مسلسل "الملك فاروق". كان رائعاً للغاية، وهو مُرحّب به في مصر دائماً.
- من هي الفنانة التي تتمنى أن تضع لها الماكياج؟
- أعشق فيروز لكنّها ذات كاراكتير خاصّ بها. فهي الملكة المتوّجة على عرش الغناء وصوتها جعلها أجمل امرأة في العالم.
* اليوم ماذا في جعبتك؟
- مسلسل "صديق العمر" لجمال سليمان وباسم السمرة، وهو يتطرّق إلى الصداقة بين الزعيم جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر، ومسلسل "المرافعة"، بالإضافة الى تقديمي برنامج "ذكرياتي"، حيث أتحدّث عن مشواري في فنّ الماكياج وعلاقتي به وبأهل الفنّ والسياسة.