وطلب القاضي ملف علاج محمد سلطان نجل صلاح سلطان للاطلاع عليه، بعد طلبٍ من والده وهيئة الدفاع، بإخلاء سبيله على ذمة القضية.
ووافق القاضي على طلب صلاح سلطان، بالخروج من قفص الاتهام ليقبّل ابنه، ويتحدث إلى المحكمة، حيث حمل القاضي مسؤولية حياة ابنه، وقال إن نجله مضرب عن الطعام منذ شهور، ويعاني من أمراض شديدة الخطورة، وطلب من إدارة السجن أكثر من مرة نقله إلى مستشفى خاص للعلاج على نفقته الخاصة، ولكنها رفضت جميع الطلبات المقدمة.
وفجر الدكتور صلاح سلطان أمام المحكمة اليوم، مفاجأة صادمة للجميع حين أوضح أن ضباطاً في جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) عرضوا على ابنه محمد أن يتم إخلاء سبيله فورا مقابل أن يتنازل عن جنسيته المصرية.
وأشعلت صورة سلطان (الأب وابنه) في قاعة المحكمة اليوم حالة من التعاطف على مواقع التواصل، فنظرة الأسى والقهر بعيني الأب وهو ينحني بجوار ابنه الطريح على سريره، وقبضة الابن الهزيلة وهي تحاول مرهقة التمسك بيد الأب، وهو يواجه تهاوي قوى جسده النحيل بعد إضراب عن الطعام تجاوز 260 يوما.
في سبيل الحرية
ومحمد سلطان، شاب مصري يبلغ من العمر 26 عاماً ويحمل الجنسيّة الأميركيّة، وهو نجل الدكتور صلاح سلطان الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلاميّة في مصر، والمعتقل حالياً.
وحصل محمد على شهادة البكالوريوس في العلوم الاقتصاديّة من جامعة ولاية أوهايو، وكان يعمل مديراً للتطوير المؤسسي في شركة خدمات بتروليّة، وقد عاد إلى مصر خلال ثورة 25 يناير 2011، ليشارك آلاف الشباب المصريين حلمهم بالحياة في وطن حر يحترم كرامتهم ويصون إنسانيتهم.
شارك محمد في اعتصام رابعة العدوية، رافضا انقضاض الجيش على حرية الشعب في اختيار حاكمه، وأصيب في ذراعه برصاصة أثناء فض الاعتصام في 14 أغسطس 2013.
تم اعتقاله في 25 أغسطس 2013 من منزله، بعد مداهمة السلطات المصريّة له بحثاً عن والده، ثم استخرجت مذكرة اعتقال في 27 من الشهر ذاته، بعد يومَين من حبسه، وتم نقل محمد أثناء التحقيقات إلى خمسة سجون ومراكز شرطة مختلفة، في أثناء ذلك تم تعذيبه وعصب عينيه مرات عديدة.
واضطر محمد إلى إجراء عمليّة جراحيّة في ذراعه التي أصيبت خلال فض اعتصام رابعة، بعدما رفضت السلطات المصريّة نقله إلى مستشفى لينال الرعاية اللازمة. وتعرض جرحه للتكشف مرّة أخرى، ما اضطر أحد رفاقه في السجن لإجراء عملية له بدون تجهيزات أو تعقيم أو تخدير.
ورأى نشطاء أن صورة الرجلين في قاعة المحكمة، مع الحديث عن مقايضة ضباط أمن الدولة لحرية سلطان مقابل التنازل عن جنسيته المصرية، تسير باتساق تام وتعبر عن الحالة التي تعيشها مصر، وتجسد المعادلة التي ترسخها العقلية الأمنية التي تدير البلاد، أنّ أمرين لا يجتمعان على أرضها (جنسيتنا والحرية).