20 أكتوبر 2024
محمد بن سلمان في لندن
تسير خطوات الأمير السعودي الشاب محمد بن سلمان بقدر لا بأس به من التخطيط، وهو الذي أصبح فجأة ولي عهد ملكٍ في الثانية والثمانين عاما. تحدث الأمير مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بلغة المال التي يفهمها، فأمّن له تحقيق ما وعد به في أثناء حملته الانتخابية، حين حوَّل المليارات إلى الخزائن الأميركية، في مقابل لا شيء تقريباً، لكنه ضمن لنفسه كرسي المُلك بعد عمر طويل.
حارب محمد بن سلمان على الجبهة الداخلية بطريقة مبتكرة، فقبض على مجموعةٍ من رجال الأعمال، وكان بعضهم مرشحاً لكرسي الملك، وحبسهم في فندق بسبعة نجوم، ثم أطلقهم متفرقين، بعد أن فهموا جميعاً أنه الملك القادم، وعليهم أن يتعاملوا معه على هذا الأساس.
تم استيعاب الدرس، بعد أن فقد الموقوفون بضعة كيلوغرامات من أوزانهم. أما الصورة الموجهة إلى الخارج عن المملكة، فقد اعتمدت على جملة من "الإصلاحات" الشعبية التي ترضي الجمهور، ولا تؤدي إلى سخط كبير من الدعاة والمشايخ. وعند هذه النقطة، جاء دور الانطلاق إلى لندن.
حط الأمير الشاب في عاصمة الضباب، وفي جعبته المناصب التالية: ولي للعهد، ونائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير للدفاع، ورئيس لمجلس الاقتصاد الأعلى، ورئيس مجلس شركة أرامكو النفطية، وعضو في مجلس الشؤون السياسية والأمنية. بهذه الصفات كلها زار لندن التي ردّت بإعطاء إشاراتٍ بأنها تتعامل مع رجل ذي شأن كبير، فقد التقته الملكة إليزابيث على الغداء، وهو شرفٌ لا يحظى به إلا الرجل ذو المنصب رقم واحد في بلده، ثم التقى نجلها ولي العهد تشارلز، وابنه وليام وزوجته كيت، أما رئيسة مجلس الوزراء البريطاني، تيريزا ماي، فقد التقاها في يوم المرأة العالمي.
تَظهر الحفاوة الزائدة عن الحد من السيارات الإعلانية التي جابت شوارع لندن بألوان مضاءة ترحب بولي العهد، ومفيدٌ التذكير بخيار تيريزا ماي، وهو الخروج من الاتحاد الأوروبي، وها هي تطمح إلى الكسب المريح من دون تعقيدات ذاك الاتحاد وقيوده، من خلال علاقات تجارية مريحة مع السعودية، وعينها على الصفقات الهائلة التي حققها ترامب، وها هو ولي العهد يأتي بقدميه إلى لندن، فقد تكون الصفقات هنا غير معقدة.
يرغب ولي العهد السعودي بتثبيت نفسه تمهيداً لعقد الصفقات، ويرغب البريطانيون بعقد الصفقات مع الرجل الأول، وإذا كان في أيديهم جزء من شرعيته، فلم لا يعطونها له من الآن؟
لم يؤثر على المشهد خروج عشرات المتظاهرين إلى الشوارع تنديداً بالزيارة، فهؤلاء لن يلبثوا أن يعودوا إلى منازلهم، بعد أن يبارح الأمير المطار وعنده العقود كلها، والمشاريع المرتقب إقامتها قد وقعت وانتهى الأمر.
يرغب الأمير بتطوير الاقتصاد السعودي، وهو يبحث عن أفضل مشترٍ لما مقداره 5% من أسهم شركة النفط العملاقة، أرامكو، التي يحتل هو المركز الأول فيها. كما يبحث عن بورصة ليدرج فيها أسهم الشركة، وحاول ترامب أن يشوّش على الأمر بإطلاق تغريدة يرحب فيها بالأسهم الثمينة في بورصة نيويورك، فيما يسيل لعاب بورصة لندن على الصيد نفسه، بالإضافة إلى التنقيب في الاقتصاد البريطاني عن فرص أخرى، يكمل فيها ولي العهد مخططه "التحديثي"، ومحاولة تنويع الاقتصاد النفطي القائم على الإنفاق فقط. في مقابل داخل سعودي، يحتفي بإعلانات متفرقة ومتباعدة، بدأت بالسماح بقيادة المرأة السيارة، ثم دخولها الملاعب، ثم السماح بإقامة الحفلات العامة مع منع الرقص فيها، وربما يأتي القرار التالي بالسماح بالرقص. وخلال هذا الوقت الذي تقطر فيه حقيبة ولي العهد بتلك "العطايا" قطرة قطرة، ما زالت السعودية تنتظر التحول الحقيقي الذي يمكن بعده أن يقوم الأمير برحلات إلى الخارج، وخصوصا إلى أوروبا، من دون أن تسير مظاهرات تندّد بوجوده.
حارب محمد بن سلمان على الجبهة الداخلية بطريقة مبتكرة، فقبض على مجموعةٍ من رجال الأعمال، وكان بعضهم مرشحاً لكرسي الملك، وحبسهم في فندق بسبعة نجوم، ثم أطلقهم متفرقين، بعد أن فهموا جميعاً أنه الملك القادم، وعليهم أن يتعاملوا معه على هذا الأساس.
تم استيعاب الدرس، بعد أن فقد الموقوفون بضعة كيلوغرامات من أوزانهم. أما الصورة الموجهة إلى الخارج عن المملكة، فقد اعتمدت على جملة من "الإصلاحات" الشعبية التي ترضي الجمهور، ولا تؤدي إلى سخط كبير من الدعاة والمشايخ. وعند هذه النقطة، جاء دور الانطلاق إلى لندن.
حط الأمير الشاب في عاصمة الضباب، وفي جعبته المناصب التالية: ولي للعهد، ونائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير للدفاع، ورئيس لمجلس الاقتصاد الأعلى، ورئيس مجلس شركة أرامكو النفطية، وعضو في مجلس الشؤون السياسية والأمنية. بهذه الصفات كلها زار لندن التي ردّت بإعطاء إشاراتٍ بأنها تتعامل مع رجل ذي شأن كبير، فقد التقته الملكة إليزابيث على الغداء، وهو شرفٌ لا يحظى به إلا الرجل ذو المنصب رقم واحد في بلده، ثم التقى نجلها ولي العهد تشارلز، وابنه وليام وزوجته كيت، أما رئيسة مجلس الوزراء البريطاني، تيريزا ماي، فقد التقاها في يوم المرأة العالمي.
تَظهر الحفاوة الزائدة عن الحد من السيارات الإعلانية التي جابت شوارع لندن بألوان مضاءة ترحب بولي العهد، ومفيدٌ التذكير بخيار تيريزا ماي، وهو الخروج من الاتحاد الأوروبي، وها هي تطمح إلى الكسب المريح من دون تعقيدات ذاك الاتحاد وقيوده، من خلال علاقات تجارية مريحة مع السعودية، وعينها على الصفقات الهائلة التي حققها ترامب، وها هو ولي العهد يأتي بقدميه إلى لندن، فقد تكون الصفقات هنا غير معقدة.
يرغب ولي العهد السعودي بتثبيت نفسه تمهيداً لعقد الصفقات، ويرغب البريطانيون بعقد الصفقات مع الرجل الأول، وإذا كان في أيديهم جزء من شرعيته، فلم لا يعطونها له من الآن؟
لم يؤثر على المشهد خروج عشرات المتظاهرين إلى الشوارع تنديداً بالزيارة، فهؤلاء لن يلبثوا أن يعودوا إلى منازلهم، بعد أن يبارح الأمير المطار وعنده العقود كلها، والمشاريع المرتقب إقامتها قد وقعت وانتهى الأمر.
يرغب الأمير بتطوير الاقتصاد السعودي، وهو يبحث عن أفضل مشترٍ لما مقداره 5% من أسهم شركة النفط العملاقة، أرامكو، التي يحتل هو المركز الأول فيها. كما يبحث عن بورصة ليدرج فيها أسهم الشركة، وحاول ترامب أن يشوّش على الأمر بإطلاق تغريدة يرحب فيها بالأسهم الثمينة في بورصة نيويورك، فيما يسيل لعاب بورصة لندن على الصيد نفسه، بالإضافة إلى التنقيب في الاقتصاد البريطاني عن فرص أخرى، يكمل فيها ولي العهد مخططه "التحديثي"، ومحاولة تنويع الاقتصاد النفطي القائم على الإنفاق فقط. في مقابل داخل سعودي، يحتفي بإعلانات متفرقة ومتباعدة، بدأت بالسماح بقيادة المرأة السيارة، ثم دخولها الملاعب، ثم السماح بإقامة الحفلات العامة مع منع الرقص فيها، وربما يأتي القرار التالي بالسماح بالرقص. وخلال هذا الوقت الذي تقطر فيه حقيبة ولي العهد بتلك "العطايا" قطرة قطرة، ما زالت السعودية تنتظر التحول الحقيقي الذي يمكن بعده أن يقوم الأمير برحلات إلى الخارج، وخصوصا إلى أوروبا، من دون أن تسير مظاهرات تندّد بوجوده.